أحتاج لحلول واقعية لأتخلص من القلق وأخرج من العزلة.

0 305

السؤال

السلام عليكم..

أشكر لكم مساعدتكم لي, وتقديمكم النصح والإرشاد, فهي تزيدني قوة, وأريد استشارتكم في بعض الأمور التي أراها مشكلة لا أعرف حلها, وإن كنت قد قلت لي إنها أفكار سلبية تتساقط على الإنسان, وأنا لا أنكر أن فيها فكرا سلبيا, ولكنني أتساءل كيف أحل هذه العوائق؟

بينت في الاستشارتين السابقتين أنني أعاني من خوف وقلق ووساوس, وبدأت بأخذ الدواء منذ عشر سنوات, لكن في الحقيقة أتناول البروزاك فقط عند الحاجة, ومنذ خمس سنوات فقدت قدرتي على الاختلاط بالناس, خاصة عندما قال عني صديقي المقرب الذي كبرت معه، قال: أنني شخص ممل, وتركني، وساءت علاقتي بأصدقائي, وبعضهم قال عني أني معقد.

أصبحت منذ خمس سنوات حساسا جدا, لا أتقبل مزاحا, متوترا, قلقا, أرتاح للعزلة -مع أني لا أحبها-, لكن بعد سنتين هاجرت لإحدى البلدان الغربية, واستمرت معي (تفضيلي للعزلة) أخاف أن أعطي نفس الانطباع للناس, أو أن يقولوا عني ممل, أو معقد.

أختلط بالناس بلا روح ورغبة, أمارس كرة القدم مع بعض الأصدقاء, وأتحدث معهم, لكن بلا رغبة واستمتاع, وأسارع في الانصراف, مع أنني كنت أمارسها بحب ورغبة قبل ذلك, فما الحل؟

أيضا موضوع مرضي الطويل أصبح هما, طوال الوقت أكتمه, حتى عن إخوتي, فأنا خائف من كلام الناس, أيضا أفكر في الزواج, طلبت من إحدى قريباتي أن تبحث لي عن زوجة, فكلما اختارت فتاة أنسحب, حتى وإن ارتحنا لبعضنا, كيف سأخبرها بأني كذا وكذا؟ فينتشر الأمر كالبرق بين الأقارب.

أنا أعلم كيف تغتاب الناس بعضها, وأسوأ شيء أنني أصبحت جبانا, لا أدعي أنني كنت شجاعا, لكنني لم أكن أخاف دائما من الشجار, فأصبحت أخاف الشجار, وأشعر بثقل في الجسم, واختلال التوازن بسهولة, وهذا ما حدث معي في آخر مرة تشاجرت فيها مع أحدهم، فتدخل صديقه فضربني شخصان, على إثرها أعاني من مشكلة في الشبكية حتى الآن.

أرجوك يا دكتور لا تعمم المسألة كلها على أنها أفكار سلبية, فأنا لا أريد أن أعطي للناس نفس الانطباع الأولي, وماذا أفعل في قضية الزواج؟ والأهم الخوف من الشجار.

أرجوك ثم أرجوك لا تقل لي لا تفكر بالشجار والقتال, بل بالمحاورة؛ لأن الشجار والقتال جزء من الحياة, وما كنا لنكون مسلمين لو اكتفى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمحاورة فقط, فبعض الناس لا يمكن إيقافه إلا بالشجار معه.

أرجوك ثم أرجوك أحتاج لنصائح واقعية, أحتاج إلى إرشادات سلوكية ومعرفية تقنعني أكثر من الدواء نفسه, ويا حبذا أن يكون الدواء فقط عند الحاجة, يحسن المزاج ويزيل القلق، وأشكرك جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

لم أعن بطلبي منك أن تتخذ أسلوب المحاورة، أن لا تكون مستعدا من الناحية الجسدية لتواجه الحياة، وفي ذات الوقت موضوع أن الفكر السلبي هو الإشكالية، هذا كلام مجمع عليه, وأكثر من كتب فيه البرفسور أرون بك، ثم بعد ذلك أتى من اكتشف هذا الموضوع بعده، وهذا نشاهده من خلال ممارستنا اليومية، ومن خلال الجلسات النفسية مع بعض الإخوة والأخوات الذين يأتون طلبا للمساعدة.

الطريقة العلاجية المثلى لمثل حالتك بالطبع هي التواصل مع المعالج، والجلسة غالبا قد تستغرق ساعة، وفي الجلستين أو الثلاث الجلسات الأولى يكون هنالك استكشاف أو ما يسمى بالتحليل السلوكي، بعد ذلك يحدث اتفاق ما بين المعالج والمعالج على برنامج معين، تناقش فيه كل فكرة على حده، ومن خلال ذلك، وبالحوار والمنطق السليم يتم استبدال الفكر السلبي بالفكر الإيجابي، لا أحد ينكر أبدا أن الفكر السلبي هو الذي يسبب الاكتئاب، ويسبب اهتزاز الثقة بالنفس والخوف من الفشل، والخوف من الفشل من أكبر المشاكل التي تواجه الناس الآن، وهذا لا يعني أن النظرية البيولوجية للاكتئاب هي نظرية ضعيفة، لا.. هي نظرية لها دعائمها وثوابتها، الذين توصلوا إلى أن أسباب التوترات والوساوس والاكتئاب متعددة أعتقد، أنهم هم الأكثر صوابا.

أخي الفاضل: من الأفضل أن تكون مستعدا لبرنامج علاجي مباشر، هذا سوف يكون أفضل لك؛ لأنه من الواضح أنك في حاجة شديدة للدعم النفسي، والدعم النفسي هو البوابة الرئيسية التي إذا فتحت يستطيع الإنسان أن يدخل من خلالها نحو التعافي.

من الأمور المتفق عليها والتي أراها جيدة، أن الإنسان يحاول بقدر المستطاع أن لا يقود نفسه بمشاعره، وأن لا تكون أحكامه على الحاضر والمستقبل مبنية على الماضي، كثير من الإخوة الذين كانت لهم معاناة طويلة مع الاضطرابات النفسية، أي كان دائما يأتيهم الشعور بفقدان الأمل، وأن مرضهم مطبق لا يمكن الانفكاك عنه، هذا ليس صحيحا، الإنسان يتغير، والمرض يتغير، والأحوال النفسية تتغير، ويحتاج الإنسان لفنيات معينة ليدرك الإنسان مصداقيته، يعني أن الأمر كله يحتاج لتغيير كلي معرفي جاد، ومن ثم يكون هنالك نوع من التطبيق.

أخي الفاضل: أنا متفائل أن لديك الإمكانات النفسية والجسدية والفكرية من أجل التغيير، ويصعب على الإنسان أن يغير إنسانا آخر مهما كان الاسترشاد، وإذا لم يأخذ الإنسان الإرشاد القرآني {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} قد تكون الأمور صعبة، والله تعالى قد أودع فينا طاقات وآليات ومقدرات كبيرة، نعم قد تكون مختبئة أحيانا، لكن بشيء من التدبر والهمة العالية يستطيع الإنسان أن يصل إلى مبتغاه، والاكتئاب يجب أن يهزم، ويمكن، لا شك في ذلك، وأنا أشكرك كثيرا على تواصلك معنا.

وفيما يخص العلاج: قطعا المتفق عليه الآن علميا هو التدخل المبكر، بمعنى أن يتم التشخيص مبكرا، وأن يكون هنالك التزام بالدواء، واتباع الخطوات والمراحل العلاجية المعروفة، وهي الجرعة التمهيدية، ثم جرعة العلاج، ثم جرعة الاستمرارية، ثم الجرعة الوقائية، ثم التوقف التدريجي عن الدواء.

بالنسبة للأدوية التي تستعمل عند الحاجة أو اللزوم، هذه ليست مجدية، لا يوجد مضاد للاكتئاب يمكن استعماله عند الحاجة، هناك بعض الأدوية المضادة للقلق مثل الفولانكسول والدوجماتيل، هذه أدوية بسيطة، ويمكن استعمالها عند القلق والتوتر، لكن حقيقة ليس لدي اطلاع عن أي دواء يحسن المزاج عند الحاجة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات