السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود من سيادتكم المساعدة والإفادة في هذا الأمر.
الموضوع وما فيه هو أنني بادئ في الحياة العملية من فترة بسيطة، حوالي من 6 شهور، فالمشكلة أنني أجد ارتباكا شديدا في التعامل مع مديري العام، وليس مديري المباشر، مع العلم أن جنسيته (مديري العام) غير جنسيتي، فإذا طلب مني طلبا أو أمرا أشعر بارتباك في تنفيذه، وفي بعض الأحيان أقابل منه تجاهلا لكلامي إذا صادف مني كلاما معه أو في أي اجتماع أو أي لقاء معه أتجنب الكلام، بل أتجنب حضور الاجتماع من أساسه.
مع العلم أني من الناحية الشخصية شخصيتي مزاجية، لكن في العمل دائما أحب المرح، لكن بحدود، بالذات مع مديري المباشر، وهذا إلى حد ما يجعلني محبوبا بين معظم زملائي، لكن ليس كلهم.
أرجو الإفادة: كيف يمكن التغلب على موضوع الارتباك في العمل، وكيف يمكن كسب ثقة مديري وأيضا ثقة الزملاء غير الودودين معي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا والتواصل معنا بهذا السؤال.
يبدو أنك من أصحاب الشخصيات المحببة للناس، وما وصفت من ارتباكك مع مديرك العام، فكثير مما ذكرت أمر طبيعي، وخاصة أنك حديث العهد بالحياة العملية، وبسبب الاختلاف الثقافي/ الجنسية بينك وبين هذا المدير، وربما كثير من الموظفين يشعرون بمثل هذا الارتباك عند التعامل مع المدير العام لشركتهم.
ويمكننا أن نصف هذا الارتباك ضمن الرهاب الاجتماعي، فبعض الناس ليس عندهم شيء من الخوف أو الخجل والارتباك في الظروف العادية، إلا أنهم يشعرون بالحرج والارتباك عند التعامل مع من هم في مكانة اجتماعية أو إدارية أعلى منهم، وهذا الأمر طبيعي، وإن كنا نسميه الارتباك الاجتماعي.
بالنسبة لموضوع الرهاب الاجتماعي فلا بد من ذكر أن وضوح التشخيص هو من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج، فما هو الحل؟
مما يفيد هنا أن تدرك طبيعة ما يجري أنها حالة من الانفعال العاطفي عند مقابلة مديرك والحديث معه أو أمامه، ومن ثم قد تجد نفسك غير راغب في الكلام أو تشعر بالارتباك بهذا الكلام، ولذلك قررت عدم الحديث بوجود هذا المدير.
ومن أهم علاجات الرهاب والخوف والأكثر فاعلية هو العلاج المعرفي/ السلوكي، وكما هو واضح من اسمه أن لهذا العلاج النفسي جانبان: الجانب المعرفي، والذي يقوم على التعرف على الأفكار السلبية التي يحملها المصاب، والعمل على استبدالها بأفكار أكثر إيجابية، ومنها مثلا فكرتك عن هذا المدير وما يمكن أن يتوقعه منك.
والجانب السلوكي: والذي يقوم على إعادة تعليم المصاب ببعض السلوكيات والتصرفات الصحية كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب المواقف المزعجة كحضور الاجتماعات مع المدير، يقوم العلاج بالتعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن؛ حتى "تتعلم" كيف أن هذه المواقف والاجتماعات ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما كنت تتصور سابقا، ويشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات.
وبالإضافة لهذه المعالجة المعرفية/السلوكية يمكن للطبيب النفسي أن يصف لك أحد الأدوية، لا أقول التي تعالج الرهاب، وإنما تحسن من ظروف العلاج، ويبقى العلاج الرئيسي هو العلاج السلوكي وكما ذكرت، وهناك العديد من الأدوية المفيدة، ويتحدد الدواء المناسب بعد تقييم الطبيب النفسي لحالتك بالشكل الشامل والمناسب.
ولا أقول أنك بالضرورة تحتاج لزيارة الطبيب النفسي، وإنما يمكنك أن تحاول من نفسك تجاوز هذه الصعوبة عن طريق الإقدام وعدم تجنب اللقاء بالمدير أو غيره، وبشيء من التدريب والتدرج ستجد نفسك أكثر جرأة وأقل ارتباكا في مواجهة هذا المدير وغيره، ولكن حاول أن تتحلى ببعض الصبر، وستجد تغيرا كبيرا وفي وقت قصير بعون الله.
وانظر العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 ).
والله الموفق.