لدي خوف شديد من عدم المقدرة على النوم سبب لي الأرق، فما العلاج؟

0 839

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أحب أن أوجه الشكر لهذا الصرح الشامخ ولما يقدمه من خدمات ومساعدات قيمة، نسأل الله أن تكون في ميزان حسناتكم.

أنا شاب عمري 19 عاما، لدي خوف من عدم النوم أصابني منذ نصف سنة، سبب لي الأرق، فأنا لم أنم الآن منذ يومين، أعاني من وساوس النوم الذي سرق مني لذة الحياة، فأنا كثير التفكير في النوم، وكيف سأنام، لدي خوف شديد من عدم المقدرة على النوم، ففي كل ليلة أسأل نفسي هل سأنام هذه الليلة أم لا، وفي كل ليلة أعتقد أنني لن أنام هذه الليلة ولا التي بعدها حتى أصاب بالجنون أو الموت!

وأحيانا بالفعل بسبب هذه الوساوس لا يأتيني النوم، وأصاب بأرق شديد، ويولي الليل دون أن أنام، وعندما تتزايد الساعات ويمر الوقت وأنا لم أنم تزيد الوسوسة، وتزيد ضربات القلب، وأشعر بقلق شديد يحرمني من النوم، أحاول النوم وأتقلب لساعات ولكن لا أنام، وأنا أشعر بخوف شديد من عدم المقدرة على النوم، هذا يحدث كل ليلة وكل صباح، وقد سبب لي المتاعب، وكرهت الحياة؛ لأن وقتي كله أصبحت به قلقا جدا وكثير التفكير.

أتمنى أن أعود كما كنت، وأن أنسى هذا الوسواس، فما العمل -جزاكم الله خيرا-؟ وهل حالتي بسطية ويمكن التغلب عليها أم أنها صعبة؟

أتمنى أن تصفوا لي العلاج المناسب وأن أكون متابعا معكم لحالتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdullah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فوساوس عدم المقدرة على النوم موجودة، لكنها نادرة بعض الشيء، منذ فترة قريبة أتتني سيدة فاضلة جدا، لديها خوف أنها لن تنام، وهذا الخوف وصل لطابع وسواسي، ومن شدة وساوسها كانت تطلب من زوجها ألا ينام قبلها أبدا، وصارت على هذا النمط، وزوجها – جزاه الله خيرا – اعتقد أنه يساعدها بهذا العمل، فكان فعلا ينتظر ولا ينام حتى تنام هي، وسارت الأمور على هذا المنوال لفترة، ويظهر أن زوجها سافر في إجازة بسيطة فقامت عليها الوساوس ولم تنته، ولكني تواصلت معها وطمأنتها، وأعتقد أنها الآن أفضل.

الإشكالية في هذه السيدة أن زوجها – جزاه الله خيرا – حاول أن يساعدها كما يعتقد، لكنه قد مكن ودعم الوساوس لديها، وذلك بأنه كان ينتظرها حتى تنام، وفات عليه أن النوم هو حاجة غريزية بيولوجية، لا بد للإنسان أن ينام، يعني أن النوم ليست عملية مزاج، النوم ليست عملية رغبة أو عدم رغبة، النوم هو في المقام الأول أمر غريزي طبيعي، يعتمد على مواد معينة في الدماغ، وهنالك مراكز معينة في الدماغ مسؤولة عنه، وهنالك نوع من الوصلات الكهربائية التي تحدث بين خلايا الدماغ لتسهيل عملية النوم، وقطعا الجانب النفسي لا ننكره؛ لكنه ليس جانبا أساسيا، لأن الإنسان أيضا يجب أن يهيأ للنوم ويحضر نفسه وينام في المكان الصحيح ويحرص على أذكار النوم.

فأيها الفاضل الكريم: رويت لك هذه الحادثة البسيطة لأثبت لك أن هذه الوساوس هي وساوس غير منطقية، وساوس غير صحيحة، لكن الإنسان إذا اتبعها وإذا حاول أن يسير في طريقها قطعا سوف تقبض عليه قبضا شديدا، وتزداد.

فأذكرك مرة أخرى أن النوم حاجة بيولوجية طبيعية غريزية، ليست تحت إرادة الإنسان بصورة كاملة، فإذن سوف تنام سوف تنام، هذا لا شك فيه.

نحن دائما في علاج الوساوس القهرية نقول للناس: لا تناقشوا الوساوس، لا تخضعوها للمنطق، لكن هذا النوع من الوسواس لا بد أن تناقشه، ولا بد أن تتفكر وتقول لنفسك: (كل الناس تنام لماذا لا أنام أنا) وتذكر قولتي هذه أن النوم يعتمد على خلايا في الدماغ على مواد كيميائية وكلها سليمة، مركز النوم ومركز الأكل ومركز الشرب هذه الأمور الطبيعية لها مراكز ثابتة في الدماغ، فتحقيق هذه الحقيقة واستيعابها هو الأمر المهم جدا لعلاج حالتك.

الأمر الثاني: الإنسان يجب أن يحاول أن يعيش حياة صحية، الحياة الصحية نعني بها: أن تثبت وقتا لنومك، ووقتا لراحتك، ووقتا للرياضة، ووقتا للدراسة، ووقتا للعبادة، هذه هي الحياة الصحية المرتبة، والنوم المبكر دائما طيب، والنوم دعه يبحث عنك ولا تبحث عنه، لأنه في الواقع هو أمر غريزي وطبيعي، فهو الذي يبحث عنك، كل المطلوب منك أن تهيئ الوقت، وأن تهيئ المكان، وأن تكون في حالة استرخاء، وأن تحرص على أذكار النوم، فهي مهمة جدا.

ومن أجل تحسين صحتك النومية أيضا: أن تتجنب النوم النهاري، لا تتناول الشاي والقهوة في فترة الأمسيات.

إذن هذا هو المطلوب، وأنا (حقيقة) لمساعدتك بصورة أكبر وأفضل هناك دواء يعرف باسم (أنفرانيل) والذي يسمى علميا باسم (كلوإمبرمين) وهو من الأدوية القديمة، يستعمل لعلاج المخاوف والوساوس والقلق وكذلك الاكتئاب النفسي، جرعة هذا الدواء قد تصل حتى مائتي مليجرام في اليوم، لكن أعتقد أنك محتاج له بجرعة صغيرة، وهي أن تتناوله ليلا بجرعة خمسة وعشرين مليجراما، تناوله ساعة ونصف قبل النوم، وإن شاء الله تعالى سوف تجد أن نومك أصبح مريحا جدا، لأن هذا الدواء يقضي على الجانب الوسواسي، وفي ذات الوقت يقضي على القلق والتوتر، ويجعلك تنام بصورة أفضل، هو غير إدماني وغير تعودي، من آثاره الجانبية أنه قد يسبب قليلا من الجفاف في الفم في الأيام الأولى، وقد تحس أيضا بثقل في العينين في الصباح في الأيام الأولى للعلاج، بخلاف ذلك فهو دواء ممتاز، كما أنه غير مكلف.

إذن تستمر على جرعة الخمسة وعشرين مليجراما هذه ليلا كما ذكرنا ساعة ونصفا قبل النوم تتناولها، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذن موضوعك بسيط - إن شاء الله تعالى – تماما، وأرجو أن تتبع ما ذكرته لك من إرشاد، وأسأل الله تعالى أن يعافيك ويشفيك، وتصوم وتفطر على خير - إن شاء الله تعالى -.

مواد ذات صلة

الاستشارات