السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولا: شكرا لكم على هذا الموقع الرائع، وجزاكم الله خيرا.
ثانيا: أنا أعاني من وسواس الخوف من الموت، والخوف من النوم، مخافة من الكوابيس والأحلام المزعجة.
بدأت مشكلتي: من وقت ليس بالقصير ولا بالطويل, ولا أعرف السبب في ذلك، كل يوم خوف وقلق من الموت، فتجدني كل لحظة أفكر في ذلك.
ارتجاف، كتمة في الصدر، حركات مفاجئة، الكلام لوحدي. لم أعد أتمتع بطعم الحياة. كل شيء يحصل لي أربطه بالموت، تزداد حالتي سوءا كلما سمعت أن أحدا مات، أو شيئا من هذا القبيل.
وكذلك تتغلب علي الوساوس كلما مدحني شخص مخافة أن يصيبني العي، حالتي آلمتني كثيرا ولكن الحمد لله.
ذهبت لطبيب نفسي فقال لي: حالتي بسيطة لا تخف سأعطيك دواء وستشفى، فأعطاني دواء (سيروبليكس) بمقدار حبة فاليوم (10mg) صباحا بعد الأكل، وهذا الأسبوع الثالث في تناول الدواء وما زلت أعاني. هل أستمر على نفس المقدار? مع العلم: لي موعد مع الطبيب شهر من بداية العلاج.
ما تشخيص حالتي؟ وما الحل؟ -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ nordin حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الذي أراه أنك تعاني من حالة نفسية بسيطة تعرف باسم (قلق المخاوف الوسواسي) وموضوع الكوابيس والأحلام المزعجة هو ثانوي ناتج من القلق، وربما تكون أيضا صحتك النومية ليست على ما يرام؛ لأنك ربما تكون غير متبع لنظم النوم الصحية، وهذه سوف نتحدث عنها -إن شاء الله تعالى-.
حالتك بصفة عامة تعتبر حالة بسيطة حتى وإن كانت مزعجة بالنسبة لك.
الخوف من الموت -أيها الفاضل الكريم– هي قضية مركزية في حياة البشر، ونحن نقول أن الموت حق وأن الموت آت، وأن الخوف من الموت لا يقدم في عمر الإنسان لحظة ولا ينقصه، وأن لكل أجل كتاب، وأن كل نفس ذائقة الموت.
ومن الناحية السلوكية المعرفية نقول -أيها الفاضل الكريم-: الإنسان من المفترض أن يتعامل مع الموت على أساس أنه ليس أمرا تحت سيطرتنا وليس تحت إرادتنا، وليس لنا الحق أن نتدخل فيه، يجب أن نقبله على شاكلته، وفي ذات الوقت يجب أن نفهم أن حياتنا هي تحت إرادتنا، ونحن الذين نتحكم فيها، ونحن الذين نملأها بالجماليات أو بالسلبيات.
فانظر -أخي الكريم- إلى الموت من هذا المنطلق، وانظر إلى الحياة كذلك من هذا المنطلق، والإنسان من حقه أن يوظف ويستثمر الشيء الذي يستطيع أن يستدركه والذي يستطيع أن يجعله تحت إرادته بصورة كاملة، وهنا أقصد الحياة، لكن الموت أمر مختلف تماما، وأعتقد أن المسلم الذي يتذكر الموت هذا أيضا فيه خير كثير له، ويجب أن يستعد للموت ويعمل لما بعد الموت.
فانظر إلى الأمور على هذه الشاكلة وبهذا المنطق، وعليك أن تستثمر وقتك، وألا تدع للفراغ مجالا ليعطلك ويعطل عليك، ويزيد من المخاوف والوساوس.
من المهم جدا أن تكون نافعا لنفسك ولغيرك، وهذا يعطيك قيمة حقيقية داخلية، تحس فيها بكيانك وكينونتك، وهذا نعتبره دافعا نفسيا إيجابيا جدا ومهما للإنسان في حياته.
الأحلام المزعجة والكوابيس قد تكون دليلا على القلق، أو قد تكون دليلا على اضطراب الصحة النومية؛ لذا أنصحك: أن تتجنب النوم النهاري، أن تعرف أن النوم الليلي هو الأفضل، أن تثبت وقت الفراش ليلا، أن تمارس الرياضة، الرياضة قطعا لها فعالية عظيمة جدا للصحة النفسية والجسدية، أذكار النوم يجب أن تكون جزءا من حياتك، والمؤمن الذي يغفل عنها أعتقد أنه غافل حقيقة.
ممارسة التمارين الرياضية خاصة في فترة النهار مهمة وضرورية، والمثيرات والميقظات (كالشاي والقهوة) يجب ألا يتناولها الإنسان في فترة المساء.
يجب أيضا أن تكون خالي الذهن قبل النوم –وهذا مهم جدا– لذا نقول أن الأذكار، الوضوء، قراءة شيء من القرآن دائما تمهد للإنسان راحة داخلية نفسية يدخل من خلالها في النوم آمنا.
وهناك نقطة لا بد أن ألفت إليها النظر، وهي: تجنب تناول طعام العشاء في وقت متأخر –هذا مهم جدا– ويفضل أن تكون وجبة العشاء خفيفة جدا وبسيطة جدا ومبكرا، هذا قطعا يزيل الكوابيس والقلق والتوترات.
بالنسبة للعلاج الدوائي: الأخ الطبيب الذي وصف لك الـ (إسيتالوبرام Escitalopram) قد أحسن، هذا دواء جيد، دواء فاعل، دواء مفيد جدا، وأنت الآن في مرحلة بدايات البناء الكيميائي لفعالية هذا الدواء، استمر عليه وبعد ستة أسابيع يمكن أن تجعل جرعة الدواء عشرين مليجراما يوميا، تستمر عليها لمدة شهرين، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم يمكنك أن تجعلها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
هذا المقترح الذي أقدمه لك هو المقترح المعهود في التعامل مع مثل حالتك، لكن إذا رأى الطبيب خلاف ذلك فيجب أن تتبع إرشاد طبيبك؛ لأنه قطعا هو في موقف أفضل مني، حيث إنه قد قام بفحصك ومناظرتك، ومن حقه أن يضع لك الخطة العلاجية التي تناسبك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.