السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد عانيت من الاكتئاب لمدة 3 سنوات تقريبا، وفقدت الاستمتاع بالحياة حتى الأشياء التي أحبها، وأشعر بأني فشلت في دراستي الجامعية ولم أحقق المعدل الذي كنت أريده، مع أني كنت متفوقة في جميع سنوات دراستي، ويصعب علي التركيز وقت المذاكرة، ومهما اجتهدت في المذاكرة لكن النتائج لا تكون بقدر جهدي، أحيانا أشعر بالقلق وكأن هناك شيئا يجب علي فعله ولم أفعله، مع إحساس بتأنيب الضمير، وأحيانا أحس بتسارع نبضات القلب وكأنني خائفة من شيء.
راجعت طبيبا نفسيا، وصرف لي علاج Vexal Venlafaxine بجرعة 75 لمدة 6 أيام، و150 لمدة شهر حتى المراجعة التالية، لكنني لم آخذ العلاج لتخوفي من أخذ الأدوية، وأعراضها الجانبية والانسحابية، وقررت أن أعالج نفسي بدون الأدوية، ومع جلسات العلاج السلوكي المعرفي.
الآن تخرجت -والحمد لله-، ومع جلسات العلاج السلوكي المعرفي -14 جلسة تقريبا حتى الآن- تحسنت أفكاري نوعا ما، لكني لا زلت أشعر بهبوط في الإحساس في فترات مختلفة من اليوم، تحسنت قليلا لكن لا زلت أشعر ببعض أعراض الاكتئاب، ترى معالجتي بأني لا يجب أن آخذ الأدوية عندما أخبرتها بأني لم آخذها، لأن السبب للاكتئاب خارجي -ضغوطات الدراسة-، وبمجرد زواله فإن الاكتئاب سيزول.
مر الآن شهران منذ زيارتي للطبيب، متخوفة كثيرا من أخذ الأدوية، خصوصا وأني قرأت عن الأعراض الانسحابية لهذا الدواء، ومنها التفكير بالانتحار، وكذلك قرأت عن أنه يعتبر دواء شديدا جدا، حيث إني طلبت من الدكتور إعطائي دواء أخف، لكنه رفض بحجة أن هذا الدواء آمن.
الآن أنا مقبلة على حياة جديدة بعد التخرج، ولا أريد أن يتكرر ما أصابني في الجامعة في الوظيفة، أو عند إكمالي للدراسات العليا، وأخاف أن تتدهور حالتي مستقبلا ولا أتحسن، علما بأني عملت فحصا لفيتامين (د) وكانت نسبته 13، وآخذ المكمل الغذائي بشكل سائل، لا أعلم هل فعلا فيتامين (د) له سبب كبير في الاكتئاب؟ أم أنها مجرد مبالغات إعلامية؟
هل الاكتئاب، خصوصا إذا كانت أسبابه خارجية وزالت، يحتاج لوقت طويل جدا ليشفى المريض منه؟ وهل يمكن علاج الاكتئاب بلا أدوية؟ أريد رأيكم في حالتي، حيث إني أشعر بالفشل واحتقار النفس بالرغم من أني أرى نفسي جيدة إذا فكرت بطريقة عقلانية.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ M S Alsh. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
لقد اتخذت الخطوة الصحيحة وهي الذهاب ومقابلة الطبيب المختص، هذه الخطوة في حد ذاتها من وجهة نظري هي بداية علاجية ممتازة جدا.
فيما يخص الأدوية وتناولها، الناس في بعض الأحيان تتخوف من الأدوية، لكن الدواء ما دام وصفه طبيب، والدواء مرخص به، وهنالك تشخيص وجرعة محددة، وفترة علاجية محددة، أعتقد أن الإنسان يجب ألا يتردد أبدا في تناول العلاج.
والاكتئاب النفسي له عوامل بيولوجية، وعوامل سلوكية، وعوامل اجتماعية، لا أحد يستطيع أن ينكر العوامل البيولوجية للاكتئاب النفسي، بمعنى أن الاكتئاب حتى وإن كان ناتجا لظروف حياتية وضغوطات وأشياء من هذا القبيل، إلا أنه قطعا لم يأت إلا بعد أن حدث نوع من التأثير السلبي على كيمياء الدماغ، فلذا نقول: إن الآليات العلاجية الصحيحة التي يجب أن يتبعها الإنسان ويرتكز عليها هي: الأخذ بأن الاكتئاب متعدد الأسباب، وعلاجه يجب أن يكون متعدد الأضلاع، والضلع السلوكي -الحمد لله تعالى– أنت قمت بتغطيته تماما، وهذا شيء مفرح جدا، لأن كثيرا من الناس يتكاسلون أو لا يتابعون الجلسات السلوكية، وأعتقد أنك قد قمت بالأهم وبالأصعب، بقي السهل، وهو تناول الدواء.
التخوف من الآثار الجانبية هو تخوف في مكانه، لكن أؤكد لك أن هذه الأدوية سليمة وصحيحة، فقط اتباع الجرعة ومدة العلاج هو الأمر المطلوب، قراءتك حول أن هذه الأدوية قد تثير أفكارا انتحارية، وأن لها أعراضا جانبية انسحابية، بالنسبة للأعراض الانسحابية موجودة نعم، لكن هذا لا يحدث إلا إذا لم يتم تناول الدواء بالصورة الصحيحة، من حيث الجرعة ومراحل العلاج، الذي يتناول الجرعة التمهيدية، ثم الجرعة العلاجية، ثم الجرعة الاستمرارية، والانسحاب التدريجي قطعا لن تحدث له آثار انسحابية.
بالنسبة لإثارة الأفكار الانتحارية، هذا موضوع قديم ولا نعتقد أنه مؤسس تأسيسا قويا، وأثير بالنسبة للذين يتناول الأدوية مثل البروزاك والزيروكسات، ولوحظ أن نسبة قليلة جدا من اليافعين والذين هم دون عمر سبعة عشر عاما، ربما تأتيهم بعض الأفكار الانتحارية حين يتناولون هذه الأدوية، بالرغم من أنها هي في الأصل أدوية مضادة لعلاج الاكتئاب، النسبة قليلة جدا، ولم يحدث أن قام أحد بقتل نفسه حين تأتيه هذه الأفكار التي قد تكون مرتبطة مع تناول هذه الأدوية، الموضوع هذا طويل ومعقد وشائك، لكن يجب أن تفهمي أنك لست من الفئات المقصودة، وأن الفلافاكسين ليس من الأدوية التي تثير الأفكار الانتحارية لدى بعض الناس.
إذن العلاج السلوكي ممتاز، والعلاج الدوائي ممتاز، وبقي العلاج الاجتماعي، وهو: تغيير نمط الحياة، وهذا أيضا يتطلب منك الحيوية والدافعية، إدارة الوقت بصورة صحيحة، والتواصل الاجتماعي، وأنت -إن شاء الله تعالى– حريصة على ذلك.
أنا سعيد جدا أنك قد ذهبت للجلسات العلاجية السلوكية المعرفية، ومن وجهة نظري هذه الجلسات سوف تمثل العمود الجوهري في علاجك، نعم الأدوية مهمة وكذلك الجانب الاجتماعي كما ذكرنا، لكن الأدوية يعرف عنها أنها تؤدي إلى تحسن الإنسان، وحين يتوقف عنها قد ينتكس، لكن الذين داوموا على العلاج السلوكي كانت النتائج لديهم أروع، يعني: الدواء زائدا العلاج السلوكي، زائدا العلاج الاجتماعي، دائما تعطي أفضل وأحسن النتائج، وهذا مثبت من خلال الكثير من الأبحاث.
أكرر لك مرة أخرى: مقولة أن الاكتئاب أسبابه خارجية وأسبابه داخلية، هذه المقولة لا يؤخذ بها الآن، الاكتئاب مرض بيولوجي نفسي سلوكي اجتماعي، ولا شك في ذلك.
تصحيح فيتامين (د) مهم جدا، وأعتقد أنه من الضروري أن تتناولي العلاج، ويتم العلاج بتناول كبسولة واحدة أسبوعيا، والكبسولة تحتوي على خمسين ألف وحدة من فيتامين (د)، التعويض مهم لهذا الفيتامين، وما يقال أن نقصه قد يسبب بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب النفسي، هذا الكلام الآن مرجح لدرجة كبيرة، وأعتقد أننا يجب أن نغلق هذا الباب، بمعنى أن الذي يعاني من نقص في فيتامين (د)، يجب أن يعوضه، والعلاج بسيط وسهل جدا، ولا شك أن هذا الفيتامين مهم لعمليات استقلابية داخل الجسم، فبجانب العوامل النفسية قطعا هو مهم جدا للصحة الجسدية.
بارك الله فيك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.