السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أدري كيف أشرح لكم مشكلتي، أنا طبيبة وعمري 26 عاما، لم أتزوج بعد، حصلت -ولله الحمد- على بعثة لإكمال دراستي التخصصية في الخارج، مشكلتي أني محتارة هل أذهب للخارج للدراسة أم لا؟ لأني أخاف إن ذهبت أن يطوفني قطار الزواج، علما بأن دراستي تتراوح بين 4-5 سنوات، لا يوجد حاليا أي زوج مناسب تقدم لخطبتي، وفي الوقت نفسه لا أريد أن أوقف دراستي أملا بالزواج، لأني لا أضمن أني سأتزوج، وبذلك سأضيع من يدي فرصة الابتعاث وكأني أتمسك بحبال خيالية، هذا الأمر ينال تفكيري ليل نهار، ولا أعلم ماذا أفعل وماذا أقرر.
أردت مشورتكم وأخذ رأيكم في الموضوع، هل أترك دراستي بهدف الزواج وانتظار الزوج أم لا؟ مع العلم أني صليت صلاة استخارة أكثر من مرة.
ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نورة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل، ونهنئك وأنفسنا بهذا الشهر الفضيل، الذي نسأل الله أن يعيده علينا وعليك أعواما عديدة، وسنوات مديدة في طاعته، وأن يجعلنا ممن طال عمره وحسن عمله، ونشكر لك هذا السؤال، وبالطبع نحن نؤكد لك أهمية مواصلة الدراسة والاستفادة من هذه البعثة، وتأهيل النفس من الناحية العلمية، مع ضرورة مراعاة الضوابط الشرعية، والمحافظة على سترك وحجابك، ورعاية الضوابط التي لا تخفى على مسلمة من خلال هذا الابتعاث.
ولا نؤيد طبعا فكرة التوقف عن الدراسة انتظارا للزواج، لأن هذا أمر في علم الله تبارك وتعالى، قد يكون غدا وقد يتأخر بعض الوقت، وفي النهاية الفتاة الصالحة التي تشغل نفسها بالطاعة لا تبالي، ولا نعتقد أن الدراسة مهما كانت في أي مكان حاجز أو مانع من الفتاة في إكمال نصف دينها بالزواج، بل ربما تحتاج هناك إلى أن تتزوج، وقد تصطحب زوجها في خلال دراستها، ومرت علينا تجارب كثيرة ناجحة لمن خرجوا للعلم وللمعرفة، ونالوا العلوم الكثيرة والوفيرة من خلال الاستقرار الأسري الذي يحتاجه الإنسان ليكمل دراسته، وليكمل مشواره في هذه الحياة.
فعليه نحن نوصيك بالمضي قدما في مشروع إكمال الدراسة، والاستفادة من فرصة الابتعاث، وعند ذلك لا نظن أن هذا عائقا، لأنه قد تجدين هناك من الصالحين، أو قد يصحبك من الصالحين ليكون إلى جوارك، وهذا ما نفضله لأبنائنا وبناتنا عندما يذهبوا للبعثات العلمية، أن تصطحب معها زوجها، أو يصطحب معه زوجته، لأن هذا أعون له على الصعوبات، وصيانة أيضا للنفس، فأنتم في بلاد الشهوات والشبهات، وأيضا فيه عون على الدراسة، ونحن نعتقد أن الزواج عامل دفع ومساعد في النجاح، وليس كما يتصور الناس، لأن الإنسان بعد الزواج يشعر أن له أسرة، وأن له آمالا جديدة، وأن هناك من يفرح بنجاحاته، وأن هناك من ينتظر هذا المستقبل المشرق، فيأخذ مزيدا من الدوافع في الطلب والاجتهاد في طلب العلم.
وباختصار نحن لا نؤيد فكرة تفويت فرصة الابتعاث انتظارا للزواج، الذي ليس لك فيه أي إشارات أو دلالات تدل على أنه أصبح قريبا، ولا نعتقد أن التي تدرس وتتعلم لن تكون مرغوبة، بل بالعكس الآن عكست الصورة، فالموظفة وصاحبة الشهادات والراتب مرغوبة، وإن كنا نحن لا نفضل حقيقة أن يعتمد الرجل على راتب زوجته، ولكن الرجل يسعى في هذا الزمان في البحث عن المتعلمة، صاحبة الوظيفة، صاحبة المكانة.
وعلى كل حال نحن نتمنى أن تكون النيات خالصة، وأن نقصد بهذا العلم والعمل وجه الله تبارك وتعالى، وأن تجتهدي في نيل علم تنتفع به هذه الأمة، وتقومي بالواجب المطلوب تجاه هذه الأمة العظيمة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.