السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على مجهودكم الرائع في مساعدة وإفادة الآخرين، وهذه هي مشكلتي: كنت أتصفح الانترنت في يوم ما وقابلت أحد جروبات الملحدين، ورأيت خطابا له فعلق بذهني بعض التساؤلات، وكنت أجيب عليها دائما فتترك ذهني، ولكنها تعود أشد قوة وتأثيرا، وينتابني شعور بأني لا أؤمن بوجود الله، رغم علمي باستحالة تسيير هذا الكون بدون إله واحد أحد، وشكوكي تعذبني باستمرار، وأنا أريد أن أحب الله والإسلام، ولكن لا أستطيع بدون التخلص من شكوكي المرهقة.
أرجو المساعدة وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك - أيها الأخ الحبيب – في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يرزقنا الإيمان الصادق والعمل الصالح.
لا شك - أيها الحبيب – أن الدخول على مواقع الشبه، وتتبع أنواع الشبهات خطره عظيم على من قل علمه، فإن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة – كما قال الإمام الذهبي رحمه الله – ولهذا كان دأب العلماء قديما وحديثا تحذير المسلم من فتح أذنه وقلبه للشبهات، فإن الشبهة إذا لم تصادف قلبا مملوءا بالعلم الذي يدفعها ويردها ويفندها، ويبين حقها من باطلها، إذا لم تصادف ذلك تمكنت في هذا القلب وعسر قلعها منه.
ولهذا فأول النصائح لك أن تجتنب الخوض في هذه الشبهات أو الاستماع لأهلها وقراءتها والبحث عنها، فإنها لا تنتهي، ولكنها في آخرها مجرد شبهات ليست حقائق ولا تقوى أبدا على الوقوف أمام الحق، بل قد قال الله سبحانه وتعالى: {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}، وقال: {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق}.
فهي سرعان ما تدحض وتزول إذا عرف العلم الذي يدفعها ويزيلها، أما الشبه في وجود الباري سبحانه وتعالى فهذه أسخف الشبه وأضعفها، ولا ينبغي لعاقل أن يلتفت إليها، فهل يصدق عاقل أن هذا الكون على ما فيه من دقة وإحكام، وعلى ما فيه من عظمة وإتقان، هل يصدق عاقل أن هذا الكون يسير نفسه بنفسه أو أنه وجد من غير موجد، وقد قامت القواطع العقلية في العقول أنه لا بد لكل فعل من فاعل، فهل يقبل عقل أن يكون هذا الكون قد خلق من غير خالق؟ وهذا هو السؤال الذي يوجهه القرآن لكل عاقل، فقد قال سبحانه وتعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}؟
إن استعمال العقل والتفكر في آيات الله سبحانه وتعالى المبثوثة في هذا الكون هما خير معين للوصول إلى اليقين الجازم بوجود الباري سبحانه؛ ولهذا حثنا الله سبحانه وتعالى على التفكر، وكثيرا ما يخاطب القرآن {أولوا الألباب} ويختم بهذا آيات عديدة، والألباب: العقول الخالصة، فأعمل عقلك – أيها الحبيب – وتفكر في مخلوقات الله تعالى من حولك، ففي كل مخلوق عظم أو صغر أدلة لا تحصى على وجود الخالق سبحانه وتعالى، وأول هذه الأدلة نفسك، فلا تذهب بعيدا، تفكر في نفسك ما فيك من عجائب وغرائب، ما فيك من أدلة دالة على قدرة الذي خلقك وصنعك وركبك، وستجد في نفسك ما يدلك على ذلك، ولهذا قال الله سبحانه: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}؟
ننصحك - أيها الحبيب – بمتابعة البرامج المسجلة للعلماء الذين يتكلمون عن إعجاز القرآن وما فيه من أدلة على توحيد الرب سبحانه وتعالى، ومن أحسنها وأمثلها برامج الشيخ عبد المجيد الزنداني – حفظه الله تعالى – والوصول إليها سهل متيسر.
ننصحك كذلك – أيها الحبيب – بالإكثار من قراءة كتاب الله تعالى والتفكر بما فيه من الكنوز والدقائق، ونوصيك بالإكثار من مجالسة الصالحين وحضور مجالس العلم والذكر، والتحصن بذكر الله سبحانه وتعالى، فإن ذلك مما يقوي إيمانك ويدفع عنك وساوس الشيطان وأوهامه.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الهدى واليقين.