إذا كان الشخص يعلم بأن مصيره النار، فلم الخوف إذا من عذاب جهنم؟!

0 465

السؤال

السلام عليكم.

مللت من الدنيا، أنا عاقة لوالدي، أصلي وأقطع صلاتي، ورمضان على الأبواب، والله إني خائفة، وأفكر في الانتحار، كما لم أفكر فيه من قبل، أعلم بأنه حرام، ولكن إذا كان هذا الشخص الذي يريد الانتحار يعرف أن عمله في دينه لا يجيده، وعمله في دنياه لا يجيده، ويعرف بأنه سيدخل النار، إذا لم الخوف من جهنم بعد الانتحار؟ هل اليأس والاكتئاب سبب كاف للانتحار؟
والله لا يعلم حالتي إلا الله!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mouslima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يملأ قلبك إيمانا وطاعة واستقامة، وأن يعينك على بر والديك – إنه جواد كريم – كما نسأله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياك من أهل الجنة.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن فكرة الانتحار فكرة خاطئة تماما، لأنك بذلك تكونين قد هربت من عذاب بسيط يتوقف في يوم من الأيام، وقد يغفر الله لك ويتوب عليك من هذه الذنوب جميعا، إلى عذاب لا يتوقف أبدا، لأن الذي يقتل نفسه؛ يظل خالدا مخلدا في النار والعياذ بالله تعالى.

ولذلك تفكيرك – واسمحي لي أن أقول لك – غير منطقي، وغير واقعي، وغير صحيح، لأن فيه ضرر عظيم بالنسبة لك، فأنت الآن بالنسبة لعقوق الوالدين تستطيعين الآن أن تغيري من سلوكك، وأن تحاولي أن تتواصلي مع والديك، وأن تجتهدي في ذلك فيغفر الله لك ما سلف، كذلك بالنسبة لقطع الصلاة تستطيعين أن تبدئي الصلاة بانتظام من الآن، وبذلك تغلق أبواب كل هذه المعاصي كلها، وتكونين في أحسن حال.

أما الانتحار – يا بنيتي – فهو ليس حلا لمشكلة، وإنما حل مشكلة بملايين المشاكل، ودخولك في مشكلة لا نهاية لها أبدا، لأن النبي أخبرنا - عليه الصلاة والسلام – أن الذي يقتل نفسه يظل في جهنم يتجرع آثار هذه الجريمة إلى ما شاء الله رب العالمين، بل من العلماء من قال بأن قاتل نفسه يخلد في النار ولا يخرج منها عياذا بالله.

أما عاق الوالدين فإنه الآن ما دام لديه فرصة أن يصحح وأن يحاول أن يغير، الآن لا بد أن تبحثي عن أسباب العقوق، وأن تحاولي القضاء عليها، هذا هو المنطق – يا بنيتي – لأنه لماذا أنا أعق والدي؟ لا بد أن هناك أسباب، فيجب أن أبحث في هذه الأسباب، وأحاول القضاء عليها، وأحاول أن أتقرب من والدي، وأن أجتهد في إكرامهما وبرهما والصبر على أذاهما، وأجتهد في الإحسان إليهما والدعاء لهما، وأدخل السرور عليهما، والله تبارك وتعالى قادر - ما دام هذا ابتغاء مرضاته – أن يبدل سيئاتك حسنات، وأن يدخلك الجنة برضا والديك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (رضا الله من رضا الوالدين، وسخط الله من سخطهما) هذه فرصة.

كذلك بالنسبة لقطع الصلاة: أنت التي تقطعين الصلاة بنفسك، وأنت التي سوف تحافظين على الصلاة بنفسك، فالأمر يحتاج منك إلى نوع من الجدية والعزم والحزم، فابدئي في المحافظة على الصلاة في أوقاتها، وبذلك تنتهي المسألة تماما، لأنك تعلمين أن عقوق الوالدين يؤدي إلى النار – والعياذ بالله – لأن النبي قال - عليه الصلاة والسلام – قال: ( لا يدخل الجنة عاق ) كما أن ترك الصلاة أيضا – والعياذ بالله – يؤدي إلى النار، كما قال الله تعالى: { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا }.

ولكن هذه المشاكل حتى وإن كانت بهذا المستوى من الشدة؛ إلا أنها أهون بملايين المرات من عقوبة الانتحار، ولذلك فكرة الانتحار فكرة خاطئة، وفكرة شيطانية، والشيطان يزينها لك، لأن الشيطان يفرح عندما تكونين منتحرة وتموتين منتحرة، وتظلين معه في قعر جهنم، فالشيطان لا يريد أكثر من ذلك.

أما هذه المعاصي فهي قابلة لعفو الله تعالى وغفرانه، شريطة أن تتوقفي عن هذه المعاصي، وأن تغيري هذا السلوك، وبإذن الله تعالى سوف يكرمك الله تبارك وتعالى بأن يغفر لك، بل وقد يبدل الله سيئاتك حسنات.

كونك تقولين بأنه ليس لديك عمل ديني جيد ولا عمل دنيوي جيد، فهذا ليس صحيحا، وكونك تسألين؛ فمعنى ذلك أن فيك خير كثير، لأنه لو لم يكن فيك خير – وصدقيني – والله ما اتصلت بنا، ولا كتبت إلى هذا الموقع الإسلامي الذي تعرفين أنه موقع إسلامي خالص.

إذن أنت فيك خير كثير، ولكن تحتاجين إلى عوامل تعينك على استثمار هذا الخير، ابحثي عن صحبة صالحة، حاولي أن تجعلي لنفسك وردا قرآنيا يوميا تقرئين فيه شيء من القرآن الكريم، حاولي أن تحافظي على أذكار الصباح والمساء؛ لأن الله سيحفظك بها من كيد الشيطان - بإذن الله تعالى – واجتهدي في بر والديك والإحسان إليهما، وأكثري من الدعاء أن يغفر لك الله ويتجاوز عن سيئاتك، وبإذن الله تعالى ستكونين في أحسن حال، وما يدريك لعل الله أن يمن عليك في هذا الشهر الكريم المبارك بتوبة صادقة ونصوح، ويكتب لك براءة من النار، لأن الله تبارك وتعالى له عتقاء من النار في كل ليلة، قد يمن الله عز وجل عليك بالعتق في هذه الأيام المباركة فيغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.

فأحسني الظن بالله، واجتهدي في الاعتذار لوالديك، وحاولي إكرامهما وطاعتهما وبرهما، وحافظي على صلواتك؛ لأنه في رمضان كل الناس تصلي، حتى الذي لا يصلي في غير رمضان يصلي في رمضان، وحاولي أن تصلي صلاة التراويح مع المسلمين في المسجد، واجتهدي في قراءة القرآن والدعاء، وأنت تعلمين أن الصائم له دعوة لا ترد، فألحي على الله تعالى، وأبشري بفرج من الله قريب.

مواد ذات صلة

الاستشارات