السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
مشكلتي أني أحببت شابا معي في الجامعة، هو أصلا صديق لي، لكنني تعلقت به من طرف واحد، ومنذ ذلك الوقت لم أستطع نسيانه مع أني جربت كل الأشياء، جربت عدم التعامل معه لكي أنساه، جربت أن أعامله كصديق ليس إلا، لكن وجدت أن حبي له يزيد، جربت كل شيء.
المشكلة أنه أخبرني أنه يحب أخرى ويود الزواج منها، لا أعلم ماذا أفعل، فأنا أصبحت أستمع لحبه لتلك الأخرى وأصبر، لي أكثر من سنتين وأنا أدعو الله أن ينسيني إياه لكن لم أستطع، دعوت كثيرا، حتى أني سافرت العمرة بنية الدعاء في هذا الأمر، لكن -سبحان الله- عندما سافرت دعوت بأي شيء إلا هذا الموضوع، لا أعلم ما السبب!
أرجوكم دلوني، ماذا أفعل؟ أنا أدعو الله في كل صلاة أن يرزقني من ينسيني إياه، لكن لا جديد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نرحب بك، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك هذه الرغبة في الخير، ونسأل الله أن يخرج حب ذلك الشاب الذي لا يقبل عليك من قلبك، وأن يعينك على حب الله.
واعلمي أن العلاج هو أن تحبي العظيم تبارك وتعالى، فإن هذا القلب غال، وما ينبغي أن يمنح لأمثال هؤلاء، بل ينبغي ألا يعمر إلا بحب الله وطاعته ومراقبته، والمؤمنة تنطلق في جميع محابها من حبها لله، فهي تحب في الله ولله وبالله، وتجعل حبها على مراد الله، فتحب ما يحبه الله وما يرضاه الله، ثم تحب ما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وتزيد في محبة المطيع لله تبارك وتعالى.
ولعل الله أراد بك الخير، لأن هذا الحب ليس حلالا، وهذه العلاقة مشبوهة وليست مقبولة من الناحية الشرعية، فلا توجد صداقة بين الفتى والفتاة إلا في إطار المحرمية، أو في رحاب الحياة الزوجية، ولذلك هذا من توفيق الله لك، فاجتهدي في نسيان هذا الشاب، وفي تذكر عيوبه التي أكبر منها هو هذا الجهل الذي يجعله يعلن عن مشاعره تجاه الأخرى أمامك، وهذا يدل على أنه يجهل ما عند الأنثى من رقة في المشاعر، ولذلك أمثال هؤلاء لا يستحق أن تقتربي منه، ولا أن تمنحيه هذا القلب الغالي الذي ينبغي أن يعمر بطاعة الله وبذكره تبارك وتعالى.
والمؤمنة تتقيد في كل شأن من شؤونها، وفي كل أمر من أمورها بشريعة الله، والشريعة لا تقبل مثل هذه العلاقة مطلقا، لأنها علاقة مؤسسة على قواعد غير صحيحة، فاجعلي صداقتك للصالحات، وانتظري مجيء الصالحين من الأبواب، ولا تقبلي إلا بشاب يطلبك ويرغب فيك، ويصل إلى أهلك، ويأتي بيتكم من الدار ويقابل أهلك الأحباب.
أما حب هؤلاء الشباب حتى لو أقبل عليك، فإنها أيام وتنقضي، وهي كذلك مكدرات لصفو الحياة في المستقبل إذا حصل الزواج، فالفتاة المسلمة أرادها الله مطلوبة عزيزة، لا طالبة ذليلة، وحتى بعد أن يطلبك الشاب ينبغي أن يقدم ما يدل على صدقه، وينبغي أن يعلن تلك العلاقة عند محارمه وأهله، ويصطحب أسرته، فلا تدخلي في أي علاقة إلا إذا كانت علاقة قائمة على ضوابط هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله به، والمرأة العاقلة إذا لاحظت أن شابا يميل إليها، فإنها تطلب منه أن يأتي دارها ويقابل أهلها، وأن يأتي بأهله، لأن هذا اختبار حقيقي لصدق الشاب، وإلا فكثير من الشباب يريد أن يقضي وقتا، بل فيهم ذئاب، لا يريدون بالفتاة إلا الشر، والفتاة لا تملك بعد إيمانها أغلى من سمعتها وشرفها وعفتها، وهؤلاء يتعامل مع الفتاة كأنها عكلة يمضغها، وإذا ذهبت الحلاوة والنضرة منها رمى بها في القمامة، ثم تناول أخرى.
فانتبهي لنفسك، واجتهدي في البعد عن هذه المشاعر، ويكفي أن تعلمي أنها حرام، وتذكري أنك كمؤمنة عندك إرادة، وغدا سيأتي شهر الصيام، وأنت -ولله الحمد- تتركين الطعام والشراب في شهر الصيام لله، فاتركي هذه العلاقة وكل عادة سيئة، وابتعدي عن كل ما يغضب الله تبارك وتعالى، ولا تقولي (لا أستطيع)، بل ينبغي أن تتذكري الوقوف بين يدي الله، والعقاب والحساب، وأن الله لا تخفى عليه خافية، تذكري أن هذا الأمر مرفوض، وفيه تدنيس للفتاة، والفتاة كالثوب الأبيض، والبياض قليل الحمل للدنس.
أنت عندنا في مقام البنت، وهذا التواصل يدل على خير فيك، لكننا بحاجة إلى خطوات عملية، فاجتهدي في الابتعاد عن الشاب، وتخلصي من أرقامه، وتفادي المواجهة معه، وابحثي عن صالحات، وتوجهي إلى رب الأرض والسموات، واشغلي نفسك بالذكر والطاعة ثم بالدراسة والجد، ميلي بهذه العواطف الجميلة إلى والدتك وأخواتك، والصالحات، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.