أريد أن يحبني الله ويرضى عني.. فماذا أفعل؟

1 1051

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنت آتي هنا وأستشير في بعض الأمور، و-الحمد لله- استفدت كثيرا، وأحب أن أشكركم على كل شيء.

أنا طالبة في المدرسة، و-الحمد لله- هداني الله إلى طريق الحق، وتقربت من الله، وشعرت بالراحة، على الرغم من أن الوساوس والشكوك بقيت معي، كنت أحافظ على قيام الليل في رمضان, وصلاة الفجر أيضا، كان كل همي رضى الله عني، وكنت أحاول قدر الإمكان أن لا أرفع صوتي أو أدخل في أي شجار، ولكني بدأت أشعر ببعدي عن الله شيئا فشيئا، وذلك منذ أن بدأت المدرسة.

الحمد لله أحافظ على الصلوات، ولكني لم أعد أشعر بحلاوة ولذة الصلاة والإيمان، أشعر أني لا أصلي بخشوع، وهذا يضايقني كثيرا، حتى عندما أقرأ القرآن لم أعد أشعر بأي لذة، حتى أنني سريعة الغضب فأغضب بسرعة.

أنا حقا لست راضية عن نفسي، حتى أنني أريد أن أقوم الليل، ولكني لا أعرف كيف، وأنا أعلم أن الله لا يوقظ عباده الذين يقومون بالمعاصي؛ لأن قيام الليل شرف المؤمن.

أنا لا أدري كيف أحب طاعة الله، وأطيع الله على أكمل وجه، وأترك كل المعاصي والمنكرات، وكيف أشعر بالراحة والطمأنينة، وأقوم الليل.

قبل أسابيع كان هناك امتحان، وأنا دعوت الله كثيرا، ولكني لم أحصل على العلامة التي أريدها فحزنت كثيرا، ولكني في النهاية حمدت الله فهل هذه عقوبة؟

منذ أن تبت لم أنقطع عن الاستغفار وذكر الله ولكني ضائعة، لا أدري ما هو الصح من الخطأ؟ ولا أدري كيف أكون من عباد الله الصالحين؟ وأوقن أنه يحبني؟ وأنه راض عني, أريد أن أحافظ على النوافل والصلوات وأشعر بلذتها.

أريد أن أتقرب من الله وأرتاح وأبقى على هذا الطريق, فكيف أكون متفائلة؟ كيف أتفاءل بمستقبل مشرق؟ كيف أرضي ربي وأكسب مغفرته وحبه لي؟

وهناك أمر آخر: أنا لا أضع شيئا على وجهي، لا شيء نهائيا، ولكن عندما أرى بقية الفتيات يضعن شيئا على وجوههن أو يضعن مرطبا ذا لون، يجعلني ذلك أفقد ثقتي، فهل كان نساء المؤمنين يضعن شيئا على وجوههن؟

حتى أنني بدأت أقارن نفسي بالآخرين، فأنا متعبة جدا، فكيف أكون مرتاحة البال؟ وكيف أشعر بالسكينة والطمأنينة؟ كيف أمشي على الطريق الصحيح؟ ماذا أفعل؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ آمنة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنرحب بك ابنتنا الفاضلة في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وهنيئا لمن رغبت في محبة الوهاب، نسأل الله أن يرزقك الإخلاص في القول والعمل، ونذكرك بأن ما عند الله من الخير لا ينال إلا بطاعته، وقد عرفت طريق الخير وذقت حلاوة القيام والصيام لله تبارك وتعالى، ومفتاح الحلول بالنسبة لكل ما ذكرت هو الاستمرار في الطاعة والاستقامة على شرع الله، والمواظبة على ذكر الله تبارك وتعالى.

إن هذه مفاتيح الطمأنينة والسعادة، والسعادة التي بحث عنها الناس في المناصب وفي الأموال وفي الزواج وفي الذهب والفضة وفي الخيل المسومة والأنعام والحرث؛ لم يجدها إلا ذلك المؤمن الراضي بقضاء الله وقدره، المواظب على ذكره وشكره وحسن عبادته، خاصة ذكر الله تبارك وتعالى هو ميدان وبعث الطمأنينة، وهو الخلاصة من العبادات، فإن ربنا أراد أن يطاع فلا يعصى، وأراد أن يذكر فلا ينسى، وأراد أن يشكر فلا يكفر، فشرع هذه الطاعات سبحانه وتعالى، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

فواظبي على الطاعات، واعلمي أن اللذة في العبادة لا تنال إلا بالاستمرار؛ لذلك ورد عن السلف ممن قال: (جاهدت العبادة عشرين سنة، ثم تلذذت بالعبادة عشرين سنة)، فهو يجاهد نفسه في الخشوع والعبادة حتى يجد لذتها، فلذة العبادة لا تنال إلا بالاستمرار في طاعة الله تبارك وتعالى، فحاولي أن تعاندي الشيطان، وتستمري على التلاوة، وتستمري على الصلاة، وتجتهدي في استحضار الخشوع حتى يأتيك الخشوع، حتى تأتيك اللذة، لذة العبادة، وثمرة العبادة لا تنال إلا بالمجاهدات، وإلا بالإصرار على طاعة الكبير المتعال، والمضي في هذا الطريق وهذا الدرب.

ونتمنى أيضا أن تدركي أن الإنسان ينبغي أن يعامل الناس من منطلق هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، وتجنبي المقارنة بالأخريات، فإن هذا فيه ظلم لنفسك وظلم لهن؛ لأن كل واحدة من الأخوات ومن البنات ومن الرجال والنساء وهبهم الله مواهب مختلفة، ثم قال: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}، فالسعيد هو الذي يعرف المواهب التي وهبه الله إياها، ويعرف النعم التي أنعم الله بها عليه وأنزلها عليه وتفضل بها عليه، فإذا أدى شكر ما أولاه الله من نعم نال بشكره المزيد؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}.

وما ينبغي أن تحزني إذا وجدت الزينات على أوجه البنات والأخوات، فإن الزينة والحلي ما هو إلا من نقيصة، وإلا فإن الجمال كما قال الشاعر:
أغنى فتاة الحي عن هذه الزينة وهذه الأمور بجمالها الرباني الذي وهبها الله تبارك وتعالى لها.

ونحن نريد أن ننبه إلى أنه لا يجوز لبناتنا ممن يكشفن الوجوه أن يتزين بأي زينة إضافية، بل إذا كانت الفتاة جميلة فإن عليها أن تجتهد في أن تستر وجهها عن الرجال، لأن هذا الوجه الجميل ينبغي ألا يخرج إلا أمام المحارم أو أمام أخواتها من النساء، وإن كنا نفضل في زمان الفتن أن تكون الفتاة منتقبة تستر جمالها وتستر وجهها عن أعين الناس؛ لأنه أيضا يحصل القرب ويحصل الاختلاط والمواجهة مع الرجال في هذه الحياة التي اختلط حابلها بنابلها.

لكن نريد أن ننبه إلى هذه النقطة –وهي من الأهمية بمكان– فإنه حتى من الفقهاء قال: (يجوز كشف الوجه) يقصد بذلك الوجه المجرد الذي ليس عليه مساحيق أو ألوان أو زينات أو غير ذلك من الأشياء الإضافية التي تفعلها المرأة من نفسها ومن تلقاء نفسها، فانتبهي –يا فتاتي– لهذا الأمر، وهو من الأهمية بمكان.

ومن هنا فإن الفتاة ما ينبغي أن تتأثر إذا شاهدت الأخريات على وجوهن هذه المخالفات، بل ينبغي أن تحرص على إرضاء رب الأرض والسموات، وأرجو أن تعلمي أن كل فتاة جميلة بإيمانها وحجابها وحيائها، وأيضا بذلك الجمال النسبي الذي قسمه الله، والحقيقة لا توجد فتاة إلا وهي جميلة؛ لأن هناك من يعجب بها ومن يراها جميلة، ولولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع.

كما أن الجمال في المقاييس يختلف، فهناك من يعطيها الله جمالا في وجهها، وهناك من يعطيها الله جمالا في جسدها، وهناك من يعطيها الله جمالا في شعرها، وهناك من يعطيها الله جمالا في كلامها وفي روحها وفي عينها، يعني الجمال مقسم؛ ولذلك ينبغي أن توقن كل فتاة أنها أعطيت شطرا من الجمال، وأنها تستكمل ما تبقى من جمال بطاعتها للكبير المتعال سبحانه وتعالى.

فأجمل جمال هو في الطاعة، وأطهر ماء هو ماء الوضوء، وأحسن نضارة هي نضارة الإيمان، وإشراقة وجه المؤمنة لله تبارك وتعالى التي بينها وبين الله أسرار من القيام ومن الطاعات، فإن الله ينور وجوه من يقوم الليل، يجعل وجوههم مشرقة.

فاحرصي على طاعة الله، واعلمي أن المؤمنة تنال ثقة في نفسها بثقتها أولا في الله، بإيمانها بالله، الذي هو مفتاح الثقة الكبرى بكل معانيها، فالثقة في النفس نبع وثمرة من ثمرات الإيمان بالله تبارك وتعالى، والرضا بقضائه وقدره.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونكرر ترحيبنا بك في الموقع.

مواد ذات صلة

الاستشارات