السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة في جامعة، وأدرس عن طريق التعلم عن بعد، وفي كل مرة أدخل وقت الاختبارات لأرى أسئلة المراجعة، أو ما يطلبه الدكتور، فأتابع الطالبات والطلاب في المواضيع التي تخص قسمي، وفي هذا الفصل دخلت موقع الجامعة وظهر لي إعلان وفاة، فقلت سأدخل لأرى من وأترحم عليه سواء بنتا أو ولدا، وكان هذا اليوم قبل اختبارنا، ولم أدرس جيدا، كان الخبر عن وفاة طالب معنا في التخصص، جاءتني صدمة عنيفة وما قدرت أكمل الموضوع، شعرت كأن واحدا من أهلي مات، حزنت حزنا شديدا، وصرت أبكي عليه، ومن أول ما قرأت الخبر إلى اليوم هذا وأنا كل ليلة أبكي عليه، ولا أستطيع نسيانه مع أني لم أدخل له موضوعا قط، ولا مرة ساعدني في شيء أو تواصلت معه، لكن لا أدري ما بي، دائما في حزن عليه وأبكي كل يوم، وكل يوم يزيد حزني أكثر، وعاهدت ربي أني أفعل أي عمل خير له والله يتقبل، لكن أنا تعبت، تفكيري تعب ونفسيتي تعبت أكثر.
مرت أيام الاختبارات كلها ولم أدرس فيها بشكل جيد من تفكيري وحزني عليه، لا أدري ما السبب؟ أريد شيئا يريحني، لماذا هو بالذات الذي حزنت عليه كل هذا الحزن؟ صرت أتمنى الموت فقط لأكون في العالم الذي هو فيه! أنا أكتب وأنا أبكي والله، قلبي مقهور على فراقه، أتمنى لو أعرف بيتهم لأذهب لهم وأخبر أمه أني أفكر فيه، وأني أبكي الليل عليه، والله إني لو أراه أمامي حيا لضممته مثل أخي، قلبي محروق، لا أدري ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جواهر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على الكتابة إلينا، والتواصل معنا.
يميل بعض الناس إلى شيء من الحساسية في شخصيتهم، ويبدو أنك واحدة من هؤلاء، حيث تتأثرين بالأحداث والكلام الذي يجري من حولك، وأتمنى لو عندنا الكثير من هؤلاء!
ونرى عادة هذا الشخص يفكر طويلا فيما جرى أو فيما قيل له أو أمامه، وقد ينفعل وحتى بالشكل الجسدي من البكاء وحتى ارتجاف بعض عضلاته وذلك من شدة التأثر والارتباك.
إن ما تمرين به هي حالة من أسى الفقدان، والموضوع ليس فقط مقتصر على وفاة هذا الشاب، وستستغربين من هذا الكلام للوهلة الأولى.
إن ما شعرت به، وربما شعر به آخرون لا تعرفينهم لوفاة هذا الشاب أو غيره من الناس، إنما هو انفعال وتأثر للأحداث الكثيرة التي نعيشها كلنا يوميا على شاشات التلفاز، ومن أوضحها ما يجري لشعب سورية الجريح، حيث نشاهد الأحداث الدامية، من قتل النساء والأطفال والكهول، وبشكل يومي، وبالمئات، ولن نستطيع أن نمد لهم المساعدة بشكل مباشر، فأنت والكثير من الناس عندهم مشاعر أسى وحزن، ولأكثر من سنتين، تصوري!
ومن ثم تأتي حادثة صادمة لك، وخبر وفاة هذا الشاب، وصحيح أنك لم تتعاملي معه من قبل، إلا أنه وبشكل ما كان "قريبا" منك، كونه في نفس التخصص، فنبشت هذه الصدمة الأحزان الكثيرة الدفينة من متابعة الأحداث الكثيرة المؤلمة، وربما بعض الأحداث في حياتك الخاصة، والتي ربما لم تصل لدرجة أنها أحدتث كبيرة، إلا أنها كلها مؤثرات عاطفية متراكمة، فكانت صدمة وفاة هذا الطالب الشاب الصدمة التي حركت الكثير.
وما يعينك على التكيف مع هذا الحال عدة أمور ومنها الانتباه لهذا الأمر الذي ذكرته، وبهذا المعنى يكون حزنك هذا صحي؛ حيث يساعدك على تفريغ الكثير من الشحنات العاطفية والمشاعر المكبوتة.
الأمر الثاني: الذي يمكن أن يعينك هو أن تذكري أنك في الـ 25 من العمر، وأن أمامك الوقت لتتجاوزي هذا الحال، وخاصة إن بادرت باتخاذ بعض الخطوات التي تعينك على تجاوز هذا.
وهذا الحزن أو الأسى سيأخذ حده، ومن ثم يبدأ بالتراجع شيئا فشيئا.
وثالثا: مما يعينك أيضا وخاصة عندما تشعرين بأن الارتباك قادم، وهو القيام ببعض تدريبات الاسترخاء، من مثال الجلوس في حالة استرخاء وتلاوة بعض آيات القرآن الكريم والدعاء، والقيام بالتنفس العميق والبطيء، فهذا سيساعدك على تخفيف هذه الأعراض.
وفقك الله ويسر لك تجاوز ما أنت فيه، وما هي إلا مرحلة عابرة، وستتجاوزينها، وفي وقت قصير، وربما بعد انتهاء امتحانات آخر العام، أو بعده بقليل.
وأحسن الله إليك في دعائك لهذا الشاب، وأموات المسلمين.