السؤال
قمت اليوم بمعصية, ولكني أول مرة أحس بهذا الإحساس, فلا أستطيع التوقف عن البكاء, ولا أعلم ماذا أعمل, فهل من الممكن أن تساعدوني بطريقة للجوء إلى الله؟
قمت اليوم بمعصية, ولكني أول مرة أحس بهذا الإحساس, فلا أستطيع التوقف عن البكاء, ولا أعلم ماذا أعمل, فهل من الممكن أن تساعدوني بطريقة للجوء إلى الله؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكر لك التواصل مع الموقع، ونهنئك على هذه الروح، وهذه النفس اللوامة التي جعلتك تبكي عندما عصيت الله تبارك وتعالى، وحق لكل عاص يعرف عظمة العظيم ويعرف مقدار من يعصيه أن يبكي الدم بدل الدموع، وهذا البكاء يدل على الندم والخوف، وفي ذلك خير كثير، ونسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناتك، ونتمنى أن تحول هذه المشاعر – مشاعر الخوف – والدموع والأسى والحزن إلى مشاعر إيجابية في طاعة رب البرية، ونبشرك بأن الله غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، ونشكر لك هذا الحرص على العودة إلى الله، ونشكر لك أيضا روح التأثر الشديد بالوقوع فيما يغضب الله تبارك وتعالى، وهكذا المؤمن يخاف من المعصية؛ لأن المؤمن عندما يعصي الله:
أولا: لا ينظر لصغر الخطيئة؛ لأنه يتذكر أنه يعصي العظيم، الأمر الثاني: المؤمن يخيل إليه بعد المعصية أن جبلا يريد أن يسقط عليه، في حين أن المنافق يعصي الله وكأن المعصية ذبابة على أنفه يوشك أن يشير بيده فتطير.
فهذه مشاعر مهمة جدا، ونحمد الله تبارك وتعالى، وحق لك أن تحمد الله على مثل هذه المشاعر وتحولها إلى مشاعر إيجابية – كما قلنا – بتوبة لله نصوح، ثم بالاجتهاد في الحسنات الماحية، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وأرجو أن تعلم أن التوبة الصادقة تبدأ بالإخلاص لله، والصدق في التوبة، وإيقاف المعصية، والندم على ما مضى، والعزم على عدم العود، ورد الحقوق إلى أصحابها إن كان في المخالفة حق للعباد، ثم الإكثار من الحسنات الماحية، وما عندك من الدموع والتأثر دليل على القبول لهذه التوبة، ودليل على الندم على ما مضى، وفي ذلك خير كثير.
فنسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وحق لك أن تبكي، وأطلق لعينك العنان، ونتمنى أن يكون هذا البكاء من خشية الله، ونبشرك بأنه من الأعين التي لا تمسها النار: (عين بكت من خشية الله) ومن استحضار عظمته، ومن استحضار التقصير بالوقوع في المعصية، وكل هذه مناقب ومنازل عالية.
نسأل الله أن يبلغنا وإياك إياها، وأن يحول بيننا وبين معاصيه، وأن يقسم لنا من خشيته ما يحول بيننا وبين معاصيه، وأن يقينا شرور أنفسنا، ونكرر شكرنا لك للتواصل مع الموقع.