السؤال
السلام عليكم.
لدي ابن عمره 8 سنوات من زوجة سابقة، وهو يزورني مرتين في الأسبوع, وزوجتي الحالية لا تبدو راضية حين أنفق عليه مالا، حيث إنني أدفع بالفعل نفقته لزوجتي السابقة, وابني يحزن عندما لا أعطيه بعض الأشياء اليسيرة التي يطلبها، وأشعر كذلك بالألم إذا لم أستطع إرضاءه.
أنا فعلا في حيرة بشأن كيفية إرضاء ابني وزوجتي معا، فزوجتي وابني لا ينسجمان معا بشكل جيد, وقد حاولت أن أحسن علاقتهما معا بوسائل كثيرة، ولكن محاولاتي لم تنجح, وزوجتي غاضبة جدا من ابني لبعض الأسباب، ولا تكون سعيدة حين أقضي معه بعض الوقت.
هل هناك طريقة لكي تبدأ زوجتي بمحبة ابني؟
أرجو أن تساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Shafi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نشكر لك هذا السؤال، ونشكر لك هذا الحرص على التوفيق بين ابنك من زوجتك الأولى وبين زوجتك الحالية التي تعيش معها، ونتمنى من هذه الزوجة أن تتفهم هذا الوضع، وأن تحترم هذا الطفل الصغير وتشفق عليه لأجلك أنت، وأن تضع نفسها في موضع المرأة الأخرى.
فالمرأة قد تموت وتترك أطفالا، أو قد يطلقها زوجها ويذهب أطفالها لأخرى، فما هي الطريقة التي تحب أن يعامل بها أطفالها؟ ينبغي أن تعامل بها أطفال الأخريات، والله أشار إلى ذلك إشارة لطيفة فقال: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا}.
وهذه الدنيا تدور بأهلها وتتقلب بأحوالها، وأمر الله تبارك وتعالى فيها وتقدير الله فيها بائن لكثير من الناس، فكم من زوج مات وترك أطفالا، وكم من زوجة ماتت وتركت أطفالا، وكم من زوجة طلقت وتركت أطفالا، وقدوة الناس في هذا هو رسولنا -عليه صلاة الله وسلامه– الذي ترددت أم سلمة من زواجها بالنبي خشية من أن يزعج أطفالها النبي -صلى الله عليه وسلم– لكنه بادرها فقال: (أطفالك أطفالي) فأحسن إليهم، فكانوا ربائب النبي -صلى الله عليه وسلم– عمر بن أبي سلمة، وزينب بنت أبي سلمة، التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم– يمازحها ويلاطفها من أجل إدخال السرور عليها وعلى أمها، والنبي قدوة للجميع، لكل من تتزوج برجل عنده أطفال، أو كل من يتزوج بامرأة معها أطفال عليه أن يتقي الله في هؤلاء الأطفال ويحسن التعامل معهم.
وأرجو أن تدرك كل زوجة حتى ولو كان للرجل أكثر من زوجة، بأن القسمة بين الزوجات ليس بين الأطفال، يعني ليس لها أن تقول: (لقد أعطيت حقه فلماذا تشتري له كذا .. مثلا) لا، هو في حاجة أن يلبي الطلبات، وقد يحتاج أن يزوره في المدرسة، ويأتي له ببعض الاحتياجات، فالقسمة لا تكون بين الأطفال والزوجة، وإنما تكون بين الزوجات، فإذا كان عنده أكثر من زوجة فعليه أن يعدل بينهم، أما إذا كان عنده زوجة وعندها خمسة أطفال والزوج ليس له إلا طفل واحد, فللأطفال هناك حق زائد في توفير احتياجاتهم ومصروفاتهم وإدخال السرور عليهم، وهذا يجب أن يفهم بالنسبة للزوجة.
ونتمنى دائما أن تحسن إلى الزوجة وتشكرها على إحسانها للطفل وإن كان قليلا، وأن تحاول أن تشعر الطفل ألا يشعر بأنها متضايقة وأنها لا ترضاه ولا تريده، هذا الأمر ينبغي أن يظهر خلافه، كذلك أيضا ينبغي ألا تكثر الكلام عن أم الطفل الأول وتظهر الثناء عليها في بعض المواقف، وإنما عليك أن تشعر الزوجة التي عندك الآن أنها رقم واحد, وأنها مهمة وأنها محبوبة وأنها جيدة، بمثل هذه الأشياء التي ترفع من معنوياتها، وتؤثر عليها تأثيرا إيجابيا طيبا، فيحملها ويدفعها إلى الإحسان لهذا الطفل، وفي الإحسان لهذا الطفل مصلحة لها وللطفل ولك.
نشكر لك (حقيقة) هذا الشعور وهذا الحرص على تحسين الوضع، ولا شك أن معاملتك للزوجة واعترافك بفضلها وثنائك على إيجابياتها وتذكيرها بحاجة الطفل الصغير البريء إلى الرعاية والإحسان، ومن أنه لا علاقة له بأمه، وأنه ابن لك في كل الأحوال، بمثل هذه الكلمات الجميلة، وأن إكرامها للطفل يزيد من مقامها في نفسك.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرحمنا برحمته، وعليك أن تذكرها بأنه من لا يرحم لا يرحم، (ارحموا ترحموا) كما قال النبي -عليه صلاة الله وسلامه– وإنما يرحم الله من عباده الرحماء.
نسأل الله لنا ولك ولها التوفيق والسداد.