السؤال
السلام عليكم
أنا شاب في مقتبل العمر (20 سنة)، أدرس في الجامعة، لدي مشكلة، أشعر بسببها بذنب وتأنيب ضمير، وأشعر أني أعاقب بسببها، مع أني في ذات الوقت أشعر بأني لم أخطئ أو أذنب ولم أعط أي وعود، ولم أعلق أي أحد بي.
المشكلة هي أن هناك فتاة في نفس عمري تقريبا، أعرفها منذ زمن بعيد من قبل سن مراهقتي حتى طول فترة تعاملي وفتراتي معها، كل ما كان بيننا عبارة عن كل خير وطيبة واحترام وحسن حلق.
مرت الأيام وتوطدت وتقربت العلاقة، وتكسرت بعض الحواجز وزاد الاحترام المتبادل، لكن لم أحسب حساب أن هذه الفتاة التي أعتبرها كأخت لي قد تعلقت بي بمرور الأيام كثيرا، وأحبتني بطريقة ترى بها حياتها الباقية ومصيرها مرتبط بي ومعي كزوج لها.
الآن حالتي أني أعرف أن هذه الفتاة التي أكن لها كل الاحترام لن تكون لي ولا من نصيبي في يوم من الأيام، بأسباب كثيرة من الأسباب التي لا حصر لها، وهي حالتها أنها معلقة كل أحلامها ومصيرها بي!
كيف أتصرف؟ أشعر بالتأنيب وكأني تلاعبت بمشاعر شخص، مع أني كما ذكرت لم أعط أي وعود أو تصاريح أو دلالات لتعليق مصير شخص بي.
حاولت أن أنسحب نوعا ما، وأخفف من تواصلي بها، وأتعامل بتعامل رسمي فقط، يدل على وضوح تام في الرأي والموقف، لكن لا فائدة فهي متعلقة بي جدا.
الآن أنا في حيرة من أمري، ما العمل؟ أشعر بالذنب ويجب أن أعيد كل شيء لوضعه ونصابه الصحيح.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد اللطيف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونشكر لك هذا التأنيب الذي حملك على التواصل معنا، ولذلك حثت الشريعة على أن تباعد بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال، والمرأة صادقة في مشاعرها، فكثيرا ما تفهم تقرب الرجل منها على أنه فعلا إعجاب بها، وهذا مما ينبغي أن ينتبه له الشباب، ومن هنا كان الإسلام حريصا على أن يباعد بين الرجال وبين النساء، وقال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) وجعل علاقة الرجل بالمرأة محكومة بضوابط بينها لنا في الكتاب وفي السنة.
فلست أدري ما الذي جعل هذه العلاقة تتكون؟ وما الذي أباح لك أن تقترب منها؟ وما الذي أباح للحواجز أن تنكسر.
على كل حال إذا كانت هناك موانع من الزواج فعليك أن تغيب من حياتها، وتسأل الله لها التوفيق، وتبتعد عنها، ونحن ندرك أن هذا قد يواجه عندها بمرارة وألم، لكن الألم والمرارة أخف كثيرا من الآلام في الذنوب التي يمكن أن تحدث في حالة تمادي في علاقة لا تنتهي بالزواج.
الإسلام دين لا يعترف بعلاقة في الخفاء، لا يعترف بصداقة أو زمالة كما يقال بين الرجال والنساء، لا يعترف بعلاقة لا يكون هدفها الارتباط أو الزواج، بشرط أن تكون علاقة معلنة، وعبر مجيء البيوت من أبوابها، وأن تكون العلاقة أيضا محكومة بقواعد وضوابط الشرع الذي لا يبيح حتى للخاطب أن يخلو بمخطوبته أو أن يتوسع معها في الكلام، وطبعا الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في الكلام، وأنتم الآن لم تصلوا حتى إلى هذه المرحلة.
لذلك أرجو أن تبتعد عنها إن كنت لا تريد فعلا الارتباط، وعليك أن تطوي هذه الصفحة، وتبتعد عنها، ونقترح عليك إذا كان الذي يجمعكم عملا فابحث عن عمل آخر إن استطعت، إذا كان الذي يجمعكم شارعا فابتعد عن هذا الشارع واتخذ طريقا آخر.
حاول أن تبتعد عن عينها وأن تبتعد عن حياتها، حتى تتيح لها فرصة التفكير بطريقة صحيحة، وإن كان ليس هناك موانع وتستطيع أن تأتي بيتها من الباب وتقابل أهلها الأحباب وكانت صاحبة خلق ودين ومناسبة لك وتجد في نفسك ميلا لها فلا مانع من تصحيح هذا الوضع بالإقبال عليها وطلب يدها رسميا.
أما إذا كان الحال - كما ذكرت – وهناك موانع كبيرة وأن الجمع بينكما والاجتماع كأنه مستحيل وصعب فالآن لا تعبث بمشاعرها، الآن عليك أن تخرج من حياتها، الآن عليك أن تدعو الله تبارك وتعالى لها، الآن عليك أن تبتعد عنها؛ ويجب أن تدرك وتعرف أنه لا مجال للتلاعب، حتى لا تنتظرك وتنتظر السراب، ومع ذلك نحن نقول إنها ستواجه صعوبة، لكن ينبغي أن تدرك أن الصعوبة الآن أيسر بآلاف وملايين المرات من التمادي في المخالفة، وأيسر من الصدمة التي كانت ستحدث بعد ذلك إذا تأخر الأمر أكثر من هذا.
لذلك نتمنى دائما أن يكون الشباب واضحين في علاقاتهم، وأن يجعلوا أول الخطوات هو إعلان الرغبة الفعلية ورغبة الارتباط الفعلي، وليس العبث بالمشاعر، والواحد منا لا يرضى مثل هذا لأخته، فلماذا نرضاه لبنات الناس.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكر لك هذا الحرص الذي دفعك للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
والله الموفق.