بعد ولا دتي أصبحت أشعر بكآبة وحزن، وأميل إلى الوحدة.

0 409

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 23 سنة، متزوجة، ورزقت بمولود حديثا، ولكن للأسف فأنا دائما أشعر بأني مكتئبة، وأحب العزلة، ولا أحب أن تكون لي صلة بأحد يعرفني، ولا أتعرف بسهولة على أحد، ولو أحببت شخصا، ثم اكتشفت في يوم بأنه خدعني فأنا لا أسامحه، فكرامتي فوق كل شيء، لأنني للأسف أشعر بأنني تنازلت عن أشياء كثيرة منذ أن خطبت، وتنازلت عن أشياء أكثر عندما تزوجت، فأنا أرى بأنه ليس من حق زوجي أن يعاملني بطريقة ليست طيبة طالما أنا أتعامل معه بشكل طيب، فمن حقي أنني لو غضبت أن يمتص غضبي لا أن يسبني، ومع ذلك فأنا التي أطلب منه الصفح والمسامحة، حتى لو كان هو المخطئ، وهذا أعتبره تنازلا عن الكرامة، مع أني أحيانا أقول بأنه ليس هناك كرامة بين الزوج وزوجته، ولكن بيني وبين نفسي أجدني أغضب وأحزن، ولكن مع ذلك أرجع وأتعامل معه بشكل عادي وكأن شيئا لم يكن.

في الأساس وقبل أن أتزوج كنت أحب العزلة، وأنفرد بنفسي، وكان الناس يقولون عني بأني متكبرة، ولكن من يعرفني عن قرب يعلم بأني طيبة جدا.

لا أدري لماذا لا أحب أن أختلط بالناس! وأشعر بأن الناس سيئون بشكل كبير -إلا ما رحم ربي-، فكل شخص مشغول بنفسه، وليس له دعوة بغيره، وأنا لا أحب ذلك.

أعتذر عن الإطالة، ولكني لا أعرف ماذا أريد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة لهذا الموقع.

لاشك أن الظروف التي وصفت في رسالتك ليست بالسهلة، وربما لم يكن سهلا عليك الكتابة إلينا بها، فليس فقط ما ذكرت من موضوع العلاقة بالناس، فلو كان هذا فقط لربما استطعت مواجهة الأمر والتعامل معه بشكل أسهل، ولكن أضيفي إلى هذا قلة الدعم الذي تتلقينه ربما من زوجك، والذي المفروض فيه أن يكون داعما مشجعا لك، وخاصة بوجود طفل صغير، وكما أنت مشجعة وداعمة له.

ما يمر بك يمر بالكثير من الناس رجالا ونساء، من حيث أن الواحد منهم يتردد في أن يختلط بالناس أو لا يختلط بهم، وخاصة لما يرى من بعض الأخلاق والسلوكيات التي لا يرتاح إليها، كالغيبة، والنميمة، والحديث عن الناس، وخصوصياتهم، وربما يفيد هنا أن تفكري بهذا السؤال: إذا لم يعجب الناس جانبا من شخصيتك أو طريقة معيشتك فهل هذه مشكلتك أو مشكلتهم؟ لاشك أنها مشكلتهم، فاتركيهم لمشكلتهم، وباشري أعمالك واهتماماتك، وكما يقولون "الذي لا يعجبه فليبلط البحر".

حاولي التدرج في الخروج أولا من البيت، ولو لبعض المشاريع القصيرة والبسيطة، ولو كان لحديقة قريبة، أو محل تجاري قريب، ومن بعدها الخروج لزيارة الناس والاختلاط بهم، ولاشك أنك ستجدين الأمر صعبا في البداية، إلا أن هذا الأمر سيزداد سهولة مع الوقت، حتى يأتي وقت لا تعودي تذكرين فيه كيف كنت في الماضي من العزلة وقلة الاختلاط.

والأمر الآخر والهام جدا والذي يجب أن أذكره وخاصة إن كانت ولادة طفلك قد تمت في الأشهر الأخيرة ودون السنة، فيجب أن يخطر في ذهننا موضوع اكتئاب ما بعد الولادة، وهي حالة من الاكتئاب تصيب الأمهات الحوامل بعد الولادة، وقد تمتد الإصابة للعديد من الأشهر، وقد تصل إلى سنة بعد الولادة، وهناك عدة درجات من شدة الإصابة، فهناك:

- الاكتئاب الخفيف والذي يبدأ عادة مع الولادة، وهذا النوع الخفيف لا يطول، وفي الغالب لا يحتاج لعلاج، ويزول من نفسه من خلال دعم الأسرة في "الأربعين" الأولى من الولادة.

- النوع الثاني وهو أشد منه، وقد يبدأ بعد أسبوع من الولادة، حيث تكون الأم الولود قد خرجت من المستشفى، ولذلك لا تنتبه إليها ممرضات التوليد، ولابد من توعية الأم والأسرة بهذا الاكتئاب، لأنه قد يطول لأشهر تصل إلى سنة، وهو يحتاج للعلاج بمضادات الاكتئاب، وخاصة أنه قد يعرض الطفل الوليد الرضيع للعديد من المخاطر، ومن أعراضه الاكتئاب والحزن والبكاء من دون سبب واضح، وربما فقدان الشهية للطعام، مما قد يؤثر على رضاعة الطفل.

- النوع الثلث وهو الأشد، حيث ليس فقط تشعر المرأة بالحزن والبكاء والاكتئاب، وإنما أيضا باضطراب في النوم، وبعض الأعراض النفسية النفاسية الأخرى الشديدة، وهذا النوع قطعا يحتاج للعلاج السريع، وبرعاية وإشراف الطبيب النفسي.

الخبر السعيد أن كل هذه الأنواع من الاكتئاب تستجيب للعلاج الفعال بسرعة، طبعا بعد تأكيد طبيعة التشخيص، ومتابعة العلاج بشكل فعال.

أدعو تعالى أن يعينك، ويعافيك، وأن ييسر لك الخير كله.

مواد ذات صلة

الاستشارات