السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
عمري 15سنة تأتيني وساوس بخصوص الشرك بأنواعه عكرت علي صفو حياتي، فعندما أنحني لأحمل شيئا من الأرض أقول في نفسي: هل أعتبر هذا سجودا لغير الله أم لا؟ وتكون إجابتي النهائية: لا، وإنما كنت أفكر في هذا؛ لأني علمت أن الله يغفر للمشرك إذا تاب توبة نصوحا، بالرغم من أني لا أضمن التوبة، وأنا أخاف أن أتبع هذا الوسواس، والأقبح من هذا أني أفكر أن أسلك طريق المعاصي بعد أن كنت غاية في التمسك بالدين، وما إن فكرت في هذا حتى اختفت هذه الأفكار من رأسي، وبدأت أبصر شعاعا من السعادة التي حرمت منها طويلا بسبب هذه الأفكار.
أشعر أني بحاجة إلى مزيد من الحب والحنان والرعاية والاهتمام، ولكني لا أجد أيا من هذا؛ مما أدى بي إلى الانطواء والحزن، وكنت أفكر في أن أصاحب شابا يحبني وأحبه، ونخرج معا للتنزه بدل أن لا أخرج من بيتي إلا نادرا، فأبي يعمل طول النهار، وأمي كذلك، ونسيا دورهما في التربية، وأنا أعذرهما؛ لأنهما لا يعرفان كيفية التربية الصحيحة، وهذا ما دفعني للتفكير في مصاحبة شاب, فما توجيهكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ااااا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
مرحبا بك - ابنتنا العزيزة - في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يذهب عنك ما تجدينه من الوساوس، وأن يلبسك لباس العافية.
علاج الوسوسة - أيتها البنت الكريمة - كما سبق أن أوضحناها أكثر من مرة إنما يتمثل بالاستعاذة بالله سبحانه وتعالى منها، واللجوء إليه بصدق واضطرارا ليذهبها عنك، والكف عن الاسترسال معها والخوض في تفاصيلها، فإذا جاهدت نفسك على ذلك فإنها ستذهب عنك - بإذن الله تعالى - عن قريب.
وأما ما تعانينه من الانطواء على نفسك وعدم الشعور بحب الآخرين لك، فإن هذه مجرد أوهام لا حقيقة لها، فإن حب الوالدين أمر فطري فطر الله عليهما الخلق، فهما يكنان لك كل الحب، وأنت أغلى عندهما من كل شيء، فلا ينبغي أن يساورك شك في هذه الحقيقة، وبإمكانك أن تصرحي لوالديك بحاجتك إلى الجلوس معهما، فربما يكونان غافلين عن حاجتك إلى ذلك.
ثم اعلمي - أيتها البنت الكريمة - أن هناك آفاقا واسعة رحبة بإمكانك أن تقضي فيها أوقاتك وتشعرين فيها بالإخاء مع من حولك، وذلك بأن تبحثي عن الفتيات الصالحات والنساء الطيبات ومجالس الطاعة كالأنشطة الدعوية للبنات، والالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن الكريم ونحو ذلك، فإنك ستجدين في هذا النوع من الناس ما يعوضك عما تفقدينه من مشاعر الأخوة والحب، مع أنه الطريق الآمن للحفاظ عليك, والموصل إلى تحقيق كل خير في حياتك وفي آخرتك.
أما ما يحاول الشيطان أن يجرك إليه من ربط علاقة بشاب ومحاولة تزيين الشيطان لك لهذا الطريق، فإنه من مكر الشيطان وخداعه لك، وقد حذرنا الله غاية التحذير في كتابه الكريم من اتباع خطوات الشيطان والانجرار وراء غروره، فقال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر} وهذا الطريق الذي يحاول أن يجرك إليه ويزينه لك هو مبدأ الفحشاء والمنكر، فإنه سيجرك إلى عواقب وخيمة به تذهب الدنيا وبه تفسد الآخرة، وسيجرك إلى الوقوع في سخط الله تعالى, والتعرض لشديد عقابه، كما أنه سيفسد مستقبلك، وبذلك ستجنين على نفسك بخسران الدنيا والآخرة.
نحن نحذرك غاية التحذير - أيتها البنت الكريمة - من الانجرار وراء هذه الوساوس الشيطانية، واعلمي أن طاعتك لله هي سر سعادتك، فإنك لن تجدي السعادة إلا في طاعة الله تعالى، وقد قال الله سبحانه وتعالى - وهو لا يخلف الميعاد -: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} فالحياة الطيبة السعيدة إنما تكون في ظلال الإيمان والعمل الصالح، أما من أعرض عن طاعة الله تعالى وذكره فإنه موعود بالعيشة الضنك.
ثم اعلمي أيضا - أيتها البنت الكريمة - أن معصيتك لله من أعظم الأسباب للحرمان من خير الدنيا والآخرة، فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) فاحذري غاية الحذر أن يخدعك الشيطان أو يزين لك معصية الرحمن، فإنه بذلك سيجرك إلى تضييع مستقبلك وإفساد حياتك في دنياك وفي آخرتك.
نسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك, ويقيك شر الشيطان وكيده ومكره.