السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ عدة أيام وهذا الشيء يراودني، وسأسرده لكم، وأرجوكم أفيدوني أفادكم الله.
لدي شاب صديقي، ومعيني على الطاعة، أكلمه دائما، ولا أستطيع أن أقف عن محادثته، علما بأن كلامنا لا يتجاوز الحدود إلا أياما قليلة، وكلمات عادية، ومرات نتكلم في الأحاديث والنبوة.
لا أعلم! أرجوكم أفيدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسماء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابتنتا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك الحرص على السؤال، وقد أحسنت من سؤالك واستجابتك لما أمرت به، وإنما شفاء العي السؤال، ونشكر لك أيضا هذا الحرص على معرفة الحكم الشرعي في هذه المسألة.
نحب أن نؤكد (حقيقة) أنه حتى وإن كان الكلام طيبا، ولو كان الكلام صالحا فإن الاستمرار في هذا الكلام لا تؤمن عواقبه، لأن الانجذاب ولأن الميل بين الطرفين هذا أمر فطر الله تبارك وتعالى عليه الرجال والنساء، كما أن الإسلام لا يعترف بمسألة صداقة بين شاب وفتاة إلا في إطار المحرمية –كأن تكون عمة أو خالة أو خالا لها أو غير ذلك– أو في إطار الحياة الزوجية.
حتى لو كنتما ستطوران هذه العلاقة في المستقبل لتصبح علاقة زواج (مثلا) فلا بد من إعلان هذه العلاقة وإخراجها إلى السطح، فإن العلاقات في الخفاء لا ترضي الله تبارك وتعالى، وهي مدخل كبير من مداخل الشيطان، وعندنا تجارب كثيرة بدؤوا يدرسون مع بعضهم ويذكرون بعضهم ويوقظون بعضهم بعضا للصلاة، ثم تنحرف العلاقة في النهاية؛ لأن الشيطان أصلا لا يدعو الإنسان إلى المنكر مباشرة، ولكن يأخذه في خطوات وخطوات، ولذلك قال العظيم: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} فإنه يأخذ الناس إلى المعصية، لا يأخذهم جملة أو دفعة واحدة، وإنما يستدرجهم ويستدرجهم حتى يوصلهم إلى الهاوية.
على كل حال فإن التوقف عن هذه العلاقة وإخراجها للسطح إذا أردتما أن تستمرا، أو التوقف عنها تماما إذا لم يكن هناك نية للاستمرار، لأن الإسلام شرط في العلاقة أن تكون معلنة، وأن تكون بقواعدها الشرعية في نوع الكلام الذي يقال، وأن تكون العلاقة أيضا هدفها الزواج، يعني لها هدف واضح، وأن تكون هناك إمكانية للزواج أيضا.
إذا وجدت هذه الأشياء فعليه أن يعلن العلاقة، وتصبحين أنت مخطوبة له، ويستطيع عند ذلك أن يكلمك في هذه الأمور الطيبة وفي التخطيط لمستقبلكما، أما بغير هذا فنتمنى أن تتوقف هذه العلاقة التي شعرنا أيضا من خلالها أنها بدأت تخرج عن إطارها الشرعي، وإن في مرات قليلة قلت أو كثرت، فهكذا البدايات، والنهايات لا تؤمن، والعواقب لا تؤمن.
نشكر لك الحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل عليك وعليه، وأن يجمع بينكما على الخير إن أردتما ذلك، وأن يلهمكما السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
نكرر: هذه دعوة للتوقف عن هذه العلاقة وعن هذه المكالمات، وطلبا لرضا رب الأرض والسموات، لأنه في كل الأحوال –كما قلنا– هذا خصم على سعادة الطرفين، فإذا يسر الله وتم الزواج فهذا خصم على السعادة، وإذا لم يتم فهذا خصم أكبر، لأنك قد تتعلقين به وتتزوجين بآخر، وهو يتعلق بك ويتزوج بأخرى، وهذا فيه عذاب وألم نفسي كبير إلى جانب ما فيه من مخالفة شرعية لآداب وأحكام هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
نسأل الله أن يقدر لكم الخير, وأن يهديكم ويهدينا إلى سواء السبيل.