السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 27 ، أعاني منذ عشر سنوات من الاكتئاب والضيق والقلق والوساوس، ويكون هناك قلق وخوف وتوتر شديد في مواقف معينة وواضحة، بمعنى أصح مواقف ظرفية، مثلا عندما تكون هناك مشاجرة أو تجاذب كلام شديد، أو ارتفاع الأصوات، أو اقتراب خطر ما، حيث إني أفكر في هذا الخطر بلا توقف، وبقلق شديد، وتحدث رعشة في يدي، وألم بأسفل بطني مثل القولون، مما يسبب لي إحراجا، وفقدانا للثقة بالنفس والإحساس بالضعف، وضيقا وقلقا شديدا وخوفا، حتى أصبحت أشعر بأن ثقتي بنفسي أصبحت معدومة بسبب ما يحدث لي من مواقف، وخوف وقلق ورعشة واكتئاب، حينها لا أريد أن أرى أحدا أو أتكلم معه.
أنا بطبعي خجول وانطوائي، أحب الوحدة ولا أحب الخروج إلا مع أشخاص معينين، قليل الكلام أستمع أكثر من ما أتكلم، ولا أجيد التحدث، أو تكوين علاقات مع الناس، بمعنى لست اجتماعيا بسبب شعوري أني مراقب من الناس، وأني غير مرغوب به في كثير من الأحيان، وأشعر بالإحراج وأفضل الانسحاب، كثير النسيان وضعيف الحفظ والتركيز، لا أستطيع اتخاذ قراراتي بسرعة، بمعنى أصح: أتردد كثيرا حتى في أبسط الأمور، فقدت أصدقائي بسبب الوسواس، وأصبحت لا أؤمن بالصداقة، وكأن زمانها ولى وراح.
سؤالي: ما هو تشخيصكم لحالتي؟ وهل هناك دواء يخرجني مما أنا فيه -بإذن الله- بشكل نهائي؟ وهل الأدوية النفسية لها تأثيرات جانبيه خطيرة؟ وماذا تنصحوني به؟
لم آت هنا إلا لثقتي بالله، ثم بكم، فقد قرأت استشارات كثيرة لكم، ولاحظت أن الكثير استفاد من هذا الصرح العظيم وبخبراتكم، راجيا من الله العزيز الحميد أن يحفظكم ومن تحبون من كل شر ومكروه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
هذه الأعراض أتتك منذ عشر سنوات، ولا شك أن هذا وقت طويل، والاكتئاب النفسي والقلق لهما آثار تراكمية، وهذا الأثر التراكمي يظهر في شكل المزيد من الأعراض، وتجد أن الإنسان لا يقوم بدوره الحياتي والمجتمعي بالصورة المطلوبة، والاكتئاب بالفعل معيق من هذه الناحية، وأنت -بجانب الاكتئاب- ذكرت أن شخصيتك تميل للانطوائية، وهذا أيضا يتطلب منك جهدا خاصا لتعالجه؛ لأن علل الشخصية إذا وجدت تعقد الأعراض النفسية الموجودة أصلا.
أنت ذكرت أنك تعاني من وساوس، لكن في أثناء الشرح لحالتك أوضحت أنك لا تثق بالناس، أو يأتيك شعور كأنك مراقب من قبلهم، وإن كنت تقصد بهذا الوسواس، فهذا لا يعتبر وسواسا، إنما هي أفكار ظنانية، والأفكار الظنانية إذا كانت شديدة ومطبقة تتطلب أن يذهب الإنسان ويقابل الطبيب النفسي؛ لأن وضعها خاص وعلاجها خاص جدا.
فيا أيها الفاضل الكريم: إن كانت هذه المشاعر بالشدة الشديدة، والإطباق الذي يجعلك تسيء التأويل، ولا تثق مطلقا في الناس خوفا من موضوع المراقبة، هنا يجب أن تذهب إلى الطبيب، أما إن كان هذا الشعور شعورا عرضيا ولا يسبب لك إزعاجا واضحا ولا يحرمك من التواصل مع الناس، فهنا نعتبره جزءا من الاكتئاب النفسي، وهذا قد يحدث.
إذن التشخيص لحالتك حسب ما هو متاح من معلومات: أنت لديك شخصية انطوائية بعض الشيء، ولديك الأعراض الاكتئابية.
أما القلق ففي مثل هذه الحالة نعتبره جزءا من الاكتئاب، وموضوع الوساوس يحتاج للمزيد من الاستقصاء، هل هي وساوس أم هي أفكار ظنانية؟ وعلى ضوء ذلك أنا أنصحك بأن تذهب وتقابل الطبيب النفسي، وأؤكد لك أن العلاجات موجودة متوفرة، العلاجات الدوائية كثيرة جدا، إن كان وسواسا سوف يعالج، وإن كان ظنانا سوف يعالج أيضا.
أما بالنسبة للاكتئاب فالأدوية أيضا متوفرة جدا، وعموما أنت محتاج من دواء إلى دوائين، وحين يصف لك الطبيب الدواء لا بد أن تلتزم التزاما قاطعا بالعلاجات، هنالك أيضا أسس علاجية عامة تساعدك -إن شاء الله تعالى- في الخروج من هذه الحالة، وهي: أهمية وضرورة أن تتواصل اجتماعيا مع الناس، وابدأ بذويك وأرحامك وجيرانك، وكن من رواد المساجد؛ لأن الذهاب إلى المسجد والصلاة مع الجماعة بطبيعة الحال فيها نوع من التفاعل والتواصل الاجتماعي الخاص جدا والمفيد جدا.
طور مهاراتك في مجال العمل الذي تقوم به؛ لأن العمل ضروري ومهم، وهو وسيلة من وسائل علاج الاكتئاب وكذلك الانطوائية، مارس الرياضة، الرياضة من أفضل سبل علاج القلق والتوتر، وحتى المزاج الاكتئابي يتحسن جدا بممارسة الرياضة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.