السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحب أولا أن أشكركم على إتاحة الفرصة لنا حتى نعرض مشاكلنا.
تخرجت من الجامعة ولم يحالفني الحظ في العمل، وأبي مصر على البحث لي عن عمل في إحدى الدول الخليجية، وأخبرني أنني سوف أسافر لإجراء المقابلة، وأنا رفضت الفكرة لأني سوف أسافر بمفردي، فأنا أخاف كثيرا على نفسي، أخاف وأنا مع أهلي من غدر الزمان، ونحن نعيش في الأرياف، والسكان يرفضون فكرة سفر الفتاة، وأعلم أنه لا يجوز السفر بدون محرم، ووضحت ذلك لأبي دون جدوى.
إصرار والدي على سفري من أجل تكوين نفسي، وكذلك للصرف على المنزل، فأبي لا يملك المال ولا يحب العمل، فما هو ذنبي؟ وحجة أبي الوحيدة أخي الصغير الذي يدرس في المرحلة الابتدائية، فقد رمى علي الحمل كاملا، وأني المسؤولة عن إيجاد شقة له، وأنا فتاة في ريعان الشباب، وعلى أبواب الزواج، وكل أب يدعو أو يفكر لابنته في الستر والعفاف، ولكن أبي يفكر كيف أحصل على المال، فهل هذا حرام أم حلال؟
أرجو منكم الدعاء لى بأن لا ينجح الموضوع، أفيدوني كيف أتصرف مع تزمت والدي ورفضه للكلام والحوار؟ علما أنه هدد بتطليق أمي في حال أني أفسدت الموضوع، أفيدوني أفادكم الله كيف أتصرف؟ ولا تنسونا من الدعاء.
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ولاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن ينفع بك بلاده وعباده، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، وهذا الحرص على العفاف وهذا الخوف من الذئاب.
وقد أحسنت؛ فإن هذه الشريعة العظيمة التي أرادت للمرأة إذا أرادت أن تسافر أن تسافر مع ذي محرم، ففيها مزيد من الحماية والصيانة والحراسة للمرأة، فهي درة غالية، ونحن نمتلأ عجبا عندما يكون الأب هو الذي يصر على أن تسافري بهذه الطريقة وتكونين أنت الرافضة، وهذا دليل على الخير الذي يملأ نفسك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يرزقك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
نوصيك بداية: أن تديري المعركة وتديري النقاش حول هذا الموضوع بمنتهى الهدوء، وتحاولي دائما أن تدخلي أصحاب الوجاهات والعقلاء، والفاضلات الذين يمكن أن يؤثروا على الوالد، وأيضا من الجانب الآخر نتمنى أن تجتهدي في البحث عن عمل في بلدكم، ونحن بدورنا نسأل الله أن يوسع عليكم الرزق، ونبشرك بأن الله يقول: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
فنوصيك بتقوى الله تبارك وتعالى، وكثرة اللجوء إليه، ثم بمحاولة إدارة هذا الموضوع بمنتهى الهدوء، وبيني للوالد أنك لن تقصري في مساعدة الأسرة، ولكنك ستعملين لأنك تريدين أن تكوني إلى جوارهم، والشريعة كما قلنا لا تريد للفتاة أن تبعدت عن بيتها، وتسافر هذه المسافات لتواجه المجهول هناك، ومهما كان الوضع فإن الشريعة هي التي تحتاط، والله تبارك وتعالى الذي أنزل الشريعة هو خالق هؤلاء الناس، وهو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
نكرر شكرنا لك مرة أخرى على هذا الحرص، ونعتقد أن من كتبت هذه الاستشارة امرأة ناضجة وعاقلة، تستطيع أن تدير معركتها ونقاشها مع والدها في منتهى الهدوء، ونحن بدورنا نسأل الله تبارك وتعالى أن يغنيك بحلاله عن الحرام، وأن يوسع عليك الرزق وأنت في بلدك، وأن يوسع الرزق على أسرتك، وأن يطرح الرحمة في قلب هذا الوالد حتى يعود إلى الحق والخير والصواب، ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.