السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا فتاة عمري 21، تمنيت منذ الصغر أن أدرس الطب، ولله الحمد أجاب لي ربي ما طلبت.
ولكن توجد لدي مشكلتان، قد تنغصان علي حياتي جدا، وأخاف أن أفقد ما تمنيت بسببهما، وأنا مستعدة للتخلص منهما ولكن أريد المشورة من أهل العلم.
المشكلة الأولى هي: الخجل الشديد، لست اجتماعية، مع العلم أني عندما كنت صغيرة كنت جريئة، وأحب أن ألفت الانتباه، لكن عندما بلغ عمري 12 ذهبت صديقتي المقربة مني جدا إلى مدرسة أخرى، كانت معي من عمر خمس سنوات.
أحيانا في بعض المواقف أحب أن أعبر عن رأيي، أو أدافع عن نفسي ولكني لا أستطيع؛ بسبب دقات قلبي السريعة، ورجفة اليد، وأعاني من تردد في اتخاذ القرارات؛ بسبب عدم الثقة، أريد أن أتخلص منها، وأصبح ناجحة في حياتي.
المشكلة الأخرى: الكسل والخمول الشديد، وفي بعض الأحيان أنام لساعات كثيرة جدا، أتمنى أن أتغير، أرشدوني وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ساره حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا والتواصل معنا.
طالما وصلت إلى هذه المرحلة التي أنت فيها، فهذا لا شك أنه أحد الأدلة على أنك قادرة بعون الله وتوفيقه لك، على متابعة دراسة الطب، وحتى التفوق فيه، ويجب ألا تصرفك بعض الصعوبات الشخصية عن متابعة تحقيق الحلم الذي طالما حلمت به، ورغبت في تحقيقه منذ طفولتك، ولا بد من مواجهة هذه الصعوبات، وكتابتك إلينا هي الخطوة الأولى في تحقيق هذا.
يوجد عند بعض الناس شيء من الخوف أو الخجل والارتباك، حيث يشعرون بهذا الحرج والارتباك في بعض المواقف، وقد يشعر الواحد منهم بضعف القدرة على الحديث والتعبير عن رأيه كما يحصل معك؛ ربما يسأل أحد سؤالا وتعرفين جوابه، إلا أن الخجل والارتباك يمنعك من الكلام، وتجدين نفسك غير قادرة على الرد والكلام، وربما قد تشعرين بضعف القدرة على اتخاذ قرار فيما عليك فعله في ذلك الموقف.
فما هو الحل؟
مما يفيد هنا أن تدركي طبيعة ما يجري، وأنها حالة من الانفعال العاطفي والرهاب الاجتماعي، والذي يظهر من خلال الأعراض التي وردت في سؤالك.
بالنسبة لموضوع الرهاب الاجتماعي: لا بد من معرفة أن وضوح التشخيص هو أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج، ومما يعينك بعد هذا الفهم، أن تأخذي بعض الوقت، ولو لدقائق قبل أن تحاولي الكلام مع الشخص الذي سألك، فهذا التباطؤ في الرد سيعطيك فرصة لتستعيدي هدوئك وتركيزك، ويعطك بعض الوقت ليخف تأثير الانفعال والارتباك.
وبشيء من التدريب والتدرج ستجدين نفسك أكثر جرأة وأقل ارتباكا في مواجهة الناس والكلام أمامهم، ولكن حاولي أن تتحلي ببعض الصبر، وستجدين تغيرا كبيرا وفي وقت قصير بعون الله.
ومن أهم علاجات الرهاب والخوف والأكثر فاعلية هو: العلاج المعرفي السلوكي، وكما هو واضح من اسمه أن لهذا العلاج النفسي جانبان، الجانب المعرفي: والذي يقوم على التعرف على الأفكار السلبية التي يحملها المصاب، والعمل على استبدالها بأفكار أكثر إيجابية، والجانب السلوكي: والذي يقوم على إعادة تعليم المصاب بعض السلوكيات والتصرفات الصحية كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب الأماكن والمواقف المخيفة أو المزعجة، يقوم المصاب بالتعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن، كتجمعات الطلبة والحديث أمام الناس... حتى "يتعلم" أن هذه المواقف والأماكن ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما كان يتصور سابقا.
ويشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات.
ويمكنك الاستفادة من هذه الروابط في الجانب السلوكي: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637).
وبالإضافة لهذه المعالجة المعرفية السلوكية يمكن للطبيب النفسي أن يصف لك أحد الأدوية، لا أقول: التي تعالج الرهاب، وإنما تحسن من ظروف العلاج، ويبقى العلاج الرئيسي هو العلاج السلوكي -كما ذكرت-.
وهناك العديد من الأدوية المفيدة، ويتحدد الدواء المناسب بعد تقييم الطبيب النفسي لحالتك بالشكل الشامل والمناسب.
أرجو ألا تطول معاناتك، وألا تمنعك الوصمة الاجتماعية للأمور النفسية من مراجعة طبيب أو أخصائي نفسي صاحب خبرة في علاج الرهاب الاجتماعي.
وأنا لا أقول: إنك بالضرورة تحتاجين لمراجعة العيادة النفسية؛ حيث يمكنك أن تحاولي القيام بما ذكرته في الأعلى من اقتحام هذه المواقف التي تخافيها وربما تتجنبيها، وكما يقولون في اللغة الانكليزية: (If there is a will, there is a way).
أرجو أن يكون في هذا ما يعينك، وأدعوه تعالى لك بالتوفيق والنجاح، لنراك طبيبة زميلة معنا خلال سنوات.
وبالنسبة لعلاج مشكلة الكسل والخمول، فنرجو أن تراجعي: (17601 - 265226 - 2111546 - 2111490).
والله الموفق.