دواء المخاوف fluoxetine لم يعد يفيدني

0 557

السؤال

السلام عليكم.

منذ فترة عانيت من اكتئاب ونوبات هلع بسبب موت شخص عزيز علي جدا, وخوف من النوم في الظلام, ووسواس قهري.

ذهبت إلى الطبيب وأعطاني دواء (fluoxetine 20mg) أخذت حبة واحدة فقط, الآن الدواء يزيد دقات القلب عندي, ودام مفعول الحبة أسبوعا وأكثر, لكن من حبة واحدة عشت أجمل أسبوع في حياتي.

ذهبت جميع الوساوس, وأصبحت أنام في الظلام, وأحسست بالسعادة بعد اكتئاب دام أكثر من سنتين, وكنت أضحك بسبب وبدون سبب, ولاحظ الجميع التغير المفاجئ علي.

لكن عندما ذهب مفعول الدواء أخذت الحبة الثانية فلم أجد أي تأثير للحبة الثانية أبدا, لم أشعر بأعراض الحبة مثل المرة الأولى, ولم أشعر بالسعادة مثل المرة الأولى, وكأنني لم آخذ الحبة, فماذا أفعل؟

أرجوكم ساعدوني.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد أصبت بمرض المخاوف المصحوب بأعراض اكتئابية، وبعد أن تناولت الفلوكستين ومن جرعة واحدة حدث هذا التغير الكبير الذي تحدثت عنه، أصبح مزاجك مزاجا انشراحيا بصورة واضحة جدا، وهذا الذي حدث لك مستغرب بعض الشيء، لأن الفلوكستين لا يمكن أن يؤدي لكل هذه التغيرات من جرعة واحدة.

الدواء دواء يعمل من خلال منظومة كيميائية تتعلق بتنظيم وترتيب وتفعيل كيمياء الدماغ، والمواد التي يعمل عليها الفلوكستين تعرف بمادة (سيروتونين) وكذلك مادة (نورأدرينالين) وفائدة هذا الدواء –وأقصد بذلك فائدته الجوهرية– لعلاج الاكتئاب والقلق لا تظهر قبل أسبوعين أو ثلاثة.

عموما الذي حدث لك ربما يكون من الحالات النادرة، وتفسيرها –وهذا اجتهاد بسيط مني– ربما يكون حدث لك إفراز كبير ومفاجئ في بعض المواد الدماغية –والتي نسميها بالموصلات أو المرسلات العصبية– وكان هذا الإفراز المفاجئ هو تفاعل أو رد فعل للكبسولة الواحدة التي تناولتها من الفلوكستين، وبعد ذلك –أي بعد أن تناولت الجرعة الثانية– لم يظهر أثر عليك، وهذا هو الوضع الطبيعي؛ لأن هذا الدواء -كما ذكرت لك– ليس له فعالية حقيقية قبل أسبوعين أو ثلاثة.

فاحتمال أن يكون لديك حساسية من الفلوكستين -كما ذكرت لك– والاحتمال الثاني –وهو احتمال ضعيف لكنه مهم– هو: أن في الطب النفسي ليس كل حالات الاكتئاب من نوع واحد، ولا القلق من نوع واحد، ولا المخاوف من نوع واحد، هنالك اكتئاب يسمى بالاكتئاب أحادي القطبية، يعني أن الإنسان يأتيه الاكتئاب ثم بعد ذلك يختفي، ثم بعد ذلك يظهر مرة أخرى في شكل اكتئاب، وهنالك ما يعرف بالاكتئاب ثنائي القطبية –أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية– وهذا تشخيص مختلف تماما، في هذه الحالات يعاني الإنسان من نوبات اكتئاب، قد تشتد أو تكون بسيطة، وتختفي، وبعد فترة قد تظهر نوبات انشراح زائد، ويكون هذا التبادل ما بين الاكتئاب والانشراح، أو ربما يكون القطب الاكتئابي هو المتكرر، وكذلك القطب الانشراحي هو المتكرر.

هذه الحالات تسمى بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وهذا التشخيص يحتاج لمهارة ولاستقصاء دقيق، وملاحظة من جانب الطبيب النفسي المقتدر.

أنا لا أريدك أن تحمل هما في أنك مصاب بهذه المتلازمة –أي متلازمة الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية– لكن قطعا لا أستطيع أن أتجاهل نوبة الانشراح والسعادة الزائدة التي أحسستها حين تناولت كبسولة واحدة من الفلوكستين، لذا الذي أراه -أيها الفاضل الكريم– ألا تتناول أي أدوية إلا بعد أن تذهب لمقابلة الطبيب النفسي.

أنت سألتنا ماذا تفعل؟
أعتقد أن هذا أفضل ما تفعل، أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي، والطبيب النفسي سوف يتدقق من تشخيص حالتك، وبعد ذلك توضع الخطة العلاجية.

من السهل علي جدا أن أصف لك دواء يحسن مزاجك أو يكون مضادا للرهاب، لكنني أخشى أنني لم أشخص حالتك بالطريقة الصحيحة، وإذا لم يكن التشخيص صحيحا قطعا لن تكون مآلات العلاج صحيحة, هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: عموما هذه الحالات بسيطة، لا أريدك أن تحبط أبدا، الطب النفسي الآن تقدم جدا، وأصبحت آليات العلاج متوفرة بكثرة، ومن هم في سنك يجب ألا تعطلهم هذه الأعراض النفسية، يجب أن يكون الإنسان متفائلا، قويا، إيجابيا، تستفيد من وقتك، تركز على دراستك، تمارس الرياضة، تحسن أمور العبادة، تحرص على بر والديك، تستمتع بكل ما يستمتع به الشباب الصالح، حياتك يجب أن تكون متوازنة على هذه الأسس، وتكون أهدافك واضحة، وهذا من أهم الوسائل التي تطرد وتزيل تماما الأعراض النفسية.

أعراضك إن شاء الله بسيطة، إن شاء الله عابرة ووقتية، أرجو أن تتبع ما ذكرته لك من إرشاد، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات