كيف أتخلص من الرهاب الاجتماعي وأعود اجتماعياً كما كنت؟

0 346

السؤال

السلام عليكم

أحب أن أشكر القائمين على الموقع على المجهود الجبار المبذول لمساعدة عامة الناس.
عمري 22 عاما، طالب جامعي، حالتي بدأت تسوء قبل 4 سنوات، كنت قبلها إنسانا مفعما بالحيوية والنشاط، ودائم الحركة والضحك والتحدث مع الناس، بعدها صرت أخجل عندما أريد التحدث مع الآخرين، لدرجة صرت أكره الذهاب للمناسبات أو الاحتفالات وأيام العيد، وحتى الاجتماع مع الأقارب في بعض الأحيان، وطيلة 4 سنوات كنت أجلس في البيت ولا أخرج إلا قليلا جدا وللجامعة فقط!

ومازال الخجل يزداد علي سنة بعد سنة، لدرجة صرت لا أعرف التكلم عندما أقابل أشخاصا جددا، وبعض الأحيان أجبر على التعرف عليهم، لكن يملون مني ويذهبون بسبب أني لا أعرف كيف أتكلم معهم، وكنت أتجنب التكلم معهم خوفا من الخطأ أو أني أتكلم وأجرحهم بكلمة لم ألق لها بالا، أحس أني تعقدت نفسيا، وصرت أكره نفسي كل يوم، وأقول: ماذا حصل لي؟ لماذا لا أستطيع أن أطور من نفسي، وأرجع مثلما كنت أحب التعرف على الآخرين وأجتمع مع أقاربي وزملائي؟

أتمنى أن تساعدوني لأن نفسيتي متحطمة، ولا أعرف ماذا أفعل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على الكتابة إلينا.
إنه لأمر طبيعي أن يشعر الإنسان ببعض الارتباك والحرج عند الحديث وسط جمع من الناس، أو تقديم عرض علمي أو خطبة ما، وقد يشعر الشخص بأنه غير قادر على الكلام، وقد يترافق هذا الارتباك ببعض الأعراض الجسدية كالارتجاف وشدة التعرق، وتسارع ضربات القلب واحمرار الوجه، وفي الغالب فإن هذه هي حالة من الرهاب الاجتماعي، وفي كثير من الأحيان لا نعرف السبب المباشر لبداية هذا الرهاب، وربما في بعض الحالات له علاقة ببعض التجارب السلبية التي يمكن أن يكون قد مر بها الإنسان في مرحلة ما من حياته.

والمشكلة أنه عندما تتأصل عندنا هذه المشكلة فإننا كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة أو أننا ضعاف الثقة في أنفسنا أو أننا شديدي الحساسية وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا وكلامهم عنا وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلا أن عندنا بعض تردد أو الحساسية المفرطة أو ضعف الثقة في النفس أو الخوف من لقاء الناس، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار ونصدقها على أنها معتقدات ومسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل، وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!

لابد لك وقبل أي شيء آخر أن تبدأ "بحب" هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبلها كما هي، فإذا لم تتقبلها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟!

وأفضل طريقة لعلاج الرهاب الاجتماعي هو العلاج المعرفي السلوكي، وذلك عن طريق عدم تجنب اللقاء بالآخرين لتخفيف الشعور بالخوف والارتباك، وإنما اقتحام هذه المواقف والحديث مع الناس، ويمكن أن تكون البداية بمجرد الوجود مع مجموعة صغيرة من الأقرباء أو الأصدقاء، والحديث ربما لفترة قصيرة، وحتى يطمئن الشخص للحديث معهم، وما هو إلا وقت قصير حتى يجد أن هذا الخوف قد خف أو اختفى، فهذا العلاج السلوكي هو الأفضل في مثل هذه الحالات، ويمكن عادة أن يشرف على هذه المعالجة أخصائي نفسي يتابع مع الشخص تطور الحالة، وفي كثير من الحالات يعالج الشخص نفسه بنفسه من خلال المثابرة في اقتحام مثل هذه المواقف، لكن أعط نفسك أولا فرصة للعلاج والتدريب الذاتي، وإن طال الأمر ولم تشعر بالتحسن، فلا بأس أن تراجع أخصائيا أو طبيبا نفسيا ممن يمكن أن يضع لك برنامجا علاجيا، ويتابع معك هذا العلاج.

ويمكن للطبيب النفسي أيضا أن يصف لك أحد الأدوية التي تساعد عادة على تجاوز مثل هذه الأعراض، والتي يمكن حتى أن تدعم تأثير العلاج السلوكي، وقد ذكرت في سؤالك أنك تناولت بعض الأدوية لكنك لم تذكرها لنا.

وهناك عدد جيد من الأدوية المفيدة ومنها دواء "باروكستين" جرعة 20 ملغ، وإن كان عادة نبدأ بنصف الحبة (10 ملغ) لأسبوع تقريبا، ومن ثم الجرعة الكاملة 20 ملغ مرة واحدة في المساء، وننصح عادة باستعمال الدواء لمدة عدة أشهر تصل إلى الثلاثة أشهر، والعادة أن يتابع العلاج طبيبا متخصصا من أجل التأكد من فعالية العلاج، وتحديد مدة العلاج وكيفية إيقاف الدواء، والذي ينصح أن يكون بالتدريج من أجل تفادي أعراض الانسحاب، ونحن ننصح عادة وبشكل عام باستعمال الأدوية النفسية تحت إشراف طبيب متخصص، إلا إذا تعذر الأمر كثيرا، لكن يبقى العلاج السلوكي وإعادة التدريب هو الأساس.

وفقك الله، ويسر لك الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات