السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 24 سنة, أمى غير قريبة مني على الإطلاق وكذلك أبي، وكانت تعاملني بقسوة وعنف دائما، وحدث لها حرق فى جسدها فصرت مهملة في مرحلة الثانوية العامة، وصرت هشة ضعيفة من السهل أن يضحك علي أي إنسان.
وتعرفت على أصدقاء سوء دفعوني لمعرفة شاب أحببته فيما بعد (حب مراهقة) وحدثت بيننا أحضان وقبلات، وعلم أبي وأمي فضرباني ولم يتعاملا مع المشكلة جيدا؛ وبالتالي تمسكت به وظللت أحبه وألتقيه.
ومع بداية مرحلة الجامعة تقدم لخطبتي شاب، ووافقت ولم أتصل بهذا الشاب مطلقا، وحفظت خطيبي فى غيبته، وفرحت لأن الله هداني لكي لا أقع فى معصية -وتبت إلى الله- ولكن ذلك الخاطب لم يقتنع بي لصغر سني وخبرتي، ولم أحبه ولم يحبني ففسخ هو الخطبة، فحزنت أمى كثيرا، ولأنها إنسانة ضعيفة كل ما يهمها كلام الناس، وأن تزوجني وتتخلص مني، فأتمت خطبتي من شخص آخر، حتى لا يقول الناس أن خطيبي السابق هو الذي فسخ الخطبة، وهي تعرف أنه (بتاع بنات) و(يشرب الحشيش)، وفسخت هي الخطبة بعد شهرين!
كل هذه الأحداث أثناء فترة الجامعة، ثم تمت خطبتي لشخص آخر ميسور الحال جدا، ولكنه لا يخشى الله، واعترف لي بأنه زنا بفتيات وشرب الخمر والحشيش، (لا أعلم حتى الآن كيف بادلته القبلات والأحضان!) لقد كانت فتنة! فحدثت بيننا مشاكل وفسخت الخطبة، وكان يتقدم لخطبتي شباب محترمون كثيرا، ولكن دائما ما يوافق أهلي وأرتبط بمن لا يخشى الله!
وكان هم أمي الأكبر أن تزوجني بشخص ميسور الحال جدا؛ حتى تضمن لي عيشة كريمة، ولكن سرعان ما اكتشفت أنه شخص سيء بعد الخطبة، ومضت ثلاث سنوات بعد التخرج والخطبة الثالثة، فوقعت بالخطبة الرابعة هذه المرة من شخص منافق كذاب، يظهر للناس بمصر أنه على خلق ودين وهو عكس ذلك؛ حيث كان يعمل بإحدى الدول الأوروبية، وكان له حديث غريب عن الإسلام (ويدعي أن الإسلام -أستغفر الله- به متناقضات). كان يطلب صورا لي بدون حجاب ولم أعطه، وكان لا يكلمني ولا يسعى للتقرب مني، وكان سيء الأدب فى حديثه، وعندما شككت في أمره بحثت وراءه وجدته يتواصل مع بنات أجانب، والله أعلم بما فعل، ففسخت الخطبة!
وبعد فترة تواصلت مع الشخص الذي أحببته في الثانوية بالصدفة، فقلت ولم لا؟ فزواج العقل حطمني وخاصة أنه ما زال يحبني بعد أن تركته، ويريد الزواج بي. ولكنى أصبحت أشك بكل شيء، وسألته عن إن كان أقام علاقات زنا مع أخريات، فكان لا يجيبني إجابة تريحني، وعندما رفضت أن أستمر فى كلامي معه طلب مني أن (نتصاحب)، ولكني رفضت بشدة، وحدثت بيننا قبلة واحدة، ولكني ندمت ندما شديدا، وقطعت علاقتي به خوفا من الله، وتوبة إليه.
هل أخطائي كتبت علي الوقوع مع من لا يخشى الله؟ مع العلم أن لي صديقات أخطأن وتزوجن وحياتهن مستقرة -ما شاء الله-, لطالما أردت الهداية والتوبة، ولطالما ذرفت أنهارا من الدموع بين يدي الله ليهديني ويثبتني ولكن!!! وبعد كل فترة أصون فيها نفسي أجد شيئا يوقعني في الخطأ، وأنا لا أدري كيف حدث ذلك!!
ولكني الآن لا أفعل شيئا من هذا أبدا, فقدت الثقة في كل شيء، ولكني لم أفقد الثقة في الله! عندي حسن ظن به، ولكن معاملة أمي القاسية تسبب لي النقمة على كل شيء، ولا أخفي أني أبادلها نفس المعاملة!
ما مصيري وماذا أفعل؟ وهل أنا زانية، وستلازمني هذه الصفة؟ ومتى تنتفي عني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله تعالى أن يستر عيبك ويغفر ذنبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يوفقك في دراستك، كما نسأله أن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك، يكون عونا لك في طاعة الله ورضاه عاجلا غير آجل، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك ابنتي الكريمة الفاضلة؛ فإنه مما لا شك فيه أن تلك الأحداث التي مررت بها في حياتك أحداث مؤلمة للغاية، خاصة مسألة تقدم أكثر من خاطب، وأن معظمهم كانوا ليسوا بصالحين، وكانوا من شرار الخلق، مما جعلك تفقدين الثقة في معظم الذين تقدموا إليك، بل وفي معظم الرجال، ووقعت في بعض التجاوزات مع بعض الرجال، التي عادة ما يزينها الشيطان للشباب في هذه المراحل الملتهبة.
وها أنت الآن قد من الله عليك بتوبة صادقة نصوح، وعقدت العزم على أن لا تفعلي شيئا يغضب الله تعالى، وفقدت الثقة في كل شيء إلا في الله تعالى وحده، ولكن معاملة أمك القاسية جعلتك تنقمين على كل شيء، وأنت تسألين عن مصيرك وأنت تبادلينها نفس المعاملة؟
أقول لك: إن الأم مهما كان شرها لا ينبغي أن نعاملها بالسوء أبدا؛ لأن الله تعالى وتبارك قال: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبها في الدنيا معروفا} فأنت مطالبة بمصاحبة الوالدين بالمعروف حتى وإن كانا على غير الإسلام، وقال تعالى: {أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير} نعم هي مقصرة، ولعلها من أسباب شقائك، وفعلت ما فعلت، ولكن في هذه الحياة لسنا في دار جزاء، وإنما في دار عمل، والجزاء يوم القيامة، ومنزلة الوالدين عظيمة، وليس من السهل أن يقبل الله منك هذه المعاملة بالمثل لأمك، وإنما عليك أن تصبري الصبر الجميل، وأن تجتهدي في إرضائها، والصبر عليها وتحملها بكل الوسائل الممكنة، لأن الله تعالى جعل عقوبة العقوق عقوقا، بمعنى أن أمك لعلها قد عقت والديها، فجئت أنت حاليا تقومين بعقوقها والإساءة إليها، ويخشى أيضا أن يكون أولادك كذلك في المستقبل.
نحن لا نريد أن يستمر مسلسل المعاصي والعقوق، والحياة الكئيبة والتجاوزات، ومن هنا فعليك ابنتي بمعاملة أمك بالإحسان قدر الاستطاعة، وأن تصبري عليها الصبر الجميل، وستنالين الحياة الطيبة السعيدة إن شاء الله.
سؤالك: هل أنت زانية وهل ستلازمك هذه الصفة؟ أنت لم تتكلمي عن شيء، وإنما كانت المسائل كلها مقدمات، ولم يحدث فيها شيء أكثر من ذلك كما فهمت من رسالتك، وبما أنه لم يحدث جماع طبيعي، ولم يحدث إيلاج، ولا هتك لغشاء البكارة فأنت عفيفة فاضلة ولست بزانية بإذن الله تعالى، وحتى وإن قدر الله تعالى ووقعت في شيء من ذلك فالعبرة بالنهاية فأنت الآن تائبة ومخبتة وفاضلة ونظيفة ولا تسمحي لأحد أن يضع يده على طرف ثوبك، فأنت على خير وبخير، وأرى أن هذا سيكون فاتحة خير لك في المستقبل.
فالمطلوب منك هو إحسان معاملة أمك، والجهاد في الابتعاد عن كل رجال السوء حتى لا تتكرر المعاناة، ولا تتعجلي في قبول أي أحد، فأنت ما زلت في سن صغيرة فـ24 في مصر سن عادية جدا، وبعضهن يصلن إلى 30 وتتزوج وتعتبر نفسها من أسعد النساء، فأرجو أن لا تشغلي نفسك بهذا الأمر مطلقا، وإنما أكثري من التوبة النصوح، والإكثار من الاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والأعمال الصالحة، واجعلي لك وردا يوميا من القرآن الكريم، وأكثري من الاستعاذة من الشيطان الرجيم واسألي الله تعالى أن يمن عليك بزوج صالح يكون عونا لك على طاعته ورضاه.
واجتهدي في إكرام أمك، والإحسان إليها وستحل هذه العقد إن شاء الله، وستكون حياتك من أفضل ما يكون، واعلمي أن الله تعالى سيكافئك على توبتك وعفتك بعبد صالح لم تتوقعينه طوال حياتك.
أسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.