كنت متفوقا في دراستي حتى انخفض مستواي في الثانوية وأثر على حياتي بعد ذلك أرشدوني.

0 442

السؤال

السلام عليكم.

أشكركم -بعد الله سبحانه وتعالى الذي قادني إلى هذا الموقع لأشاطركم مشكلتي- وذلك على مجهوداتكم التي تبذلونها في سبيل مساعدة الآخرين، لتجاوز مشاكلهم وإحباطاتهم.

حقيقة -والله- إني تعبت من الألم والعقدة النفسية التي أعيش فيها، ولأضعكم في لب الموضوع سأبدأ منذ البداية: أنا في صغري كنت طفلا لامعا، أحصل دائما على معدلات عالية ومن الأوائل في الصف حتى مرحلة الثانوية؛ حيث هبط مستواي بشكل كبير، ومعدلاتي أصبحت ضعيفة جدا، كنت دائما أحب مجال الإعلاميات وأردت أن أتخصص فيه، لكن معدلاتي لم تشفع لي في ذلك، أصدقائي وأهلي انصدموا من ضعف معدلاتي، وأنا من كان الأول دائما في الصف, درست الاقتصاد في الجامعة لكني لا أنفك أفكر في الماضي، خاصة مرحلة الباكلوريا، وأقول: لمذا انخفض مستواي وأصبح بهذا السوء، لو أني تداركت المشكلة لحصلت على نقاط جيدة، ولما كان حالي هكذا؛ علما أني كنت جيدا فيما مضى، ولدرست ما كنت أريده!!!

مع العلم أني درست الاقتصاد رغم أنه لم يكن المجال الذي أحبه، أصبحت أعاني عقدة؛ لا أنفك أفكر في ذلك, أنا الآن أعمل في إحدى البنوك في المغرب، وبعدما قرأت وطالعت عن عدم جواز العمل بهذه البنوك أصبحت عقدتي عقدتين، مع العلم أني لا أستطيع تركه؛ لأني لا أجد بديلا له، وأعمل بمدينة أخرى بعيدا عن أهلي، أصبحت أحمل المسؤولية كلها لمرحلة الثانوي!! فلو أني استمررت في جدي لحصلت على معدلات جيدة، ولما كان حالي هكذا.

رأسي سينفجر من كثرة التفكير، وأعاني مشاكل في العمل؛ لأني لا أستطيع التركيز.

أتمنى منكم أن تساعدوني، جزاكم الله خيرا، شكواي إلى الله ورجائي إليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعوضك عما فقدت خيرا، وأن يرزقك الأمن والأمان والاستقرار، وأن يجعل يومك خيرا من أمسك، وأن يجعل غدك خيرا من يومك، وأن يوفقك لعمل صالح طيب مبارك بعيدا عن معصية الله تبارك وتعالى، وتقر به عينك، وتهنأ به نفسك.

وبخصوص ما ورد في رسالتك -أخي الفاضل سمير– فإنه مما لا شك فيه أنك تدفع ثمن تقصيرك الآن؛ لأن الذي حدث كان بسببك، فإنك لم تأخذ بالأسباب كما أمرك الله سبحانه وتعالى وكما بين لك النبي -صلى الله عليه وسلم– ولم تذاكر بالقدر المطلوب حتى تسرب منك حلمك الجميل الذي كنت تحلم به أن تكون إعلاميا متميزا، فهذا نوع من العقاب نتيجة ترك الأخذ بالأسباب؛ لأن الأخذ بالأسباب جزء مهم جدا في عقيدة المسلمين، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم– يقول: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).

فالواجب على كل مسلم أن يأخذ بالأسباب إلى أبعد حد، ولكن يعلم في نفس الوقت أنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، ويعلم كذلك أن الله لا يضيع عمل عامل، والدليل على ذلك أن أولئك الكفار عندما أخذوا بأسباب الحياة أعطاهم الله الحياة، فلو أنك أخذ بنفس المستوى واجتهدت لأعطاك الله ما تريد بل وأفضل مما تريد، قال -صلى الله عليه وسلم-: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لزرقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا).

عموما قدر الله وما شاء فعل، هذا ماضي أصبح البكاء عليه لا يجدي، وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء مطلقا.

أنت الآن فيما أنت فيه من عملك الذي تعمل فيه في هذا البنك الربوي، ومما لا شك فيه أن العمل فيه خطر؛ لأنك تعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم– قال: (لعن الله آكل الربا وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء) وعليك -بارك الله فيك– أن تجتهد، أنا لا أقول: اترك العمل الآن نتيجة اعتمادك الكلي أنت وأسرتك عليه، ولكن أقول: حاول أن تبحث عن عمل آخر حتى وإن طال المدى، ما دامت لديك النية وما دمت تأخذ بالأسباب وجاد في البحث فإن شاء الله تعالى سوف يجعل الله لك مخرجا.

وأما بالنسبة لدراسة الإعلام فأقول لك: إن الأمر أصبح الآن سهلا ميسورا، فأنت تستطيع أن تحصل على الدكتوراه دون أن تتحرك من بيتك، فالآن التعليم عن طريق الإنترنت أصبح موجودا، عن طريق الكمبيوتر مباشرة حوار ما بين المعلم والمتعلم، وتحصل على شهادات رسمية معتبرة، كذلك هناك تعليم بالمراسلة، كذلك هناك تعليم بالانتساب، وهناك تعليم بالانتظام، فأصبح التعليم الآن سهلا ميسورا، وأنا أنصح (حقيقة) ما دمت وما زلت متعلقا بمسألة دراسة الإعلام أن تنتسب إلى إحدى الكليات، وهم لا يشترطون في هذه الحالة مجموعا معينا، وإنما لهم شروطا (أعتقد) أنها سهلة ميسورة، تنتسب إلى إحدى الكليات وتواصل رحلتك، ولعل الله أن يمن عليك بجوار عملك في خلال أربع سنوات فتكون قد حصلت على بكالوريوس في الإعلام، وتحقق هدفك وطموحك الذي تصبو إليه.

فالأمر الآن سهلا ميسورا، وأرى أن الأمر بفضل الله تعالى الآن أصبح في مقدورك ومقدور كل أحد، فإني أعلم إخوة كثر أصبحوا يحملون شهادات الدكتوراه وهم لم يتحركوا، حتى مناقشة الرسالة تكون عن طريق اللقاءات الجماعية عن طريق الإنترنت، وكل شيء له طريقة صحيحة، وتمنح شهادات علمية موثقة.

فأنا أرى -بارك الله فيك– أن تحاول إن أردت ورغبت أن تتدارك ما مضى وتحقق حلمك الذي تحلم به –وما زلت– أرى: أن تواصل التعليم، أن تدخل إلى مواقع التعليم والدراسة في الإنترنت، وأن تعطي قدرا من الوقت لهذا الأمر، وأنا واثق أنك -بإذن الله تعالى– مع بداية العام الدراسي هذا القادم سوف تكون طالبا منتسبا لإحدى الجامعات الكبرى، وتدفع الرسوم التي يتم دفعها، وتواصل عملية التعليم، وتحقق حلمك الذي تصبو إليه، وبذلك تترك العمل في البنك، وتتحول إلى إعلامي رائع، لعل الله أن يجعلك صاحب قلم حق ينافح ويدافع الباطل، ويحق الله به الحق ويبطل به الباطل.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأتمنى أن تأخذ بهمة وعزيمة، وأن لا تتراخى، وأن لا تتكاسل، فإن الأمر أصبح سهلا وميسورا، وما عليك إلا أن تبدأ، واعلم أن الله سيعينك ويسددك ويوفقك ما دمت تريد الهروب أولا: من البنك الربوي المحرم، وثانيا: ما دمت تريد تحقيق حلمك الكبير وكونك إعلاميا إسلاميا متميزا، فهذا كله يحظى بتأييد الله تبارك وتعالى وتوفيقه؛ لأنه يتفق مع الشرع ولا يتعارض معه.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات