السؤال
السلام عليكم..
أنا فتاة بعمر 20 سنة، كانت لي علاقات سابقة، ولقد علم بها أهلي، وعوقبت عليها، في البداية كنت أضرب بأشياء عنيفة كالأجهزة، وهذا تقريبا منذ 4 سنوات، حاولت أن أنتحر ولم يفد ذلك، حاولت أن أهرب من البيت، مع أني لا أعرف لماذا هربت؟ ولا إلى أي مكان سأهرب؟
مع أني كبرت وتبت، ولكني لا أستطيع أن أسامح نفسي، أشعر بأني إنسانة قذرة، ولا أستطيع أن أنسى أنني فعلت ذلك يوما.
صارت لي مشكلة في الآونة الأخيرة: حيث قامت أختي بمعايرتي بالماضي أمام أولادي، فقمت بضربها بدون شعور، فكلامها أعادني للماضي، تمنيت أن أحرق نفسي، وكرهت أختي التي لم أتوقع منها هذا الشيء، لا أستطيع أن أرجع كما كنت في السابق، ولا أستطيع أن أراهم، فقد كرهتهم، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ reema حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونبارك لك هذا الشهر الفضيل، وندعوك إلى التوجه إلى الله الجليل، وأبشري فإن الله يقبل توبة من يتوب إليه، بل إنه العظيم الذي يفرح بتوبة من يتوب إليه، فجددي التوبة، وإذا ذكرك أي إنسان بالأخطاء الذي حصلت منك؛ فما عليك إلا أن تجددي التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الله تبارك وتعالى ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، ولا سمى نفسه رحيما إلا ليحرمنا.
إذا وجد في الناس من يعيب على التائب – أو التائبة –، ويذكره بعيوبه؛ فإن الله سيبتليه بمصيبة يندم عليها ويتحسر منها، ولذلك لا تبالي بأمثال هؤلاء، وحاولي دائما أن تكوني الأكبر والأعقل، فلا تقابلي إساءة أهل البيت بالإساءة، ولكن توجهي إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الله تبارك وتعالى لا يضيع عنده أجر التائبين المنيبين إليه سبحانه وتعالى، واعلمي أن الخطأ الذي وقعت فيه ليس نهاية المطاف، فإن الإنسان إذا أخطأ ثم رجع إلى الله تبارك وتعالى فإنه أولا يفوز بمغفرة الغفور، بل إن الإنسان إذا أخلص في توبته، وصدق في رجوعه، وتاب توبة نصوحا، فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفورا رحيما.
لذلك ينبغي ألا يأخذ الشخص الأمور بعد التوبة أكبر من حجمها، واعلمي أن الإنسان إذا ابتلي بشيء من هذه الأشياء، وستر على نفسه؛ فإنه يستطيع أن يمضي ويستأنف حياته، وأمره إلى الله تبارك وتعالى، فاستري على نفسك، واحشري نفسك في زمرة الصالحات، وتوجهي إلى رب الأرض والسموات، واعلمي أن شياطين الإنس والجن وخاصة الشيطان؛ هو الذي يحرص على أن يذكر الإنسان بذنوبه وخطاياه، ومراد هذا العدو أن يصل بالإنسان إلى اليأس والقنوط من رحمة الله - والعياذ بالله –، فعاملي هذا العدو بنقيض قصده، وإذا ذكرك مذكر بالذنب؛ فجددي التوبة، وإذا ذكرك الشيطان بتلك الأيام؛ فتعوذي بالله من الشيطان الرجيم، وجددي التوبة، فإن هم هذا العدو هو أن يحزن الذين آمنوا، لكن الله يقول: { وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله }، فعاملي هذا العدو بنقيض قصده، واعلمي أن هذا العدو يندم إذا استغفرنا، ويحزن إذا تبنا، ويبكي إلى رجعنا لربنا وسجدنا له، فعامليه بنقيض قصده.
تعوذي بالله من شر وساوس السوء، وحاذري أن تفكري في مسألة الانتحار، أو العدوان على نفسك، أو الإساءة لنفسك لأنك تائبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
استأنفي حياتك بصفحات جديدة مشرقة، وأقبلي على الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الله يدافع عن الذين آمنوا، وكثير ممن وقعوا في الخطأ – أو وقعن في الخطأ – تبن إلى الله وسرن في الحياة، وهناك من يقع في المعصية والمخالفة والعظيم يستر عليه، فلعل الله تبارك وتعالى أحيانا يريد بالإنسان خيرا عندما يأتي له بمن يوقفه عند حده ولا يتمادى في المعصية، وكثير من الناس يظل في الخطأ، ويستمر عليه، حتى يأخذه الله أخذ عزيز مقتدر، فاحمدي الله الذي عجل لك بالتوبة في حياتك، وأقبلي على الله تبارك وتعالى، ولا تقفي أمام مثل هذه المواقف الصغيرة، وتوجهي إلى الله تبارك وتعالى، ولا تعطي الموضوع – كما قلنا – أكبر من حجمه، لأن الشيطان يريد لحياتك أن تتكدر، من أجل أن تعودي إلى الوراء، ومن أجل أن تيأسي وتصلي إلى القنوط – والعياذ بالله – من رحمة الله.
نكرر ترحيبنا بك، ونهنئك على التوبة، وندعوك إلى الإكثار من الحسنات الماحية، فإن الحسنات يذهبن السيئات، ذلك ذكرى للذاكرين.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.