السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشعر بهم وضيق شديد، لا أعرف ما بي! ولا أشعر بصلاتي، وأشعر بالبعد عن الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشعر بهم وضيق شديد، لا أعرف ما بي! ولا أشعر بصلاتي، وأشعر بالبعد عن الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل علي - فإنه مما لا شك فيه أن النفس إذا كانت مستقرة مطمئنة فإن الإنسان يكون في قمة السعادة والاستقرار، أما إذا كانت النفس مهمومة متضايقة متألمة حزينة كئيبة فإن كل حلو يتحول في الحياة إلى مر بالنسبة له، وكل سعة تتحول إلى ضيق، وكل فرح يتحول إلى حزن وكآبة، ولذلك كانت هذه المسألة من الخطورة بمكان، ولم يغفل الشارع الحكيم هذه الآثار المترتبة على ما يعتري النفس من تغيرات، ولذلك وضع الله لنا في القرآن الكريم - كما وضع نبيه في السنة النبوية صلى الله عليه وسلم - بيانا للعوامل التي تؤدي إلى حالات الحزن والكآبة والشعور بالهم والضيق، وكذلك أيضا إلى العوامل التي تؤدي إلى إزالة هذه الهموم وإخراجها من النفس بالكلية.
النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ما يصيب المؤمن من هم ولا غم ولا حزن ولا مرض حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)، فإذا معنى ذلك أن هذه الهموم لها فائدة، وهي (تكفير الخطايا والذنوب والآثام) وهذه نعمة عظيمة، لأنك تعلم أن المعاصي هي سبب دمار كل خير، وتخريب كل عامر، وإذلال كل عزيز، وإفقار كل غني، فالتاريخ يشهد لنا كما بين ذلك القرآن الكريم أن المعاصي سبب شقاء الإنسانية، وسبب شقاء الأفراد، وهذا بين واضح وليس مقامه الآن.
إذا هذه الهموم والغموم مأجور صاحبها، من صبر عليها واحتسبها عند الله تعالى ورضي بها، ولكن ليس معنى ذلك أن لا يقاومها وأن لا يبحث عن أسبابها ليقضي عليها. إذا هذه فائدتها.
ثانيا: هناك عوامل لهذا الأمر، من هذه العوامل الوقوع في المعاصي، لأنه كما أن الطاعة لها نور فإن المعصية لها ظلمة، ولذلك بين الله تبارك وتعالى أن من أهم الآثار المترتبة على المعاصي قسوة القلب، كما قال: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} فعلينا أولا أن نبحث عن علاقتنا مع الله تبارك وتعالى وكيف هي؟ هل هي علاقة سوية طيبة؟ علاقة العبد بربه وسيده وخالقه ومولاه، أم علاقة المتمرد الطاغي الباغي الظالم؟
فلابد أن ننظر - تنظر أنت وأنظر أنا - في علاقتنا مع الله تبارك وتعالى، هل نحن من المطيعين لله المستسلمين لأمره الموافقين لهدي نبيه - صلى الله عليه وسلم -؟ أم أننا من المتمردين على ذلك؟ لأن هذه من أهم العوامل التي تؤدي إلى حدوث الهم والضيق الشديد وإلى عدم الشعور بلذة العبادة والطاعة والأنس بالله تعالى.
فإذا علينا أن تبحث بارك الله فيك، وأن تجلس مع نفسك جلسة مصارحة، وأن تحاول أن تدقق وأن تمحص فيها علاقتك مع الله ولو أن تكتب ذلك على ورقة لتشعر نفسك بالأهمية، آخر ذنب ما هو؟ وكيف فعلته؟ ولما فعلته؟
حاول أن تقوم بجرد كامل ودقيق لعلاقتك مع الله تعالى، ثم بعد ذلك تضع خطة للتخلص من هذه الآثار أو من هذه الأسباب التي أدت إلى هذه الحالة من الضيق الشديد والهم والغم وعدم الشعور بلذة العبادة، ثم بعد ذلك عليك بعد أن تشخص حالتك تماما أن تبدأ في تناول جرعات العلاج، والعلاج كما تعلم هو أيضا كلام الله تبارك وتعالى وكلام نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأعمال دين، لذلك ربنا الله تبارك وتعالى يقول: {قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور}، فإذا القرآن الكريم والمواظبة على تلاوته بانتظام مع شيء من التدبر والتأمل يؤدي إلى القضاء على هذه الحالة التي تعاني منها، فاجعل لنفسك وردا من القرآن يوميا، لذلك ربنا تبارك وتعالى قال: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة}.
فإذا بارك الله فيك القرآن من أهم العوامل التي تؤدي إلى القضاء على الهم والغم والحزن والضيق الشديد والحرمان من لذة العبادة والطاعة.
كذلك أيضا الأدعية، فمن ذلك ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصحيح: (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي) هذا أيضا من أدعية كشف الهم والغم. وكذلك أيضا دعاء: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال) كذلك (اللهم أنت ربي لا إله أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفري لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) ودعاء: (لا إله إلا الله الحليم العظيم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم) وغيرها من الأدعية الطيبة المباركة تستطيع بالمواظبة عليها بإذن الله تعالى وستلاحظ تحسنا كبيرا في نفسك وفي علاقتك مع الله تبارك وتعالى وتشعر بلذة الطاعة، إذا واظبت على ذلك بنوع من هدوء النفس وخشوعها، بمعنى أن تقول هذه الأدعية وأنت في عجلة من أمرك وقلق.
إذا علينا أولا بحصر المعاصي التي هي سبب رئيسي في هذه الحالة، ثانيا: محاولة التخلص من هذه المعاصي ووضع خطة لها في أسرع وقت حتى لا تظل هذه الحالة تلازمك، الأمر الثالث: قراءة القرآن بتدبر وتأمل. الأمر الرابع: الأدعية والأذكار والأحاديث التي بينها لك الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كما أشرت عليك. الأمر الخامس: الإكثار من الاستغفار والتوبة، لأن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق فرجا ومن كل هم مخرجا، وعليك بدعاء ذي النون - يونس عليه السلام -: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} لأن الله قال بعدها: {فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننج المؤمنين} فعليك بالإكثار من ذلك.
الأمر الأخير الذي أنصح به: الإكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال في الحديث الذي رواه أبي بن كعب - رضي الله عنه - عندما قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أأجعل لك صلاتي كلها؟ - يعني أجعل الدعاء لله تعالى هو الصلاة عليك - فقال النبي - عليه الصلاة والسلام -: (إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك).
أسأل الله أن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.