ابتليت بمعصية وتبت منها لكنها تطاردني في كل أموري وتزعجني خطراتها.

0 334

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أنا كنت مبتلى في الماضي بمعصية كبيرة ولكن الحمد لله قد عافاني الله منها، ولكن منذ أن تبت منها إلا أن الخطرات والوساوس لم تتركني بل إنها تزعجني كثيرا، وتضيق صدري وتتدخل في كل أموري: من عبادة، ومذاكرة، وتعاملات مع الناس؛ فهي تذكرني دائما بماضيي الذي أتمنى نسيان ما اقترفت فيه من معاصي، مع العلم بأنني مداوم على الصلاة والقرآن والأذكار بفضل الله وعونه وتوفيقه، كما أنني أصبحت في العام الثاني في الكلية؛ أي أنني ما زلت في مقتبل العمر، فما هو الحل؟

أفيدوني بالله عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mido حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونهنئك بشهر رمضان الفضيل، ونهنئك بهذه التوبة والعودة إلى الله تبارك وتعالى، وبشرى لمن شغل نفسه بعد التوبة بالقرآن والأذكار والأعمال الصالحة، ونحب أن نؤكد لك أن الشيطان لا يترك التائب، بل يجلب إليه ما يضايقه، ولكن حسبنا أن ندرك أن هذا الشيطان عدو، كما قال الله: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا}، وحسبنا أن ندرك أن هم هذا العدو هو أن يحزن الذين آمنوا، ولكن الأمر كما قال الله: {وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله} ونبشرك بأن كيد الشيطان ضعيف {إن كيد الشيطان كان ضعيفا}.

فإذا ذكرك الشيطان بالماضي الأسود، بالمعاصي التي كنت تقع فيها، فما عليك إلا أن تجدد التوبة، وتجدد الاستغفار، وهذا يحزن عدونا الشيطان، فإن الشيطان يحزن إذا تبنا، يندم إذا استغفرنا، يبكي إذا سجدنا لربنا، فلنعامل هذا العدو بنقيض قصده.

وإذا أردت أن تصرف عنك الشيطان فما عليك إلا أن تجدد التوبة، تكثر من الاستغفار كلما ذكرك هذا الخبيث بخطاياك وبالماضي الذي كان عندك، هذا الماضي الذي يمحوه العظيم بفضله، بل إذا كان الإنسان صادقا في توبته مخلصا في أوبته {فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات} ليست مجرد توبة، بل تبدل السيئات القديمات بحسنات جديدات، وهذا من فضل الله تبارك وتعالى، فإن التوبة من أعظم القرب لله تبارك وتعالى.

ونؤكد لك: أن الرحيم ما سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا، ولا سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، والتوبة تجب ما قبلها –كما قال النبي صلى الله عليه وسلم– والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والله تبارك وتعالى هو القائل: {وإني لغفار} صيغة مبالغة {لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى}.

فعليك إذن: أن تمضي إلى الأمام، ولا تلتفت لهذه الوساوس، فإنها من كيد الشيطان، وكيد الشيطان ضعيف، واعلم أن هذا نعمة من الله عليك -هذه التوبة-، فكثير من الناس لا يزال يلهو، ولا يزال يمضي إلى الهاوية والعياذ بالله دون أن يرتدع أو يتوب أو يعود إلى الله تبارك وتعالى.

حاول دائما أن تشغل نفسك بالمفيد، حاول أن تكثر من الحسنات الماحية، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وذلك ذكرى للذاكرين، حاول أن تجتهد في دراستك، حاول ألا تكون وحدك فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، اجتهد دائما في البحث عن الرفقة الصالحة التي تذكرك بالله إذا نسيت، وتعينك على طاعة الله إن ذكرت.

لا تلتفت لهذه الوساوس التي يأتي بها الشيطان، فإن من أهم ما يعالج بها الإنسان الوساوس هو إهمال هذه الوساوس، عدم الاهتمام بها وعدم الالتفات لها وعدم الاغتمام لها؛ لأن هذا يجعل عمر الوساوس قصيرة، والشيطان أيضا ييأس إذا أهمل الإنسان تلك الوساوس وانصرف عنها واشتغل بما هو أغلى وأعلى، فعمر قلبك بحب الله وتوحيده، واشغل نفسك بطاعته.

نحن سعداء بهذه الاستشارة وبهذه المشاعر التي تدل على نفس فياضة، وتدل على مشاعر نبيلة، وتدل على روح –ولله الحمد– وثابة للخير، ونفس لوامة تلوم على التقصير، ونؤكد لك أن الماضي قد انطوى وإلى الأبد بتوبتك ورجوعك إلى الله.

نسأل الله أن يتوب علينا وعليك لنتوب، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يصرف قلوبنا إلى طاعته، وأن يعتق في هذا الشهر الفضيل رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا من النار.

نكرر لك شكرنا، ونعلن لك حبنا، ونرحب بك في موقعك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات