أعاني من الرهاب الاجتماعي، فكيف أتخلص منه؟

0 381

السؤال

السلام عليكم ..

الإخوة الكرام من أطباء ومستشارين في موقع إسلام ويب، تحية طيبة وبعد:

أنا كنت أعرف أن هناك خللا ما في شخصيتي، فأنا أتحاشى الاجتماعات والتعرف على الأصدقاء، لم أكن أعرف ما هي الحالة بالضبط، لكن كنت أعرف أنها مشكلة نفسية، اطلعت على تقرير من صحيفة الجزيرة، وعندما قرأته وجدته وكأنه يصفني بالتفصيل، على هذا الرابط: http://bit.ly/17KaZDn

اطلعت على استشارات قيمة للغاية، في موقعكم المبارك، وكذلك اطلعت على بعض الأدوية، ولكني أريد منكم -مشكورين- تقديم الاستشارة لي، وخصوصا الدوائية.

أنا طالب ماجستير في الولايات المتحدة، وقد تعرفون مقدار المعاناة التي تحصل عند تقديم خطاب باللغة الانجليزية، فأنا إذا كنت لوحدي أجيد التخاطب تماما، وعندما أواجه أحد ما أرتبك ارتباكا شديدا.

أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي بلا شك، أريد علاجا مناسب لا يسبب لي الضعف الجنسي أو أي زيادة وزن أو أعراض جانبية غير مرغوبة.

ساعدوني جزاكم الله خيرا، فأنا أعاني من هذا الرهاب منذ كنت في السعودية لكنه زاد في الولايات المتحدة، ويسبب لي العزلة وجلد الذات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالعزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

لا أريدك أبدا أن تعتقد أن هنالك خللا في شخصيتك، هذا إجحاف في حق نفسك، وأعتقد أنه مبدأ سلبي خاطئ جدا، إذا ارتكزت عليه واعتقدت فيه، وجعلت مشاعرك توجه من خلال اعتقادك أن شخصيتك شخصية مضطربة، هذه إشكالية كبيرة.

أخي الكريم: شخصيتك شخصية سوية، منضبطة، صحيحة، وكل الذي بك هو نوع من الخوف الاجتماعي، والخوف الاجتماعي أصلا لا يأتي لمضطربي الشخصية، على العكس تماما الذين يصابون بالخوف والهرع الاجتماعي ليسوا بجبناء، وتجدهم دائما طيبين ووجدانيين وأصحاب قيم ممتازة جدا، فأرجو أن تقيم نفسك التقييم الصحيح، والذي أريدك أيضا أن تحرص عليه كثيرا هو أن تصحح مفاهيمك.

الذين يعانون من الخوف الاجتماعي دائما يأتيهم تصورا سلبيا عن أنفسهم، وأن أداءهم ضعيفا أمام الآخرين، وأنهم سوف يفشلون، وسوف يكون محط السخرية والاستهزاء والاستخفاف من جانب الآخرين، هذا ليس صحيحا.

الأمر الثاني: المشاعر الفسيولوجية من تسارع في ضربات القلب وشعور بالتلعثم أو خفة الرأس وخلافه: هذا شعور داخلي يخصك أنت ولا يطلع عليه أي أحد، وفي ذات الوقت ما تشعر به هو أقل كثيرا من حقيقة الأمر، يعني أن هذه المشاعر تأتيك مبالغة، هذه مفاهيم إذا صححتها سوف تحس فعلا أنك تغلبت على مخاوفك، لأن المخاوف هي أمر فكري، أمر معرفي، يقوم في المقام الأول على أفكار مشوهة وليست صحيحة.

الأمر الثالث: يجب أن نتعامل مع البشر كبشر، نعم نقدرهم ونحترمهم، وهذا من الأدب والذوق، لكن الناس واحد، الذي يعلو شأنه والذي يقل شأنه، الحياة تبدأ، والإنسان يسير مسيرته، يأكل طعامه، ينام نومه، يقضي حاجته، يموت دون مرض، أو يمرض ويموت، وهكذا. إذن الناس في الإطار العام سواسية، لكن أن نحترم بعضنا البعض هذا أمر جميل.

يا أخي: ابن مفاهيمك على هذا النسق، وابدأ دائما فيما نسميه بالتعريض في الخيال – هذا مهم جدا – تصور نفسك أنك قد طلب منك أن تلقي محاضرة أمام الآخرين، هذا ممكن، هؤلاء الذين يخاطبون آلاف الناس، هؤلاء الذين يتحدثون في التجمعات ليسوا أحسن منك أبدا.

تصور أئمة الحرم المكي، نعم هم أناس أكرمهم الله بهذا المقام العظيم وعلوم القرآن، لكن في نهاية الأمر هم بشر، يأمون آلافا بل ملايين الناس، ويتابعهم ملايين الناس على شاشات التلفزيون، وهم يعرفون ذلك ويدركون ذلك.

أخي الكريم: الموضوع كله يقوم على الثقة وتقدير الذات وعدم الإجحاف في حقها، وأنت - إن شاء الله تعالى – لديك مقدرات جيدة جدا، إذن أكثر من التواصل، تجنب التجنب، لأن التجنب والابتعاد عن مخالطة الناس يؤدي إلى المزيد من الانحسار والانزواء والانطوائية وفقدان الثقة بالذات.

موضوع الأدوية: أبشرك، توجد أدوية ممتازة، فاعلة جدا، وإن شاء الله تعالى تفيدك، عقار (بروزاك) والذي يعرف علميا باسم (فلوكستين) وهو معروف جدا في أمريكا، قد لا يكون العلاج الأمثل، لكنه لا يؤدي إلى زيادة في الوزن.

أما موضوع الضعف الجنسي ففي مثل عمرك لن يحدث ضعف جنسي، تناوله بكبسولة واحدة لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يوما بعد يوم، قد يكون خيارا مناسبا.

الخيار الثاني هو عقار يسمى (زولفت) والذي يعرف أيضا تجاريا باسم (لسترال) ويسمى علميا باسم (سيرترالين) وجرعته هي خمسة وعشرون مليجراما - أي نصف حبة – يتم تناولها ليلا لمدة أسبوعين، بعد ذلك تجعلها حبة واحدة ليلا لمدة أربعة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

الدواء الآخر مشهور جدا في أمريكا، وهو (باكسيل) ويسمى هنا (زيروكسات) ويعرف علميا باسم (باروكستين) أيضا قد يكون خيارا جيدا، فالأمر فيه سعة كبيرة جدا، بفضل الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات