السؤال
في الماضي كنت أشرب الخمر، لا أصلي، أدخن السجائر، ولكن -الحمد لله- تبت إلى الله، وأصلي، ولا أدخن، ولا أشرب الخمر، وأريد الذهاب للمسجد؛ ولكن زوجتي مسيحية متشددة في دينها تؤمن أن عيسى هو الله، ولا تريدني أن أذهب للمسجد، أريد أن أذهب للمسجد لصلاة التراويح ولكن زوجتي لا تريدني أن أذهب للمسجد، وأصبحت علاقتنا الزوجية عصيبة، والمشاكل كل يوم لا أعرف ماذا أفعل؟
أنصحوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ achraf حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الموقع، ونهنئك بهذه التوبة، ونسأل الله أن يثبتك ويسددك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك هذه العزيمة التي حملتك على الإيمان وترك هذه المعاصي التي هي من كبائر الذنوب، ونوصيك بزوجتك خيرا، وندعوك إلى أن تظهر لها جمال وكمال هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، فإننا نؤمن بأنبياء الله ولا نفرق بين أحد من رسله، ورغم انحرافها في عقيدتها إلا أنها تعتبر كتابية يجوز للمسلم أن يتزوج بها، وينبغي أن يحسن إليها، ويتيح لها فرصة العبادة، وأداء العبادات على حسب دينها، ولكن ليس لها أن تأمره بترك المسجد، أو أن تدعوه إلى ترك الإيمان.
ومع ذلك فإننا ندعوك إلى المسايسة والتحايل عليها والتعامل معها بلطف، وتبين لها أنك لا تسألها عن دينها، ولا تمنعها من أداء عبادتها، وعليها كذلك أن تترك أمر العبادة بينك وبين الله تبارك وتعالى، فإن هذه الطاعات لا تترك لأمر أي إنسان مهما كان هذا الإنسان حتى ولو زوجة، بل حتى لو كانت أما، حتى لو كان أبا، فإن الأب المسلم لو منع ولده من الصلاة أو منعه من بعض الفرائض التي فرضها الله فإن الله يقول: {فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}، لا يطيع أحدا في معصية الخالق، ولكن مع ذلك الإسلام دعا إلى حسن المعاملة ودعا إلى الإحسان إلى هذا الشريك الملاصق مثل: الزوجة، والجار بالجنب، والصاحب بالجنب، كل هؤلاء وخاصة الوالد والوالدة أيضا، حتى لو أمرونا بأمر فيه معصية فإننا نطيع الله ونحسن إليهم ونصحبهم بالمعروف، لكننا لا نطيعهم فيما يغضب الله تبارك وتعالى.
ونتمنى أن يكون إحسانك إليها ظاهرا، وتظهر بأنك بعد الإسلام أفضل وأحسن معها، حتى يكون في ذلك دعاية للإسلام ودعوة لها إلى اللحاق بك في هذا الدين العظيم، فإننا معشر المسلمين إذا أحسنا عرض هذا الإسلام وتمثلناه في أخلاقنا وفي بيوتنا وفي حياتنا فإن هذا أكبر مجالات الدعوة والتأثير على الآخرين، فكيف إذا كان الآخرون أو هذه الزوجة التي عاشت معك دهرا وأنت تعرفها؟
لذلك نتمنى أن تتفهم غضبها، وأن تتفهم مواقفها، وأن تتعامل معها برفق وتداريها، ولا تحاول أن تسلك سبيل العناد، ولكن مع ذلك لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق -سبحانه وتعالى-، فندعوك إلى إدارة هذه المشكلة بمنتهى الهدوء ومنتهى الإحسان، وأظهر لها أن الدين الإسلامي يدعوك إلى إكرامها والإحسان إليها مهما كان الدين الذي هي عليه طالما أنها كتابية؛ لأن الله أباح لنا أن نتزوج من أهل الكتاب، ونحسن إليهم، ونحن لا نمنعهم من أن يقوموا بالنسك والعبادة التي في دينهم، والإسلام يضرب أروع الأمثلة، وهذه صفية -رضي الله عنها- تركت ثلاثين ألف درهم وصية لبعض أهلها وأرحامها من اليهود، فالإسلام لا يمنع أن نصل أرحامنا، وأن يصل الإنسان زوجته ويحسن إليها لو كانت نصرانية أو يهودية، ولكن العكس هو أيضا ينبغي أن تنتبه له، فليس لها ولا لغيرها أن يمنعك من الصلاة في المسجد أو من السجود لله -تبارك وتعالى-.
نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يعينك على تجاوز هذه المسألة، وأن يعينك على حسن تمثل هذا الإسلام حتى يكون ذلك سببا في إيمانها ودعوتها إلى الدين الحق، ونسأل الله الهداية للجميع.
والله الموفق.