اشيروا علي بطرق الاستفادة من رمضان وبعض الأعمال الخيرية.

0 442

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الله يعطيكم العافية لجميع القائمين على هذا الموقع الرائع.

لقد مر من رمضان نصفه وبقي النصف الآخر، كيف أستفيد منه أكبر استفادة ممكنة؟ أحس بالذنب الكبير على ما فات من رمضان، مع أنني أصلي واقرأ القرآن، ولكن أحس أنه كان علي أن أفعل شيئا ولم أفعله.

فأرجوكم أشيروا علي ببعض الأعمال التي يمكن لي أن أفعلها؟ وإذا عندكم طرق خيرية ممكن أن أعملها في الحي الذي أعيش فيه؟

أرجوكم أفيدوني خاصة في العشر الأواخر من رمضان، وإذا كان عندكم طرق ممكن أن نفرح فيها الأطفال أو الكبار في العيد، أشيروا علي أيضا، وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ suha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك فعلا هذه المشاعر النبيلة، وهذا الحرص على الخير، وهذا الحرص على اغتنام أيام العمر، خاصة أغلى الأيام وهي أيام رمضان، و-نحمد الله تبارك وتعالى- الذي بارك في أيامنا حتى شهدنا الشهر، بل تفضل علينا وبلغنا العشر، ونسأله تبارك وتعالى ألا يحرمنا وإياك من الأجر، ونؤكد لك أن ذروة الأيام الصالحة أو الأيام التي يقصدها العباد هي هذه العشر الأواخر التي نعيش في رحابها، ونتمنى أن تغتنمي هذه الفرصة؛ لأنها أغلى ليالي الدنيا، فإن أغلى ليالي الدنيا هي العشر الأخيرة من رمضان لاشتمالها على تلك الليلة المباركة التي هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

فاغتنمي هذه الليلة في الدعاء والإنابة والتلاوة واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن إحياء الليل هو: أن ينتقل الإنسان من طاعة إلى طاعة، فإذا فرغ من الصلاة اشتغل بالتسبيح، اشتغل ببر الوالدين، اشتغل بصلة الرحم، اشتغل بالتلاوة، اشتغل بالصدقة وعمل الخير، المهم يظل ينتقل من طاعة إلى طاعة.

ونؤكد لك أن الأعمال عظيمة جدا، خاصة الدعوة إلى الله، إرشاد الأخوات، بر الوالدين والإحسان إليهم؛ لأن هذه من الواجبات، الحرص على انتقاء الأذكار ذات جوامع الكلم مثل: (سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته) فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال هذا الذكر لزوجته التي كانت تذكر الله منذ الصباح الباكر حتى ارتفع النهار أو ارتفعت الشمس، ثم قال لها: (لقد قلت بعدك أربع كلمات تعدل ما قلته منذ الصباح) وعلمها هذه الكلمات –عليه صلاة الله وسلامه-.

ثم عليك أيضا بأن تكثري من الدعاء، فإن قائل السلف يقول: وجدت الخيرات كثيرة، تأملت فوجدت أن التوفيق للخير بيد الله. قال: ثم تفكرت فعلمت أن ما عند الله لا ينال إلا بالدعاء. قال: فأيقنت أن الدعاء هو أفضل الأعمال، فهذه أيام حصاد وهي أيام الدعاء والذكر والإنابة، ولعل آيات الصيام تحدد الوظائف في هذه الأيام {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} فهي أيام ذكر وشكر وطاعة لله تبارك وتعالى وتكبير له سبحانه وتعالى.

وقد أسعدتنا هذه المشاعر النبيلة، فإن شعور الإنسان بأنه مقصر هو البداية الصحيحة للتصحيح، هو البداية الفعلية للتقدم إلى الأمام، هو البداية الصحيحة التي يضع بها الإنسان رجله في الطريق الصحيح، وهكذا الأخيار دائما يفعلون الخير ويشعرون بأنهم مقصرون، بخلاف الفريق الآخر الذي يهمل ولا يبالي، ولكن الأخيار يفعل الخير ومع ذلك يلوم نفسه، قال تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون * أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}، قالت عائشة: أهم الذين يصلون ويصومون ويزنون ويسرقون؟ -يعني خلطوا أعمالا صالحة وأخرى سيئة- قال: (لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويخافون أن لا يتقبل).

وشعور الإنسان بأنه مقصر هذا شعور جميل يدفع الإنسان لمزيد من الإنجاز ومزيد من العمل، بل إعلان التقصير بين يدي الله في حد ذاته هي طاعة وعبادة لله تبارك وتعالى، فإنا لا نستطيع أن نؤدي شكر نعم الله علينا؛ لأن الشكر نعمة من الله علينا تستوجب الشكر.

فاحرصي على الذكر والإنابة والدعاء والتلاوة والتوجه إلى الله تبارك وتعالى، وإذا استطعت أن تنفعي الناس وتنفعي المحتاجين فإن الله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة أخيه، وعليك ببر الوالدين، عليك بصلة الرحم، عليك بالدعوة إلى الله تبارك وتعالى، ومثلك و-لله الحمد- ممن يعمل الخير ويشعر بتقصيره هذا إن شاء الله على خير كثير.

نشكر لك هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يعيننا وإياك على الخير، ولا مانع في الأعياد من أن تعملوا مسابقات فيها جوائز بسيطة للأطفال عندما نفرحهم ونضحكهم، ويكون هذا الاحتفال وهذا الفرح هادف؛ لأننا نسأل عن أشياء مهمة، أشياء في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم– أشياء تتعلق بالقرآن، وهناك كتب مؤلفة في الثقافة الإسلامية والمسابقات الشرعية، أسئلة من ورائها النفع العظيم بالفائدة والبهجة، وأيضا الفائدة المادية والعلم الشرعي.

نسأل الله أن ينفع بك ويكثر من أمثالك، وأن يلهمنا وإياك السداد والصواب، وأن يعيد علينا وعليك مثل هذه الأيام المباركة باليمن والإيمان والتوفيق لما يحب ربنا ويرضاه.

ونوصيك وأنفسنا باستحضار التقوى والاستقامة بعد رمضان على ما تعودناه من الطاعات ومن الخيرات، فإن عبادة الله لا تعرف المواسم ولا المراسم، بل ينبغي للمؤمنة أن تكون في عبادة لله لا تنقطع، قال العظيم: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.

نشكر لك السؤال، ونسأل الله أن يعيد علينا وعليك مثل هذه الأيام المباركة، ونحرضك على حضور وشهود ليلة القدر، وذلك بالمحافظة على هذه العشر المباركة التي تشتمل عليها تلك الليلة، التي يختزل فيها عمر الإنسان كاملا ليكون في ليلة من ليالي هذا الشهر الفضيل منحة وهبة من الله علينا، فنحمد الله على هذا الخير، ونحمد الله على توفيقه، ونسأله أن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.

مواد ذات صلة

الاستشارات