السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي في الله: لا أعرف من أين ابدأ، يمكن أن يكون تفريغا لما أنا فيه أكثر من استشارة.
أنا -يا إخوتي- عندما كنت بعمر 18 عاما، تقدم لخطبتي ابن عمي -يكبرني ب13 عاما- رفضته رفضا قويا، ليس لعمره وإنما لشكله، فهو بدين جدا جدا؛ حيث كان وزنه يتعدى 130 كيلو (اليوم يتعدى 150 كيلو)، المهم تم فرضه علي، وتمت الخطبة والزواج.
لأكون منصفة فقد كان جدا لبقا في تعامله معي، رحيما، إنسانيا، اليوم مضى على زواجنا 11 عاما وشكله يزداد سوءا، وأصبح عصبيا جدا جدا، لا يتحمل حتى الحديث معه.
مختصر الحديث أنا لا أحبه، وأخجل من شكله، حتى إني لا أحب المشي معه في الأماكن العامة، ولا أحب أن يراه أحد، وإن رآه أحد من معارفي تظهر على وجوهم معالم الاستغراب والأسئلة المحيرة.
إن ذهبت إلى مكان عام أحاول ألا جلس معه، وأجلس بعيدا؛ لأن الجميع ينظرون إليه، علما بأني أعتبر من الجميلات في مجتمعي شكلا وقواما.
حاولت كثيرا ومرات عدة أن يعمل رجيم، أو أن يذهب لأخصائي تغذية، أو أن يشترك في نادي رياضي، فيرفض بشدة، بل أحيانا يغضب.
أحيانا أفكر كثيرا بالانفصال عنه، لكن أطفالي الأربعة ما ذنبهم، غير ذلك مجتمعي يرفض هذه الفكرة.
غير شكله السيء، طباعه أصبحت أكثر سوءا: عصبي جدا، في النادر يتحدث معي، عصبي مع أولاده، أحيانا أقول: الله يسامح أهلي.
بالمختصر أريد منكم الدعاء لي بالصبر والسلوان على ما أنا فيه، وزيادة الرزق؛ لأني أعتقد أن لا حل هناك، فقط تفريغا لما أنا فيه.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك –ابنتنا- في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل المستمر، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونتمنى ألا تغتمي وتهتمي بكلام الناس، فإن المرأة قد تسعد مع الرجل مهما كان شكل الرجل، ومهما كان حاله، ونحن حقيقة ما نريد أن نقف طويلا أمام العيوب -الأشياء الخلقية- هذا طويل، هذا متين، هذا قصير، هذه كذا؛ لأن هذا مما يشوش على الحياة الزوجية، وخاصة عندما يكون الإنسان متأثرا بالأشياء الخارجية، وماذا يضره إذا نظر الناس إليه؟ هو أيضا سينظر إليهم، وكلنا ذلك الناقص الذي فيه من العيوب ما لا يعلمه إلا علام الغيوب.
لا تظني أن هناك إنسانا بلا عيوب، فقد تبتلى المرأة برجل جميل المظهر والمنظر لكنه ناقص الرجولة، لكنه يسيء إليها، لكنه مقصر في حقها، لكنه لا ينفق عليها، لكنه يضربها ويؤذيها، فالبيوت فيها أسرار كثيرة، وإذا كنت تعانين من هذا الجانب فإن الجارات الأخريات ربما يعانين مما هو أشد، وربما يكون أخطر، ولذلك كم هو سعيد من يرضى بقضاء الله وقدره، وكم هي سعيدة من تتأقلم مع واقعها ومع زوجها الذي اختارها واختارته، الذي رضيها من بين سائر النساء، ونحن كما قلنا الإنسان ليس بأغنامه ولا بعقاره، ولكن الإنسان بنفسه، والساذج في الناس من رضي أن يقال له (كم أنت) بدلا من أن يقال له (من أنت).
إذا كان الزوج إنسانا ومحترما ويقدرك -وأنت تقولين أنه لبق ويحاور- فأرجو أن تستمري معه في هذا الطريق، وتحاولي أن تجاريه بنفس الطريقة، ولا تشعريه بجوانب الخلل بين الفينة والأخرى، فإن هذا يجلب الكراهية ويجلب النفرة، واعلمي أنك إذا سترت عليه سيستر عليك، وكلنا معشر البشر فينا نقائص وفينا إيجابيات وفينا سلبيات، وطوبى لمن غمرت سيئاته في بحور حسناته، فمن الذي ما ساء قط؟ ومن له الحسنى فقط؟
لذلك نحن نتمنى أن تتعاملي مع الوضع بنفس الحماس ونفس النضج ونفس العقل الذي دفعك بداية للقبول به، ونفس العقل الذي دفعك لكتابة هذه الاستشارة المرتبة، وهذا التواصل مع الموقع.
(نحن نشجعك على مواصلة نصحه بالتي هي أحسن في جانب البحث عن أسباب التخلص من البدانة بقدر ما يستطيع، فالإسلام يرشد إلى الأخذ بالأسباب ويرشد إلى الأسباب الصحة أسباب الوقاية أسباب العلاج)، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك وله التوفيق والسداد، وندعوك إلى أن تتمسكي بأسرتك أكثر، وتقتربي من هذا الرجل أكثر، وتتذكري محاسنه وتضخميها، ونسأل الله أن يديم بينكما مشاعر الألفة والمحبة، هو ولي ذلك والقادر عليه.