معاناة صديقتي بعد الدراسة... وكيف أخرج صديقتي منها؟

0 522

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

واحدة من صديقاتي علاقتنا قوية جدا -ولله الحمد- والاستشارة تخص صديقتي أكثر، كنا ندرس في كلية واحدة، وبعدها حولت وهي تخرجت قبلي بسنتين، وبعد التخرج جلست في البيت وحاولت في أهلها أن تدرس في التحفيظ فرفضوا، وعرضت عليهم أن تنتسب لدورات ورفضوا، وتحمسوا لحاجتين فقط، وهي أن تكمل دراستها الماجستير أو تتوظف في مدرسة أهلية، والمشكلة كلاهما صعب وليسا مثل التحفيظ والدورات، واتصلت على مدرسة أهلية تسألهم عن الوظائف، فطلبوا منها تحضير درس ثم شرحه لكي يقيموها، وفرحت وأخبرت أهلها وحطموها، وأخبروها أنه ليس هناك من يوصلها.

ومشكلة صاحبتي أنها لا تتحمس إلا مع الناس، وإذا رأت من حولها يحبطونها تتكاسل وتتوقف، وهذا صار معها في حفظ القرآن، سجلت في تحفيظ بضعة أيام، وبدأت تحفظ ثم تركت التحفيظ وحاولت تحفظ في البيت، وتشتكي من قلة الحماس، ومجموعة بنات أنشأن (قروبا في الواتس أب) لحفظ القرآن، وكان نظامهن أن كل واحدة تحفظ وترسل، ومعنا متخرجة من تحفيظ كانت هي المسؤولة، وآخر كل أسبوع تختبر كل واحدة في جزئية الأسبوع كلها بالهاتف، وصديقتي لم يعجبها الوضع، وكل البنات استمرين في الحفظ إلا هي خرجت من المجموعة.

فكرت أن أشتغل في جمعية خيرية ولو متعاونة، وكلمت صاحبتي فتشجعت لكن ما تيسر لنا، لأن أهالينا رفضوا وكانت فيه صعوبة في المواصلات، وقدمنا في مدرسة أهلية وصاحبتي تحمست وما كان لنا نصيب، المشكلة أن صاحبتي ليس عندها رغبة في العمل والإنجاز إلا إذا وجدت من يحمسها ويشجعها، وهذه مشكلة، يعني صعب جدا أن تتوفر الظروف والبيئة المحفزة، وآخر شيء صار تم فتح تقديم للماجستير، وأنا قدمت وصديقتي مسافرة وفاتها الاختبار، وقبلت وأحسست أنها ليست فرحانة لي، ولم تهتم مثل باقي صديقاتي، وقالت لي: أنا لم أعد متحمسة للماجستير لأني كنت أتمنى أن ندرسه مع بعض، وهو عمل صعب وكثير دون فائدة، والمشكلة بعد يومين تشتكي من الملل، وانعدام رغبتها في عمل شيء، وبكائها بلا سبب.

سألتها: متى بدأ معك هذا الضيق والبكاء؟ قالت: منذ رجعنا من السفر؟ وكانت تلك الفترة التي ترشحت فيها للمقابلة الشخصية للماجستير، وأنا أقول والله أعلم إذا كان كلامي صحيحا، يمكن أن يكون سبب حزن صاحبتي ومللها، أنها تحس أني لن أكمل معها في شيء مثل الوظيفة أو أية مشاريع أخرى، صعب علي أن أتوظف وأن أدرس ماجستير، فيمكن أحست أن كل وحادة منا ستكون حياتها مختلفة عن الثانية، فتضايقت وصارت تحس أنها فقدت الرغبة في كل شيء، ويمكن جلوسها في البيت سبب لها مللا وضيقا، الآن لها 4 سنوت متخرجة ولم تكن عندها مشكلة، وخفت أن أقول لها هذا وتفهمني خطأ، وتحسب قصدي أنها ليست فرحانة أو تغار مني.

مع العلم أن صديقتي هذه اجتماعية، لكن صديقاتها لسن من النوع الذي يتحمس أبدا، ويمكن كانت متحمسة معي أنا فقط.

السؤال: ما سبب ملل صاحبتي وحزنها بنظركم؟ وكيف أساعدها في حل المشكلة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فيسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجنبك حقد الحاقدين وحسد الحاسدين، وأن يجعل لصاحبتك هذه فرجا ومخرجا عاجلا، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة-، فإنه مما لا شك فيه أن جلوس الإنسان في بيته بغير فائدة بعد أن قضى عمرا طويلا في الدراسة، ثم يشعر في نهاية المطاف وكأنه لم يستفد شيئا من دراسته، ولم يحاول توظيفها فيما يعود عليه وعلى غيره بالنفع، كل هذه الأمور تشعر الإنسان بالملل وعدم السعادة والرضا؛ لأن الإنسان خلق له طاقة وقدرة على العطاء، وعندما يشعر أنه أصبح معطلا، فإن هذا الأمر ينعكس على الفطرة، وبالتالي يؤدي إلى التكاسل والخمول، وهذا يؤثر على الحالة النفسية مما يجعل الإنسان فعلا يشعر بنوع من السآمة والملل، وعدم الراحة والاستقرار النفسي، وهذه العوامل كلها اجتمعت في صاحبتك هذه.

ومما زاد الطين بله، أنك قد تقدمت عليها فيما يتعلق بدراسة الماجستير، وهي كانت ترغب بذلك وتتمناها، وهي شعرت أنك الآن قد بدأت في تحقيق آمالك وطموحاتك، وأنها عاجزة عن ذلك نتيجة عدم وجودها أثناء الاختبار، وأيضا بسبب عدم توفر الظروف التي تساعدها على ذلك، وقد كانت تتمنى ملازمتك بصفة دائمة لمحبتها لك، مما ترتب عليه شعورها بالملل، وحتى هديتك لها تشعرها بأنها تمثل عبئا ثقيلا عليها، لأنها تذكرها بك وأنك قد تخليت عنها، إلا أنها لم تصرح بذلك صراحة.

الحل يكمن في إيجاد فرصة تستطيع من خلالها الاستفادة مما تعلمته، وتخرج من خلالها من الوحدة التي تعاني منها، ومن الممكن أن تتقدم في العام القادم للماجستير، وحتى إن تقدمت أنت عليها بعام إلا أنكما في الخطوة نفسها، وكذلك حاولي تحميسها بضرورة ترك التكاسل، وأن لا تعلق طموحها بوجود غيرها معها، لأنه -كما ذكرت- بعض الناس لا يتحمسون إلا مع وجود من يحمسهم، وطبيعة أنه الإنسان إذا وجد في بيئة عملية فإنه يتعلم ويتأثر نتيجة وجوده مع هؤلاء المتميزين، والعكس كذلك فإذا وجد الإنسان المتميز، لكنه يعيش مع الخاملين فإنه سيتأثر بهم، ويكون خاملا معهم، وهناك أناس لديهم طاقات رائعة إلا أنهم يحتاجون إلى محرك ومحفز، ولعل صديقتك هذه من هذا الصنف، فهي تحتاج إلى معين، وتشعر أنك ما دمت دخلت في الماجستير، فلن تكوني معها ومعينة لها، وكأنك تخليت عنها، ولذلك كان ردها باردا ومتأخرا، لأنها شعرت بشيء في نفسها كنوع من الغيرة، إلا أنها لم تعبر صراحة على ذلك لحرصها على علاقتك معها، ولأنها لا تريد إيذاء مشاعرك، ولأن مثل هذه الأمور لا يفضل أن يظهرها الإنسان مطلقا حتى لا يتهم بالحسد والحقد.

إذن من الممكن أن تقولي لها: استعدي في العام القادم للدخول في الماجستير، وأنا وإن كنت متقدمة بسنة، إلا أننا سنلتقي حتما في النهاية، كذلك اجتهدي في إيجاد أخت جادة أو التواصل مع الأخت التي كانت تحفظ مثلا على الوتساب، واطلبي منها المراجعة مع هذه الأخت يوميا بصفة خاصة، وهذا من باب التحفيز، ما دامت تطلب التواصل وعدم الانقطاع، فلا مانع من الطلب من هذه التي كانت تقوم بالتحفيظ، بأن تخص هذه الأخت بمزيد من الاهتمام، وأن تبيني لها الظروف النفسية التي تمر بها، حاولي أن تقفي معها في حدود قدراتك، لكن ما في النفس من الصعب تغييره؛ لأن هذه الأمور إذا لم يقم الإنسان بتغييرها فإنه لم ولن يستطيع أحد تغييرها لها، قال تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

أسأل الله تعالى أن يوفقك وإياها لكل خير، وأن يعينكم على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.

مواد ذات صلة

الاستشارات