ما الحل العملي لبطالة وكآبة صديقتي بعد الجامعة؟

0 347

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على الرد على استشارتي (2178683)، جزاكم الله خير الجزاء، لكن عندي بعض الإشكالات.

بالنسبة لتشجيع صديقتي لدراسة الماجستير، فآخر مرة تكلمنا عنها ذكرت أنها ليست متحمسة مثل قبل، وتشك في حصولها على وظيفة بعد ذلك، بسبب بعض الكلام الذي سمعته، ولا أدري إن كانت صديقتي فعلا مقتنعة بهذا الكلام أو لا، لأنها كانت ترى أنه لا يهم حتى لو لم نتوظف، فالمهم أن نشغل وقتنا بالدراسة، وأخاف إذا كلمتها عن الماجستير وحمستها له، أن تفهمني خطأ، أو تحسب أني أبين لها أني أفضل منها، أو أغيظها، وأيضا الماجستير غير مضمون القبول فيه، وحتى لو فرضنا أنها قبلت فلن تدرس إلا بعد سنة، وأنا أتمنى شيئا يشجعها ويسعدها، وتقضي فيه وقتها الآن، وإذا بدأ تقديم الماجستير تقدم، وإذا قبلت فالحمد لله، وإذا لا، فتكمل حياتها وتعيشها بدون أن تصدم وتتحطم، وتفقد حلمها الذي جلست سنة تحلم به.

بالنسبة للمدارس الأهلية، صديقتي ليست متحمسة كثيرا بسبب مشاكلها، لكن أهلها متحمسون، أما المعاهد والدورات والتحفيظ فهي متحمسة لها، لكن أهلها لا يريدونها، وهي غير مخطوبة، ودائما أهلها يتكلمون في هذا الموضوع ويلحون فيه، وهي ليس في يدها شيء.

وبالنسبة لحفظ القرآن، فصديقتي أختها متخرجة من معهد، وكم مرة أنصحها أن تحفظ وتسمع لها أختها، لكنها ليست متحمسة لأنها ستكون وحدها، وأكثر ما تريده الحماس والتشجيع، وأنا –الحمد لله- أحفظ القرآن، وأحاول تشجيعها للحفظ، لكن لا أحس أنها تحمست.

أنا محتارة، لا أدري كيف أساعدها، وكيف أبين لها أني لم أتخل عنها ولن أفعل، مع العلم في الفترة الأخيرة قويت علاقتنا، وصارت تشكي لي همومها، وأنا أحاول أن أساندها، لكن أحس أني لم أقم بالواجب، وما وصلت لحل عملي للمشكلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الأمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونحن في قمة السعادة لتواصلك معنا دائما، ونتمنى ألا ينقطع هذا التواصل ما دام فيه النفع لنا ولك، ولأخواتك ولجميع المسلمين، ونسأل الله جل جلاله أن يوفقك في دراستك، وأن يمن عليك بحفظ كتابه سبحانه وتعالى، وأن يتفضل عليك بزوج صالح طيب مبارك، يكون عونا لك على طاعته ورضاه، كما نسأله تبارك وتعالى أن يجعلك من المسلمات المتميزات المتفوقات، اللواتي يخدمن دينهن بأمانة وإخلاص، وصدق وتميز.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة–، فيما يتعلق بصديقتك التي حاولت معها -وما زلت تحاولين- فيما يتعلق بدراسة الماجستير، حيث أنها لم تقبل وأنت قد يسر الله لك الأمر، وتواصلين دراسة الماجستير الآن، فلعل ذلك أدى إلى نوع من الفتور لديها، وكذلك أيضا فكرة حفظ القرآن الكريم وأن تبدأ مع أختها، ولكن أيضا هي غير متحمسة لا لهذا ولا لذاك، ويبدو أنها من النوع الاتكالي، لأن الناس يختلفون في تفكيرهم وأنماط سلوكهم، ولذلك قال الله تبارك وتعالى: {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}، فالفوارق الفردية هذا شيء جبل الله الخلق عليه، وهو من محاسن هذه النعمة –نعمة الحياة–، أن يكون لكل واحد منا رغبته الخاصة، وشخصيته الخاصة وأفكاره الخاصة، ولكن مما لا شك فيه أن التخاذل والتكاسل، يضيع على الإنسان فرصا عظيمة في دنياه وآخرته، ومن هنا نجد أن الله تبارك وتعالى حثنا على المسارعة والمسابقة إلى الخيرات، حيث قال: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة}، وقال: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة}، وقال: {فاستبقوا الخيرات}، وأثنى على عباده المؤمنين الصادقين بقوله: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا}.

والواجب على المسلم أن يعلم أن الدنيا ساعة، وأن خير العباد من جعلها طاعة، وأن يحرص على استغلال تلك الفرصة المتاحة، التي قد تتسرب من بين يديه كما يتسرب الماء من المنخال، ثم لا يجد أمامه فرصة لعمل أي شيء مجد أو نافع، أو يعود عليه بالخير في دنياه وآخرته، فالواجب علينا كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، بمعنى أن الإنسان يجب عليه أن يستغل الفرص المتاحة حتى وإن كانت ضيقة جدا، حتى وإن كان لا يكون بعدها شيء، المهم وضع بصمة على جبين الحياة بأنه قد قدم شيئا لنفسه أو لغيره.

هذه الأخت فيما أعتقد أنها في حاجة إلى بعض المحفزات الخارجية، وأقصد بالمحفزات دراسة بعض المهارات التي تتعلق بالتميز والتفوق، وكذلك تحفيز الهمة وشحذ العزيمة، فهي في حاجة إلى أن تخضع لدورات تميز أو تغيير، لأنك كما تعلمين -أختي الكريمة أمل–، أن الله تبارك وتعالى جعل تغيير الإنسان مسؤولية الإنسان نفسه، فقال سبحانه وتعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فإذا لم يكن لدى الشخص الاستعداد للتغيير، فإنه لا يمكن لي ولا لك ولا لأي أحد أن يقوم على تغييره، لأن التغيير عملية داخلية وليست عملية ظاهرية، نحن قد نؤيد ظاهر الأشياء، لكن حقيقة الأشياء لا نستطيع أن نغيرها، وإذا لم يكن لدى الإنسان رغبة جادة في التغير، فإنه لم ولن يتغير.

لذلك أنصح هذه الأخت الكريمة، وأنصحك أنت أيضا بأن تقدمي لها بعض الكتب هدية، وذلك على سبيل المثال: كتاب في علو الهمة، وليكن كتابا مبسطا ليس كتابا مطولا، وتقولي لها (هذه هدية لك ولكن تعاهديني على أن تقرئيها بتأن)، لعلها عندما تنتهي من الكتاب تكون قد تغيرت بنسبة عالية جدا، هناك كتاب أيضا يباع في مكتبة جرير بعنوان (من يشد خيوطك؟) أي ما هي العوامل التي تؤثر فيك، وهو يضع خطة جيدة جدا لترتيب الأولويات، وآخر بعنوان (اعتن بحياتك)، هذه كتب أرى أنها مفيدة جدا -بإذن الله تعالى– ونافعة لها ولغيرها، فما المانع أن تعرضي عليها هذه الكتب على سبيل الهدية؟ أو تشتري نسختين، نسخة لك ونسخة لها، وتحاولي أن تتنافسي معها في القراءة (ما رأيك أن نقرأ هذا الكتاب معا؟)، ولو عبر الهاتف أو التواصل الشخصي إذا كان ذلك ممكنا، وبذلك تستطيعين أن تدفعيها إلى التميز بطريقة غير مباشرة.

أيضا مع إشعارها بأنه لا بد لها من دور إيجابي، لأنه إذا فاتها دراسة الماجستير هذا العام فيمكن أن تتقدم العام القادم، وقضية حفظ القرآن الكريم قضية ليس لها وقت، فما دام لديها أخت مجيدة، فلا مانع من أن نحفظ ولو بمعدل كل يوم آية، وأحب الأعمال إلى الله تعالى أدومه وإن قل، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-.

إذن نحن في حاجة إلى شحذ همة هذه الأخت، وكما ذكرت لك يكون ذلك بالكلام المباشر منك، ولا تقولي (إني أخاف أن تتحسس)، لأن هذه الفكرة التي لديك هي أيضا من عمل الشيطان، فإن الشيطان لا يريد لها الخير، وبالتالي يوهمك بأنها لن تأخذ بكلامك، وأنها قد تتحسس منه، رغم أن علاقتكما الآن أقوى من ذي قبل، فأنا أرى أن تتكلمي معها في هذا الموضوع بوضوح، ثم بعد ذلك -كما ذكرت لك– تعرضي عليها أن تقرآ معا هذه الكتب، لأنك ستستفيدين منها أكثر من فائدتها هي، لأنها ستزيدك تحفيزا، أما هي فسيدفعها ذلك إلى التحفيز.

والدعاء أيضا مهم وفاعل ومؤثر، لذلك عليك بالدعاء لها أن الله تبارك وتعالى يرزقها علو الهمة، ويذهب عنها هذا الضعف والاستكانة والخضوع، لعل الله تبارك وتعالى أن يكرمها بدعوة صادقة منك أو من غيرك في لحظة قبول، فيتغير حالها تماما -بإذن الله تعالى-.

أسأل الله أن يوفقك وإياها لكل خير، وأن يعيننا وإياكم وسائر المسلمين على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات