أبي يبتسم للناس ويعاملنا بقسوة.. فكيف نتعامل معه؟

0 449

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، وأبلغ من العمر 15 سنة، أكبر إخواني وأخواتي، أعيش حياة كئيبة مع الوالد القاسي، طول الوقت يصرخ علينا بسبب أو من غير سبب دائما أتذكر عنفه مع أمي، وهو يضربها منذ الصغر، دائما يشك فينا جميعا، حتى أذكر مرة أني كنت في الغرفة، وأغلقت الباب لأبدل ملابسي فإذا به يتجسس علي، ورغم أن عمري كان وقتها 13 سنة.

أنا فتاة -والحمد لله- مصلية ومطيعة لوالدتي، وبارة بها، أما والدي فلا أطيقه أبدا، دائما غاضب، يصرخ بسبب، أو من دون سبب، لا نخرج من البيت إلا نادرا، وإذا خرجنا فقط ففي السيارة، يخاصم علينا طوال الوقت، لكنه مع أهل أمي مبتسم دائما؟ لماذا لا يكون معنا هكذا؟ أليس لنا حق عليه!

أيضا لا أذهبت لصديقاتي، أو أي مكان إلا بوجوده، يكره البنات، ويقدس الأولاد كثيرا، يحتقرنا؛ لأننا بنات، يرى أن البنات لا يستحقن شيئا، ما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ رغد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، والموجودين في هذا الموقع آباء وإخوان لك، فنرجو أن تحتملي من هذا الوالد، وتصبري عليه، واعلمي أنك مأجورة على صبرك واحتمالك لهذا الوالد، وأرجو أن يكون في الوالدة لك أسوة، فقد تحملت طويلا، -والحمد لله- أنتم وصلتم لمرحلة عصمكم الله فيها، فأصبحت مصلية، بل وناضجة، والدليل هو هذه الاستشارة التي تتكلمي فيها معنا، ونتمنى أيضا رغم تقصير الوالد أن تتذكروا أنه والد، وأنكم مأجورين بالصبر عليه، وأن والدتك ستؤجر أجرا عظيما بصبرها على هذا الزوج الذي كان يقصر في حقها.

لكننا نريد أن نقف لنفكر بهدوء أنه لا يمكن أن يوجد أب أو غير أب يضرب من غير سبب، وأرجو بعد طول هذه المدة والعشرة أن تكونوا قد تعرفتم على تلك الأمور التي لا تعجب الوالد والتي يتضايق منها، والتي تدفعه إلى السب والشتم والإساءة.

لعل معرفة هذه الأشياء تعيننا على الوصول إلى جو أكثر هدوء، وأكثر طمأنينة، فنحن لا نعتقد أنه يصرخ -كما قلت- بسبب أو بلا سبب، هناك أمور تجعله يصرخ، وأمور تجعله عاديا، والدليل أنه يخرج بكم أحيانا، لكن تظلون في السيارة، وفي السيارة أيضا يوجد توتر، والرجل عندما يتوتر في السيارة ربما لأننا نطلب أشياء فوق طاقته، ربما لأننا نتأخر، ربما لأن عند النساء هدوء، ربما لأن هذه -بكل أسف- هي ثقافة سالبة لمجتمع يستحي أن يراه الناس مع أهله ومع زوجاته، يوجد بعض الناس بهذا الجهل.

ودائما نحن نعذر الناس لجهلهم، ونتمنى ونسعى رويدا رويدا في إصلاح هذا الوضع، كما أن تضايق بعض الرجال من الإناث من بقايا الجاهلية، ولكن إذا كنت -ولله الحمد- مصلية ومحتشمة ومؤدبة، ووصلت هذا العمر وهذا النضج، فأرجو أن نسعى جميعا – وهذه مسؤوليتنا جميعا متعلمين ومتعلمات، شبابا وكبارا، من الذين أعطاهم الله علما ومعرفة – في تغيير هذا الوضع، وفي إزاحة هذا الجهل من عقول بعض الآباء، الذين بكل أسف فيهم بقايا من أحوال أهل الجاهلية، ونعتقد أن الأمر في ذلك ليس مستحيلا، لكنه يحتاج إلى تكاتف جهود، وإلى تعاون من كافة الأطراف حتى تعود الأمور إلى نصابها وإلى صوابها.

المهم الآن أن تتعاملوا مع الوالد بمنتهى الهدوء، تجتهدوا في إرضائه، تشجعي الوالدة حتى تكمل مشوار صبرها، كوني عونا لها، اقتربي من الوالدة دائما، اقتربي قبل ذلك من الله تبارك وتعالى، أشغلي أهل البيت بالطاعات، احتملوا من هذا الوالد، شاوروه، لا تقضوا الأمور من دونه، فهذه مرحلة الرجل أحيانا يشعر أنه مهمش، وأن الأولاد والأبناء يهتمون بأمهم ويسمعون كلامها، وأن الأمور تدار من وراء ظهره.

هناك أبعاد وجوانب نفسية لا بد أن تراعى، وأرجو كذلك أن تكوني بارة بوالدك صابرة عليه، فإنك تؤجرين على هذا العمل، ومع ذلك أرجو أن تتذكري أيضا إيجابيات هذا الأب، لا نتذكر فقط السلبيات؛ لأن كثيرا من الآباء فيهم سلبيات، وفيهم إيجابيات، لكن النجاح يبدأ بتضخيم الإيجابيات والاحتفاء بها، وإظهار الفرح بها، ثم التعامل مع السلبيات برفق وهدوء حتى نجتهد في إصلاحها وتغيير ما نستطيع تغييره، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد.

وسوف نكون سعداء إذا جاءتنا تفاصيل أكثر حتى نعرف لماذا يغضب الوالد؟ ما هي الأمور التي تغضبه؟ ما هي إيجابيات هذا الوالد؟ حقيقة نحن كنا نتمنى أن تذكري الإيجابيات، وهو والد على كل حال، ينفق ويصرف ويأتي بالأموال وبالأشياء، ولا أظن أن هناك قصورا من هذه الناحية، فمن الإنصاف أن تذكر هذه الأمور؛ لأنها تعيننا على فهم شخصية الوالد، وتعينكم على الصبر عليه، ومعرفة قدره، وهذا جزء كبير من الحل، فإن بعض الرجال يتعصب ويغضب، وقد يخرج عن شعوره عياذا بالله؛ لأنه يشعر أنه غير مقدر، وأن هناك نكرانا لجميله، ونكرانا لما يقوم به، وعدم اعتراف بفضله، فأرجو أن تنتبهوا أيضا لهذا الجانب، وتكون النظرة شاملة، ومع ذلك نحن لا نؤيد الوالد في قسوته، ولا نقبل ما يحصل منه، ولكن إذا كان هذا ابتلاء بلينا بوالد بهذه الطريقة، فالمهم هو كيفية التعامل معه.

ونسأل الله أن يلهمنا وإياكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات