السؤال
السلام عليكم..
لقد تخرجت في هذه السنة - والحمد لله – ولكن في تاريخ: 6/9/2011 وجدت نفسي لا أستطيع أن أتنفس، كما أحس بأن عضلة القلب منقبضة، فينقطع تنفسي، وأبدأ بمحاولة التنفس قليلا قليلا حتى يعود طبيعيا، لكن قبل هذا التاريخ كنت أحس بأني غير قادرة على التنفس، ولكن الإحساس كان بسيطا، وكنت أشعر به وأنا أصلي، أو حين آكل، أو عندما أريد النوم، وبقيت على هذا الحال لمدة شهر، لدرجة أن أهلي ظنوا أنني لن أستطيع إكمال دراستي، وأنني سأموت.
ولقد ذهبت لعدة أطباء، ولم يفيدوني بشيء، وأجريت عدة تحاليل، ورسم للقلب، فكانت النتيجة: بأن قلبي سليم، ولقد أعطتني دكتورة مجموعة فيتامينات، وأكواجين، وبقيت لفترة آخذ حقنا اسمها: بيوفيت 12، وأدوية أخرى لا أتذكر اسمها، وهناك من قال لي: بأن ما أعاني منه مرض نفسي، لأنني عندما كنت أحزن تأتيني نفس الأعراض، كما أنه في فترة امتحاناتي عادت لي أيضا، ولكنه الآن بدأ يعود مرة أخرى، ويبدأ معي بمجرد أن أفطر، وقليلا ما يحصل وأنا صائمة، فبمجرد أن أفطر؛ أصبح غير قادرة على أخذ النفس.
وللعلم: فأنا أحب الشيبس كثيرا، ولكن منذ شهر لم أتناوله، كما أن هناك حالة تحصل لي كل شهرين تقريبا، وهي أنني عندما أكون جالسة وأهم بالنهوض من مكاني أشعر وكأني أصبت بالعمى، ولا أرى شيئا، وأشعر وكأن رأسي ثقيل جدا، ويأتيني شعور بالتنميل، وأبقى على ذلك الحال لعدة ثواني ثم يذهب.
كما أود أن أخبركم بأني شخصية كتومة جدا، ودائما أفكر فى مشاكلي ومشاكل غيري حتى وأنا نائمة، فأغلب أهلي يخبرونني بمشاكلهم، فتجدني أستمع لهم، وأفكر معهم في حل، ولكن لا أتذكر أني اشتكيت يوما لأحد ما، وحتى لو حدث، فإن الأمر يكون بسيطا، فكل يوم تقريبا أحس بأن حالتي النفسية تسوء عن اليوم الذي قبله، والسبب يكون في من حولي، بقيت أحاول أن أبتعد عنهم وكثيرا ما أجلس بغرفتي، وأقضي أغلب وقتي على اللاب، والفيس مع أصحابي، وأجد ذلك أفضل من أن أتكلم مع أهلي.
في أوقات أتمنى أن أموت، ولكن أنا لا أضمن الجنة، مع أني أحمد الله على كل شيء.
أعتذر عن الإطالة، ولكن أتمنى أن أكون قد استطعت أن أوصل لكم ما أشعر به من مشاكل عضوية ونفسية.
وأتمنى الرد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فكرتك وصلت تماما، ورسالتك واضحة، ونسأل الله تعالى لك العافية.
المهمة الأساسية الآن هي أن نحدد هل أعراضك أعراض عضوية؟ بمعنى أنها ناتجة عن عضلات الصدر أو القلب، أم هي بالفعل أعراض نفسية؟
أنا حقيقة أكثر ميولا على أن الذي تعانين منه هو مجرد قلق وتوتر نفسي، وهذا القلق والتوتر أدى إلى انقباضات عضلية في الصدر، وهذه الانقباضات العضلية أعطتك الصورة على أنك تعانين من مرض في القلب، وهذا ليس حقيقة، ويعرف الآن أن أمراض القلب قد كثرت، والحديث عنها قد كثر، والمعلومات كثيرا ما تكون متناقضة، والإنسان حين يتنقل بين طبيب وآخر يسمع من هذا قول ويسمع من ذاك قولا مخالفا، وهذه في حد ذاتها تؤدي إلى الكثير من التوهم، وهذه إشكالية فعلية نواجهها الآن.
الذي أريده منك بالفعل هو أن تذهبي إلى الطبيب النفسي، قناعاتي قوية جدا أن كل الذي بك هو نوع من القلق النفسي الذي أدى إلى توترات عضلية في الصدر، دليلي على ذلك أن أحوالك قد تحسنت، حيث أن أمراض القلب لا تتحسن تلقائيا، هذا لا يعني أبدا أنني أجهل أو لا أعطي الجانب العضوي اعتبارا.
اذهبي إلى الطبيب النفسي، طبيب ثقة، والأطباء النفسانيين هم في الأصل أطباء بشريين، بمعنى أنهم قد تخرجوا في كليات الطب، ويفرقون ما بين ما هو عضوي، وبين ما هو نفسي، وبين ما هو نفسوجسدي، بمعنى أن العرض أصلا نفسيا لكنه أدى إلى أعراض جسدية أو أن العرض أصلا جسديا وأدى إلى أعراض نفسية.
فهذه هي الخطوة التي تتخذينها، وإذا رأى الطبيب النفسي أن يستشير أي من زملائه المختصين في أمراض الصدر أو القلب أو الباطني فسوف يقوم بذلك، وإن كنت أرى أنك لست في حاجة لذلك.
الذي تحتاجينه إذن:
1) مقابلة الطبيب النفسي، اشرحي له أعراضك منذ البداية، وخذي فحوصاتك معك، الفحوصات التي أجريتها عند الأطباء الآخرين.
2) أن تتفهمي حالتك من خلال ما سوف يذكره لك الطبيب النفسي.
3) أن تتبعي الإرشادات والتعليمات والتوجيهات والدواء الذي سوف يصفه لك الطبيب.
أعتقد أن هذا سوف ينهي هذه الإشكالية تماما، وأتمنى أن يبعث ذلك في نفسك طمأنينة.
الجوانب الأخرى هي: أن تعيشي حياة فاعلة بصفة عامة، الإنسان مهما تواجدت عنده أعراض نفسية أو عضوية أو خلافه يجب أن يكون فعالا في حياته، يجب أن يكون منضبطا في حياته، يجب أن يرتب أموره، وهذا كله ليس بالصعب أبدا، أن يستفيد الإنسان من وقته، أن يعيش لهدف، أن يضع الآليات التي توصله لأهدافه، أن يصل رحمه، أن تكون له العلاقات الحميدة والممتازة والجميلة.
هذه أمور علاجية وسلوكية مهمة جدا، كثيرا ما نتجاهلها أو لا نعطيها اعتبارا في الحياة، بالرغم من قيمتها العظيمة.
نحن أيضا في بعض الأحيان نهرب هروبا نفسيا غير محمود، الابتلاء الآن بالفيسبوك وباللابتوب وخلافه، والجلوس على الإنترنت لساعات وساعات، أعتقد أن هذا نوع من الهروب التدميري، يدمر الناس في أفكارهم وفي صحتهم النفسية والجسدية، والاستعمال الراشد لهذه الوسائل ولهذه المعينات مطلوب، لأنها بالفعل تعتبر من فواتح العلم العظيمة، لكن الانغماس فيها، والانكباب فيها، والإدمان عليها، قطعا له تبعات نفسية سيئة جدا، حيث إن الإنسان يمكن أن ينكمش وينحصر، بل يحدث له امتصاصا كاملا واستعبادا من قبل هذه التكنولوجيا.
فيجب أن يوزع الإنسان وقته بصورة صحيحة، يستفيد من كل طاقاته، ويجعل لحياته معنى.
هذا هو الذي أنصحك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.