زوجي يشتمني، ويهينني، وقد نفد صبري، فبماذا تنصحوني؟

0 877

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
يا شيخ داخلة على الله ثم عليكم.

أصبت بالاكتئاب، والدنيا اسودت في وجهي، وذلك بسبب زوجي طبعه سيئ جدا، ودائما يسبني ويسب أهلي، ويلعن بناته على أتفه الأسباب، ولا أريد أن أتكلم عن نفسي، ولكن كل من يعرفني يمدحني من حيث الشكل والأخلاق، ويستغربون من تعامله معي.

وللعلم فهو لا يصلي، ولقد مضى على زواجنا ثمان سنوات لم أره يقرأ القرآن إلا 4 أو 5 مرات فقط، ولا يتقبل النصائح أبدا، ولا يعترف بأخطائه، ودائما ما يقول لي أنت السبب، ويشهد الله أني ألبي له كل طلباته، ومع ذلك يقول لي: أنت جاهلة، أنت لا تستحقين، أنت فاشلة، لا يرضيه شيء، ودائما ما ينتقدني أمام أهله والناس، مع العلم أني حاصلة على شهادة جامعية، وهو معه شهادة ثالث متوسط فقط، كما أن معيشتي معه كلها فقر وإهانة، ودائما ما يتهرب من المسؤولية، ويقول دبري حالك.

كما أنه بخيل في المصروف، فأنا أعيش معه في غرفة واحدة، ومع ذلك دائما ما أقول له: أنا مستعدة لكي أتحمل كل شيء، فقط لو تستطيع أن تغير طبعك معي، يكفي أن أتحمل الفقر، وفوقه سب ولعنات، ليس هناك شيء يستحق صبري عليه، سوى أن أهلي وضعهم ومعيشتهم صعبة، ولا أريد أن أزيد عليهم الهم والقهر.

أريد نصيحتكم، فأنا لا أرى فيه شيئا إيجابيا، غير أنه يرضى بسرعة، كما أنه في المقابل يغضب بسرعة.

قد تقولون أني أبالغ في الوصف، ولكن الله شاهد، ويرى ظلم زوجي لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ noora حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،


فإننا نقدر المعاناة التي تعيشين فيها، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يصلح لنا ولك الأحوال، وأرجو أن تبدئي بتشجيع هذا الزوج على الصلاة والسجود لله تبارك وتعالى، واعلمي أن صبرك عليه، وإحسانك له، ستؤجرين عليه عند الله تبارك وتعالى، ورغم تقديرنا للظروف والواقع الصعب الذي تعيشينه، إلا أننا نعتقد أن المرأة عندما تعيش مع الرجل تعرف كيف تؤثر عليه، وأنت الآن قلت أنه يرضى بسرعة، فهذه إيجابية، فابحثي عن هذه الإيجابيات، ولا تقولي (لا يوجد فيه شيء إيجابي) لأن مثل هذه المشاعر في حد ذاتها إشكال.

فالإنسان كونه يغلق الأبواب، ويظن أن الآخر ليس فيه إيجابيات فهذا إشكال آخر، ونحن نؤكد لك أن سوء الخلق أمر من الصعب على الزوجة أن تصبر عليه في مثل هذه الأحوال، ولكنك - ولله الحمد - وقد صبرت، وأعجبنا أنك نظرت في الخيارات الأخرى، فالأفق أمامك مسدود، وأحسن الخيارات هو هذا الوضع الذي أنت فيه، ولذلك ينبغي أن تتكيفي مع الظروف، وتحاولي أن تغيري أسلوب طريقتك في التعامل معه، واسألي الله تبارك وتعالى دائما له الهداية والتوفيق والثبات.

ولا شك أنك بعد هذه السنوات أيضا عرفت الأمور التي تجعله يغضب ويشتد عنده الغضب بسببها، فما عليك إلا تفادي هذه الأمور، وهكذا الإنسان يستطيع أن يسعد مع الآخر إذا تفادى الأمور التي تغضبه، وهذه من فوائد المشاكل، أن الإنسان يعرف ما الذي يضايق الشريك؟ وما الذي يجعله يغضب؟ وما الذي يجعله يتوتر؟ ولماذا يلعن؟ بالتأكيد أن هناك أسبابا، كما أن هناك أشياء تجعله يرفع صوته، ويقع في مثل هذه الأخطاء.

كما أن الإنسان إذا كانت الزوجة متعلمة بهذه الطريقة، والزوج غير متعلم، والأهل يعظمون الزوجة لتعليمها، ويثنون على إيجابياتها، بينما هو لا يجد من يثني عليه، فقد يكون عنده مثل هذه المواقف، وحتى الحل في هذه الحالة هو أنها تشاركينه، وتشعرينه بأنه أفهم إنسان، وأن ما حصلت عليه من شهادات ومن خير فهو بفضل الله ثم بفضله، وأنك سعيدة بوجوده معك، إلى غير ذلك من المعاني، فإذا أثنوا عليك، فامدحي زوجك، وأثني عليه، لأنه من الصعب عليه أن يسمع الثناء ينصب على الزوجة ولا يجد من يثني عليه، ولا يجد من يمدحه، ولا يجد من يتكلم عن إيجابياته.

ولست أدري هل هذه الصعوبة، والرعونة، والجهل في التعامل معك وحدك، أم مع الآخرين؟

فإذا كان التعامل مع الآخرين أيضا، فهذا يعني أيضا أنك ستحتاجين إلى مزيد من الصبر، أما إذا كان معك هذا التعامل فإنا سنبحث معك في الجوانب السلبية، ونحن نرجح أن تكون هنالك جوانب نفسية، أو طريقة في التعامل لا بد أن تغيريها، لذلك فأنا متأكد وبلا شك بعد هذه السنوات أنك عرفت متى يرضى، وكيف يرضى، وما الذي يغضبه، وما الذي لا يغضبه.

كذلك أيضا أعتقد أننا سندخل على شعبان ورمضان، وهذه فرصة في أن يعود إلى صوابه وسجوده وصلاته وصيامه، وهذا مفتاح لإصلاح أحواله، فاغتنمي هذه الفرصة، وكرري المحاولات، وأعلني رضاك عن هذا الوضع الذي تعيشينه معه، واشكريه إن جاء بالقليل، فإن هذا سيحمله على المجيء بالكثير، والمرأة تستطيع أن تكون إيجابية في هذا الجانب، فإن امرأة جاءها زوجها بكيس من البصل – كما يقال – ، وكان من الممكن أن تقول: (ما فيك خير، هذا الذي أنت فالح فيه، الناس يأتون بالذهب وأنت تأتي بكذا)!!.

ولكن المرأة العاقلة تقول: ( جزاك الله خيرا، فإنك لا تنسى حتى الأمور الصغيرة جدا التي نحتاجها )، فحولت هذا الموقف وهذا الشيء القليل إلى شيء كبير بثنائها ومدحها، ومن لم يشكر الناس لا يشكر الله تبارك وتعالى، فإذا شكرت المرأة القليل، وشجعت زوجها، واحتملت منه، وسلطت الأضواء على الجوانب الإيجابية، وضخمتها، فسيأتيها الخير الكثير من الله تبارك وتعالى، وأنت - ولله الحمد - عاقلة، ومتعلمة، والدليل هو هذه الاستشارة التي كتبت، لذلك أنت التي ينبغي أن تسعي في تطويره، وفي الإحسان إليه، وفي الصبر عليه.

ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم الأحوال، وأن يرزقنا طاعته في كل الأحوال، إنه الكبير المتعال.

مواد ذات صلة

الاستشارات