السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد السؤال عن مشكلة حدثت بيني وبين خطيبتي، والسبب كان في عدم إطاعتها لي في طريقة لبسها, وبعد جدال طويل تشاجرت معها، وخرجت من المنزل غاضبا جدا، وبعدها بقليل وصلتني رسالة منها تدعو وتقول: "حسبي الله فيك"!
هل أنا على خطأ؟ وإذا كنت كذلك، كيف أصلح خطئي؟ وإن لم أكن كيف أردعها عن ما هي عليه؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نرحب بك ابننا الكريم في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والصواب، وأن يعينك على الخير، وأن يستخدمنا وإياك في طاعته، ونبارك لكم هذا الشهر الفضيل، ونسأل الله أن يهدي الخطيبة، وأن يهديك إلى الحق، وأن يجمع بينكما على الخير، وأن يقدر لك ولها الخير حيث كان ثم يرضيكما به.
نشكر لك بداية هذه الغيرة عليها وهذا الحرص على أن تحسن لبسها حتى ينضبط مع ضوابط هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى، وحقيقة كنا نتمنى أن نعرف ما هو نوع اللبس الذي ترتديه، وهل ارتداءها لهذا اللبس كان في بيتها أم في خارج بيتها؟ هل تقصد به اللبس الذي تجلس به أمامك، أم اللبس الذي رأيته عليها؟ أما اللبس الذي تخرج به؟ أم اللبس تكون به بين محارمها؟
يعني المسألة قد نحتاج فيها إلى بعض تفصيل، ولكن على كل حال نحن نشكر لك هذا الحرص على أن تكون الخطيبة ملتزمة بالزي الشرعي الذي يرضي الله تبارك وتعالى.
وكنا نتمنى أيضا معرفة ما هو الرد المباشر لهذه الفتاة، فإذا كان كلامك أنها خرجت بلباس غير شرعي، أو لباس فيه خلل أو فاضح أو ضيق أو قصير – إلى غير ذلك من المخالفات الشرعية – فأنت معك حق، ولكن سنأتي لنتحاور في كيفية مناقشة مثل هذه الأمور، وهل أنت سألت عنها؟ وهل عرفت عن أحوالها قبل أن ترتبط بها؟ وهل هذا الانحراف في اللبس قليل (يسير) أم كبير؟
يعني هناك أمور نحن نحتاج إلى أن نتكلم عنها ونقف عندها مع بعضنا، وعلى كل حال فإن إدارة النقاش في مثل هذه الأمور ينبغي أن يكون بمنتهى الهدوء، وبمنتهى الرفق، خاصة وأنت في مرحلة الخطبة، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في الكلام.
وفترة الخطبة نحن لا نريد أن تشتد فيها المناقشات؛ لأن هذا يتيح فرصة للتدخلات، فأنت لم تملك الفتاة إلى الآن، ولم تصبح زوجة لك حتى تتحكم فيها وتأمرها، وأيضا هذا يتيح فرصة لأهلها لأن يتدخلوا، يقولون (هذا خاطب، من الآن يريد أن يتحكم، من الآن كذا).
ولذلك كم تمنينا لو أنكم أدرتم هذا الحوار بالاشتراك معنا، بالتواصل مع هذا الموقع، حتى نناقش هذه الأمور بمنتهى الهدوء، فنحن طرف محايد، أهلها سيقفون معها، وأهلك وأصدقاؤك سيقفون معك، لكن الحق سيضيع في منتصف الطريق، وإن كنت على حق فإن الحق لا بد أن يقدم بطريقة طيبة وجيدة، من أمر بالمعروف فليكن أمره معروف، حتى النصيحة حتى الدين لا بد أن نبلغه بأسلوب صحيح.
وعلى كل حال: الآن نحن ننتظر منك كلاما، ولكن في كل الأحوال نتمنى أن تكون لك عودة، وأن يكون لك نقاش هادئ معها، وأن تجتهد في أن تعرف هل عندها شبهات في مسألة الحجاب؟ هل هناك من يحرضها؟ هل هذا أمر اعتادت عليه؟ ما هي وجهة نظرها من الناحية الشرعية؟
نحن نريد أن نعرف كيف كان هذا الرفض، يعني المسألة تحتاج إلى تفصيل، ولكن الذي نوصيك به هو أن تتحرى الحكمة، أن تتحرى اللطف، أن تتحرى اللين، أن تنتقي الكلمات المناسبة، والأوقات المناسبة، أن تجعل الشرع هو المعيار، أن تترفق في أمرك ونهيك، ولا زالت الفرصة معك، الإنسان إما أن تمسك بمعروف أو تفارق بإحسان، بل أنت الآن في مرحلة الخطبة، وهي فرصة للتعارف، فإن حصل فيها تعارف وتآلف وانسجام أكملنا، وإلا ليس عيبا ولست أول من يترك مخطوبته، وإن كنا لا نريد هذا؛ لأن الواحد منا لا يرضى هذا لابنته أو لأخته، ولكن إذا وصل الإنسان إلى طريق مسدود، فمن المصلحة ومن الخير أن تكون هذه الأمور واضحة، وأن يكون الأمر محسوما منذ البداية، حتى لا ندخل بعد ذلك في جدل، وندخل بعد ذلك في إشكالات، وتكون الورطة كبيرة عندما يحصل حمل، أو يأتي أطفال لهذه الأسرة الوليدة الجديدة.
نحن ندعوك إلى الحكمة والتعامل مع الوضع بمنتهى الحكمة، ولا مانع من أن تعود الأمور إلى مجاريها، كأن تسأل أسرتها عن رمضان، تحمل لهم أشياء تتعلق برمضان، تعبر عن المشاعر النبيلة تجاهها، ثم بعد ذلك تدخلون في هذا الحوار، حتى نعرف حجم المخالفة، والطريقة التي مارستها، والرد الذي ردت به، حتى يكون النقاش عن علم وعن وعي، ونستطيع فعلا أن نستوعب المسألة، حتى نستطيع أن نتدخل بما يرضي الله تبارك وتعالى.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.