السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أعاني من وسواس قهري قوي جدا, استمر معي 6 أشهر على حسب ظني.
مشكلتي -جزاك الله خيرا يا شيخ- أني كلما أنظر إلى شيء, أو ألمس شيئا أتخيل بنتا لا أعرفها, وأقلق عليها جدا, مثلا عندما أنظر إلى شاشة التلفاز يأتي لي خيال أن هناك بنتا تتعرض للضرب من قبل أصدقائي أو من أناس أكرههم جدا, أو أتذكر مشكلة حصلت لي مع أحد, وأتخيلها معي, ثم يضربها الشخص, أو يفعل بها أمورا بشعة وفظيعة جدا, ثم أقوم من التلفاز وأنا في توتر وقلق, وأحاول أن أتخيل المشكلة من جديد.
طبعا ممكن أن تسألني لماذا تتخيل البنت؟ طبعا أي شخص إذا أراد أن يتزوج يتخيل البنت التي يريدها, وأنا طبعا تخيلت مواصفاتها, والله يا شيخ صرت أكره النظر للتلفاز, وصرت أكره الجلوس في أماكن معينة, وأكره لعب ألعاب الفيديو التي كنت مرة أحبها.
وهناك أمر ثان؛ أني كلما ألعب ألعاب الفيديو أكون في مكان معين يأتي لي التخيل مرة أخرى أن البنت تتعرض للضرب من أصدقائي أو من أناس أكرههم, والله يا شيخ أن الوسواس يجبرني أن أرجع لنفس المحل الذي كنت ألعب فيه, ويجبرني أن أتخيل ثانيا وأن أتخيل مكان الفتاة فتاة أخرى لكي يذهب عني الوسواس.
صرت أكره كل شيء تقريبا, والله أني قطعت علاقتي مع أصحابي بسبب التخيل المزعج.
أتمنى أن تساعدني يا شيخ.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معاذ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة لموقعنا.
للوسواس القهري أشكال كثيرة من الأفكار والعبارات والصور والخيالات والأعمال التي تأتي لذهن الشخص رغما عنه، ويبدو أن الوسواس القهري عندك قد أخذ شكل صور تخيلية عن فتاة تتعرض للضرب أو الاعتداء أو الإيذاء.
لم حصل عندك هذا النوع من الخيالات والصور القهرية، وليس شيء آخر؟
من الصعب أن أستطيع الإجابة عن هذا السؤال من خلال المعلومات المتوفرة في سؤالك، وربما الأمر يتعلق ببعض الخبرات والتجارب والمواقف الني مررت بها أو عايشتها أو سمعت عنها.
وهناك حاليا بعض المساعي من بعض الأطباء النفسيين العرب في اقتراح تغيير هذا الاسم كي لا يختلط مع وساوس الشيطان، لأن "الوسواس القهري" الذي نتحدث عنه ليس له علاقة بوساوس الشيطان، وإنما هو مرض أو اضطراب نفسي كغيره من المشكلات النفسية، لها أسبابها وأعراضها وعلاجاتها.
اطمئن أولا، فكل ما يدور في ذهنك من هذه الوساوس، وربما غيرها مما لم تخبرنا بها ربما لخجلك منها، أو ارتباكك من ذكرها، كلها أفكار قهرية، لست مسؤولا عنها، لأن من تعريف الوساوس أنها أفكار أو عبارات أو جمل أو صور تأتي للإنسان من غير رغبته ولا إرادته، بل أنت لا شك تحاول جاهدا دفعها عنك، إلا أنها تقتحم عليك أفكارك وحياتك، وأنت لا تريدها.
وكما ذكرت أن الوساوس القهرية إنما هي مجرد مرض نفسي، أو صعوبة نفسية قد تصيب أي إنسان لسبب أو لآخر، كما يمكن لاضطرابات أخرى أن تصيب أعضاء أخرى من الجسم كالصدر والكبد والكلية... وكما أن لهذه الاضطرابات علاجات، فللوسواس وغيره من الأمراض النفسية علاجات متعددة، دوائية ونفسية وسلوكية...
وفي هذا الموقع الكثير من الأسئلة التي تدور حول الوساوس، مما يعكس أولا مدى انتشارها بين الناس، وإن كان من المعتاد أن لا يتحدث الناس عنها، ولا حتى المصاب، إلا بعد عدة سنوات ربما، حيث يعاني أولا بصمت ولزمن طويل قد يصل لعدة سنوات، ولذلك فهو أمر جيد أنك كتبت لنا تسأل.
إن وضوح التشخيص، وفهم طبيعة الوسواس، هو أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج.
ومن أهم طرق العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو الأصل، وهناك بعض الأدوية التي تساعد، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الوساوس، وتحسن الحالة المزاجية, ويقوم العلاج على عدم جعل هذه الأفكار القهرية تؤثر على نمط حياتك، وربما يفيد عدم مقاومة هذه الأفكار، لأن من طبيعتها أنك كلما قاومتها كلما زادت شدة، وإنما ترك هذه الأفكار لتأخذ حدها، ومن ثم تنتهي وتخف من نفسها، ولو بعد حين.
ولكن إن وجدت صعوبة كبيرة في التحسن أو التكيف، أو طال الأمر عليك وأزعجك كثيرا، فأنصحك بمراجعة أخصائي نفسي، ليشرف على العلاج السلوكي والمعرفي، وربما يصف لك أحد الأدوية المخففة للأعراض القهري.
ومما يفيد أيضا قراءة كتاب عن الوسواس القهري.
وفقك الله، وحفظك من كل سوء.