السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أرجو أن تنصحوني فيما سأقوله.
منذ 3 سنوات ونصف كنت أتكلم في الهوتميل مع ابن خال أبي، وقد كانت بيننا علاقة أخوة، وبعد ذلك تحولت تلك العلاقة إلى تعلق لا أعرف كيف؟ وبعد ذلك عرفت بأنه يتكلم مع فتاة أخرى في الهوتميل، وبدأ ينسحب، ويقل اهتمامه، فانسحبت وتبت إلى الله تعالى، عسى أن ينسيني إياه، وبعد أسبوع وجدت رسالة منه تقول: لا أستطيع العيش بدونك وغير ذلك، فصدقته، ولكن في الحقيقة فقد اهتزت ثقتي به كثيرا، وبعد أيام وجدت رسالة من صديقه يقول لي: ما الذي فعلته له؟ فهو يحبك، وقد استحى من أن يفصح عن حقيقة مشاعره.
صراحة غضبت كثيرا، كيف يحدث صديقه عني؟ مع العلم أني ضد هذه العلاقات الغير الشرعية، ولم أتركه أبدا أن يتجاوز حدوده في الكلام، وقلت له: أنا حدودي الإسلام، وقل له بأن ينساني، لقد قلتها رغما عني، لأنني خائفة من أن أظلمه، مع أنني أحبه ويحبني كثيرا، إلا أنني كنت أتمنى من الله أن يجمع بيننا في الحلال، وخفت غضب الله، وبعد ذلك وجدته على علاقة مع أخرى بحجة أنني قلت له أن ينساني، فحزنت كثيرا، وفوضت أمري لله، فوجد رسالة تقول: لماذا تعذبيني هكذا، فأنا أحبك أنت فقط، فرجعت أكلمه، وثقتي به مهزوزة، ولا أعرف هل هو يريدني في الحلال، أم أنه يريد أن يتلاعب بي؟
والآن أنا خائفة من الله على هذه العلاقة، مع أني لن أدعه يتجاوز الحدود، وقللت دخولي إلى الهوتمايل، وهو كذلك، فأنا أعتقد بأنه بدأ يمل ولا يأبه، وأنا خائفة من أن أكون قد ظلمته، ولم أهتم لما قاله لي عن حقيقة مشاعره، ويظن أنني لا أبالي به لأنني أخاف الله.
ماذا أفعل؟ هل هو الآن يحتقرني، وهل الله تعالى غاضب علي؟ أنا حائرة، أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سماح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بداية نهنئك -ابنتنا- بهذا الشهر الفضيل، ونرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على السؤال، وهذا الورع، وهذا الخوف من الله تبارك وتعالى، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعوضك خيرا، وأرجو أن تحرصي فعلا على ألا تكون العلاقة إلا في إطار الشرع، وأرجو أن يعلم بوضوح أنك ستقبلين به في الحلال، وأنك لا تقبلين بأي علاقة خارجة عن الأطر الشرعية، وبعد ذلك لا يضرك الكلام الذي يقوله، فإن العذاب الفعلي والضرر الفعلي هو أن يتمادى الإنسان في طريق لا يرضي الله تبارك وتعالى، أما من تحرص على الطاعة، أما من تحرص على السير في الطريق الصحيح، أما من تريد أن تحتكم إلى شرع الله، فإنها لا تظلم نفسها ولا تظلم غيرها، بل الظلم للنفس وللغير إنما يكون بتجاوز حدود الشرع الحنيف الذي شرفنا الله -تبارك وتعالى- به.
وعلى هذا الرجل أو غيره إذا أرادك أن يطرق الباب، وأن يكلم أهلك الأحباب، وأن يأتي البيوت من أبوابها، وأن يطلب يدك بطريقة رسمية، ولا ننصحك بقبول أي علاقة إلا وفق هذا الإطار وهذه الأسس والضوابط، لأن هذا هو الذي يرضاه الله -سبحانه وتعالى-.
فالآن ندعوك إلى التوقف عن هذه العلاقة، وإذا كان فيه خير فعليه أن يأتي البيوت من أبوابها، وأن يجتهد في أن يعد نفسه، ثم يحول هذه العلاقة إلى علاقة رسمية شرعية.
هذا الذي فات يحتاج منك إلى توبة، والتوبة تجب ما قبلها، والله يفرح بتوبة من يتوب إليه، ولن يغضب عليك العظيم إذا تبت، فإن التوبة منزلة رفيعة وعمل صالح كبير ينال به الإنسان القرب من الله -تبارك وتعالى-، فتوبي إلى الله تبارك وتعالى، وتوقفي عن هذه العلاقة، وانصحي له، إذا تكلم فانصحي له بأنك لا تريدين هذه العلاقة، وأنك سألت، وأنك ستقبلين به جدا إذا جاء بالحلال وطرق دارك من الباب، أما غير ذلك فقولي (ديني لا يسمح بذلك) وقولي: (سألت العلماء فأفتوا بأن هذه العلاقة لا يمكن أن تقبل) فالإسلام لا يقبل علاقة بين رجل وامرأة إلا في إطار المحرمية أو في إطار الحياة الزوجية، إما أن يكون خالا أو عما أو أخا أو في إطار الزوجية، ولكن غير هذا لا علاقة بين رجل وامرأة مهما ظن الناس أنها بريئة، وأنت الآن أكبر شاهد، فقد بدأتم بعلاقة عادية، ثم شعرتم بأن التعلق يحصل، وهكذا الشيطان يستدرج ضحاياه، لا يقول (هيا إلى الزنا، هيا إلى الفواحش)، وإنما يبدأ بهذه العلاقات البريئة -كما يقال- ثم بعد ذلك يتدخل في المحطات الأخيرة ليفسد هذه العلاقة البريئة، وليجعل كل واحد يتعلق بالثاني على غير هدى من الله، وعلى غير كتاب الله، وعلى غير قواعد هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله -تبارك وتعالى-.
هنيئا لك بهذا الوعي، وبهذا الانتباه، وبهذا النضج الذي جعلك تتواصلين معنا، وهنيئا لك بهذه النفس اللوامة التي أشعرتك بأن ما يحصل خطأ، فعليك أن تسيري في هذا الطريق، فالإثم ما حاك في الصدر وتلجلج فيه وإن أفتاك الناس وأفتوك، فأنت أعلم بما يرضي الله تبارك وتعالى وما لا يرضيه، ومهما كانت الكلمات (عذبتيني) أو (ضيعتيني) أو غير ذلك، لابد أن تعلمي أن الضياع الفعلي في المعصية، ولكن بالعكس أنت الآن تنفعيه وتنفعي نفسك عندما تمتنعي عن السير في الطريق الحرام، هذا فيه إنقاذ لنفسك وله، والعذاب الفعلي والخلل الفعلي والشر الفعلي هو أن تستمروا في علاقة ليس لها قواعد وليس لها ضوابط، وأنت ستكونين الخاسر الأول، لأن أمثال هؤلاء الذين لا يريدون أن يعلنوا العلاقة، ولا يريدون أن يجعلوها علاقة رسمية، غالبا يكون همهم أن يعبثوا بالفتيات، ولا مانع عنده أن يتغدى بفتاة ويتعشى بأخرى، يعبث بمشاعر هذه وبمشاعر هذه.
ولذلك نتمنى أن تستمر على هذا النضج، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ولا تضعفي أمام كلماته، وأنت بالعكس على رضا من الله طالما أنت راغبة في التوبة وفي الرجوع إلى الله.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.