تخوف المرضى وذويهم من تناول الأدوية النفسية وآثارها الجانبية، هل هو صحيح؟

0 311

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
دكتورنا العزيز: محمد عبد العليم

جزاك الله خيرا لما تبذله من مجهود في إيجاد الحلول لمشاكل الناس، جعلها الله في ميزان حسناتكم.

أنا صاحب الاستشارة رقم: (2166070)، أنا لدي اقتناع كبير بكلامك، ولكن لدي مشكلة بسيطة مع أبي الذي تفاعل معي ووضع يده في يدي، ولكن يخاف من تناولي لهذه الأدوية التي هي في مفهومه تسبب الإدمان والخلل الوظيفي للدماغ مستقبلا، وغيرها من الأعراض، ولم أتناولها، مع العلم أنني أتحسن أياما وأعود لحالتي أياما، ودخلت ناديا رياضيا، واجتهدت في مقابلة الأقارب والأصدقاء.

أتمنى منك -دكتورنا الفاضل- التكلم ولو قليلا عن هذه الأدوية، لكي يتغير مفهوم الناس عنها وأطلع والدي عليها، فأنا مقبل على مقابلة شخصية وحياة وظيفية، ولا أحب أن تستمر هذه المشكلة، وأريد أن أقتلعها من جذورها.

وآسف على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أقدر لك ثقتك مرة أخرى في هذا الموقع وبشخصي الضعيف، وأنا أجد كل العذر لوالدك حول تخوفه من الأدوية النفسية؛ وذلك لسبب بسيط وجلي، وهو أن الأدوية النفسية ليست كلها واحدة، وإذا رجعنا لتاريخ الطب النفسي حين ظهر، فعقار (الباربتون) حين ظهر عام (1932) هذا الدواء كان يمثل فتحا كبيرا في عالم الطب النفسي، ولكن اتضح بعد ذلك أنه إدماني، وظهرت بعد ذلك أدوية، ولكن ظهر أيضا أن مشاكلها كثيرة، وظلت الأمور متطورة، حتى أتى عام (1962) حين ظهر عقار (إمبرمين Imipramine) وهو من أفضل مضادات الاكتئاب، هذا الدواء كان يتميز بآثار جانبية أقل، مما أقنع كثيرا من المعالجين والجمهور أن الطب النفسي فعلا أصبح يقدم الكثير، ليس هو الطب الذي كان يعتمد على العلاج الكهربائي في بعض الأحيان، وإعطاء المرضى جرعات من البنسلين حتى يدخلوا في غيبوبة، فأصبحت الأمور متغيرة، وهكذا صار التطور بخطوات ثابتة وقوية، ثم ظهرت بعد ذلك مشكلة البنزودايزين، مثل عقار فاليم مثلا، وهي أدوية ممتازة وفاعلة، لكن -بكل أسف- أسيء استخدامها، حيث اتضح أنها إدمانية.

هنالك جانب آخر وهو محور مهم، أن بعض الأمراض النفسية هي أمراض مطبقة ويحتاج المريض لتناولها لفترات طويلة، مما يعطي انطباعا أن هذا المريض مدمن على هذه الأدوية، وهذه الأدوية لها آثار جانبية كثيرة، حيث تجد أنه يحدث فيها تخدير في الكلام وزيادة الوزن، وعدم الفعالية، وهذا كله ينتج من هذه الأدوية، ولكن الشيء المهم الذي أستطيع أن أقوله لك: إن الأدوية التي تعطى أصبحت تقوم على أساس علمي وأسانيد، وليس هنالك طبيب أمين وصادق يتجرأ أن يصف دواء يضر الناس، كما أن كيمياء الدواء قد اتضحت، وأصبحت شركات الأدوية تتسابق لتعطي الأدوية ذات القيمة وغير الإدمانية في ذات الوقت.

أيها الفاضل الكريم: أعتقد وأجد أن أحسن وسيلة لإقناع والدك هو أن يذهب معك للطبيب النفسي، وأنا على قناعة كاملة أنك تحتاج للعلاج الدوائي كجزء من رزمتك العلاجية الكاملة، وربما يكون الدواء محورا رئيسيا لك.

عقار زيروكسات: هذا العقار يستعمل منذ 20 عاما، وهو ينتمي للأدوية الحديثة نسبيا، وقد غير حياة الناس تماما، وجرعته وآثاره الجانبية معروفة، والتي تتمثل في زيادة الوزن، وقد يؤدي إلى تأخر القذف لدى المتزوجين عند المعاشرة الزوجية، لكنه لا يؤدي للعقم، وحين نأخذ مميزات هذا الدواء نجد أنه غير إدماني، ولا يؤثر على القلب أو الكلى أو الدماغ، إلا تأثيرا إيجابيا؛ لأنه يؤدي إلى نوع من تنظيم دقيق للمؤثرات العصبية، فهو من هذه الناحية دواء ممتاز وفاعل.

أما بالنسبة للإندرال فهو دواء بسيط وله عدة استعمالات، فيستعمل لأمراض القلب، وزيادة نشاط الغدة الدرقية، ويستعمل لعلاج ضغط الدم، لكن هذا كله يعتمد على الجرعة، فاستعماله بجرعات صغيرة نجد أنه يخفف من وطأة الأعراض الفسيولوجية المصاحبة أحيانا للقلق والتوتر والاكتئاب النفسي والمخاوف.

أخي الكريم: نحن أمام منظومة علمية متكاملة، وأنا دائما أقول أن الدواء النفسي يجب أن يوصف بعد التأكد من التشخيص، أي أن يكون التشخيص صحيحا، والدواء صحيحا، والجرعة صحيحة، ويسأل الإنسان من الله أن ينفعه بهذا الدواء، يجب أن تنتهج هذا المنهاج حين تناول هذه الأدوية.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات