كيف أمنع عني الأفكار السيئة عن ذات الله جل وعلا؟

0 912

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي مشكلة وهي: أنني بين فترة وأخرى أفكر في أشياء شاذة عن الأنبياء والرسل، ولكن الأسوأ هو أني بدأت أفكر في أشياء عن الله سبحانه وتعالى، وأستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم، أريد طريقة لإبعاد الشيطان عني، وعدم التفكير في ذلك أبدا.

وأريد أن أعرف: هل عندما أفكر في ذلك تكتب علي السيئات أم لا، وأنا لا أقصد أن أفكر في ذلك؟

أرجو الرد بسرعة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ zeyad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على السؤال، وعلى التواصل معنا على هذا الموقع.

يبدو من خلال ما ورد في سؤالك أن هذه حالة من أنواع الوسواس القهري.

وهناك حاليا بعض المساعي من بعض الأطباء النفسيين العرب في اقتراح تغيير هذا الاسم كي لا يختلط مع وساوس الشيطان، لأن "الوسواس القهري" الذي نتحدث عنه ليس له علاقة بوساوس الشيطان، وإنما هو مرض أو اضطراب نفسي كغيره من المشكلات النفسية، لها أسبابها وأعراضها وعلاجاتها.

ومن أكثر الوساوس القهرية انتشارا هي وساوس الدين والذات الإلهية كالتي تحدث معك الآن, وفي كثير من الحالات تكون الأفكار القهرية في بعض الأسئلة المتعلقة بالله والأنبياء والرسل والقرآن... وفي أي منهما يمكن أن تأتي مجموعة كبيرة من الأسئلة اللانهائية، وكلما انتهيت من سؤال أتاك من بعده سؤال آخر، وهكذا.

وصعوبة الوساوس القهرية أنه يأتي في الأمور العزيزة على الإنسان كدينه وإيمانه وصحته، ومن هنا كانت صعوبات الوسواس، فالمؤمن تأتيه في إيمانه وتوكله على الله، وأنت تأتيك في شكل الأفكار عن الذات الإلهية، وأنت تعلم أنها أفكار غير معقولة ولا منطقية ولا تريدها... إلا أنه الوسواس القهري.

وهكذا فقد لا يسلم شيء مما يعتز به الإنسان ويؤمن به، فتضيق الدنيا على هذا الشخص المبتلى بكل هذه الوساوس، ويبدأ يتساءل هل أنا شخص طبيعي، مما يضاعف في معاناته، وحتى يدخل في دائرة معيبة.

اطمئن أولا، فكل ما يدور في ذهنك من هذه الوساوس، وربما غيرها مما لم تخبرنا بها ربما لخجلك منها، أو ارتباكك من ذكرها، كلها أفكار قهرية، لست مسؤولا عنها، لأن من تعريف الوساوس أنها أفكار أو عبارات أو جمل أو صور تأتي للإنسان من غير رغبته ولا إرادته، بل أنت لا شك تحاول جاهدا دفعها عنك، إلا أنها تقتحم عليك أفكارك وحياتك، وأنت لا تريدها.

إن بعض الناس، وممن لم يصب بالوسواس، يجد صعوبة كبيرة في فهم هذا الأمر، إلا أن هذا لا يغير من طبيعة الأمر شيئا، ويبقى الوسواس عملا ليس من كسب الإنسان، وليس من صنعه.

وكما ذكرت أن الوساوس القهرية إنما هي مجرد مرض نفسي، أو صعوبة نفسية قد تصيب أي الإنسان لسبب أو آخر، كما يمكن لاضطرابات أخرى أن تصيب أعضاء أخرى من الجسم كالصدر والكبد والكلية... وكما أن لهذه الاضطرابات علاجات، فللوسواس وغيره من الأمراض النفسية علاجات متعددة، دوائية ونفسية وسلوكية.

وفي هذا الموقع الكثير من الأسئلة التي تدور حول الوساوس، مما يعكس أولا مدى انتشارها بين الناس، وإن كان من المعتاد أن لا يتحدث الناس عنها، ولا حتى المصاب، إلا بعد عدة سنوات ربما، حيث يعاني أولا بصمت ولزمن طويل قد يصل لعدة سنوات، ولذلك فهو أمر جيد أنك كتبت لنا تسأل.

إن وضوح التشخيص، وفهم طبيعة الوسواس، هو أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج.

ومن أهم طرق العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو الأصل، وهناك بعض الأدوية التي تساعد، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الوساوس، وتحسن الحالة المزاجية, ويقوم العلاج على عدم جعل هذه الأفكار القهرية تؤثر على نمط حياتك، وربما يفيد عدم مقاومة هذه الأفكار، لأن من طبيعتها أنك كلما قومتها كلما زادت شدة، وإنما ترك هذه الأفكار لتأخذ حدها، ومن ثم تنتهي وتخف من نفسها، ولو بعد حين.

ولكن إن وجدت صعوبة كبيرة في التحسن أو التكيف، أو طال الأمر عليك وأزعجك كثيرا، فأنصحك بمراجعة أخصائي نفسي، ليشرف على العلاج السلوكي والمعرفي، وربما يصف لك أحد الأدوية المخففة للأعراض القهرية.

ومما يفيد أيضا قراءة كتاب عن الوسواس القهري.

وفقك الله، وحفظك من كل سوء.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة المستشار الدكتور مأمون مبيض استشاري الطب النفسي
وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

مرحبا بك أيها الحبيب في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك السلامة والعافية من كل مكروه، ونحن نؤكد ما قاله الأخ الطبيب الدكتور مأمون –جزاه الله خيرا–.

ونزيدك فائدة أيها الحبيب أن الوساوس في الذات الإلهية أو القادحة في الدين أو في الأنبياء، وساوس مصدرها الشيطان، فإنه يريد أن يصدك عن طريق الله تعالى، وهو حريص على ذلك غاية الحرص، كما أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى بذلك في كتابه الكريم، وأخبرنا بذلك رسولنا -صلى الله عليه وسلم– في سنته، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه كلها).

ولكنا نبشرك أيها الحبيب في الوقت ذاته بأن لجوء الشيطان إلى هذا السبيل ومحاولة بث هذه الأفكار في قلبك، إنما يدل على أنه عجز على إغوائك بغير ذلك، وقد جاء بعض الناس يشكون إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم– ما يجدونه في صدورهم من وساوس الشيطان من هذا النوع، وأخبروه بأن الواحد منهم يجد في صدره الشيء القبيح الذي يفضل أن يحرق حتى يصير حمة على أن يتكلم به، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) وفي حديث آخر قال: (ذاك صريح الإيمان).

فهذه هي الحقيقة أيها الحبيب أن الله عز وجل صد عنك هذا الشيطان، فلم يتمكن من إغوائك، فلجأ إلى الوسوسة، كما أن الحديث الآخر يخبر بأن من يتعرض له الشيطان بشيء من هذه الوساوس فينزعج منها ويتألم منها وينفر منها فنفوره ذلك وكراهته لذلك الوساوس وبغضه لها دليل على وجود الإيمان في قلبه، فإنه لولا وجود هذا الإيمان في القلب لما انزعج ولما تألم، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام-: (ذاك صريح الإيمان).

فالإيمان المخالف لهذه الوساوس المنافي لها المناقض لها هو الذي ينزعج حين ترد عليه.

بهذا نطمئنك أيها الحبيب أنك على خير إن شاء الله، وأنك على إيمانك وعلى دينك، فلا تحزن، ولا تستسلم لوساوس الشيطان، فإن هذا غاية ما يتمناه، كما قال الله عز وجل: {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا} فهو يريد أن يدخل الحزن إلى قلبك ليصدك بذلك عن طاعة الله وعن ذكر الله ويبغض لك هذا الدين، فادفع عنك هذا بأن تفعل ما أرشدك إليه نبيك -صلى الله عليه وسلم– فإنه وصف لهذا الداء دواءين عظيمين نحن على ثقة تامة من أنك إذا تعاطيتهما أذهب الله عز وجل عنك ما تشتكيه.

هذان الدواءان وصفهما رسولنا –صلى الله عليه وسلم– بقوله: (ليستعذ بالله ولينته) فالأول: اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى و الاستعاذة به: أي طلب الحماية منه، بأن تستعيذ باللفظ، وأن تلجأ إلى الله تعالى بالدعاء ليصرف عنك كيد الشيطان ومكره ووساوسه، والله عز وجل لن يخذلك، فإنه نعم المولى ونعم النصير.

والدواء الثاني: الانتهاء عن ذلك والانصراف عنه، بأن تشتغل بغيره كلما ورد عليك ذلك الوسواس، فإذا ورد عليك أو هجم عليك اصرف ذهنك وتفكيرك عن الاسترسال معه والانجرار وراءه، بأن تشتغل بأي شيء ينفعك من أمر دينك أو دنياك.

وحسن أن تأخذ بالأسباب الحسية فتداوى إذا أرشدك إلى ذلك الأطباء، فإن هذا من جملة الأسباب التي تدفع بها الأمراض والمكروهات.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يتولى عونك، وأن يأخذ بيدك، إنه جواد كريم.

مواد ذات صلة

الاستشارات