السلام عليكم

أنا إنسان مصاب بوسواس في علاقتي مع الناس، مما يجعلني أشعر بأن البعض يحتقرني؛ لأني فعلت كذا، والبعض الآخر لا يحبني.

حقيقة إني متعب؛ لأني فقدت الثقة في نفسي، وفقدت القدرة على التعامل مع الناس.

مشتت بين أن أكون ملتزما أو أن أعيش حياتي وحياة من حولي، أنا حقيقية متذبذب ولا أعرف ماذا أفعل.

أفتوني حياكم الله.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا.

لاشك أنه وضع صعب ما تجد نفسك فيه، وربما تشعر أنه لا يوجد أحد يقدر ما أنت فيه من هذه المعاناة.

كنا نحب أن نعرف أكثر عنك، وعن عمرك، وعملك، أو دراستك، وعن أوضاعك الأسرية والاجتماعية.

على كل حال، فلاشك أن هناك صلة وثيقة بين ما ذكرت في سؤالك من ضعف الثقة بالنفس، والاكتئاب وتجنب الناس، والشعور بأنك متذبذب، وربما تعني: أن هناك نوعا من الضغط عليك ممن حولك أن تعيش بنمط حياة معينة، بينما أنت تريد أن تعيش بشكل آخر أكثر التزاما، وهذا ما فهمته أنا مما في سؤالك.

إنك -يا محمد- تمر بما يمر به معظم الشباب من محاولة مقاومة ضغط الزملاء والأصدقاء وبين ما يعتقد أنه الصحيح، ولا بأس في هذا الصراع حيث تخرج منه بعون الله أقوى وأقدر على معرفة ماذا تريد؟ ففي النهاية القرار لك وليس لأي شخص آخر، وخاصة فيما يتعلق بحياتك الخاصة وسلوكك وقيمك.

لماذا يحتقرك البعض؟

إذا كنت تعيش كما تشاء، وهذا البعض لا يعجبه هذا، فهل هذه مشكلتك أم مشكلتهم؟ إنها لاشك مشكلتهم، فلماذا نبالي كثيرا برأي الآخرين فينا؟

أنا عشت في الغرب سنوات طويلة وزرت ألمانيا، وخاصة المركز الإسلامي في مدينة آخن، وقد تعلمت من سلوك الغربيين أن الواحد منهم لا يبالي البتة برأي الآخرين فيه وفيما يلبس، والغربي يشعر أنه طالما هو مرتاح ومنسجم... فعلى الدنيا والآخرين السلام، فامض على بركة الله والله يرعاك.

تذكر أيضا أن ما يمر بك هو: نوع من الارتباك، أو الرهاب الاجتماعي، بسبب هذه الحساسية الزائدة عندك، وهو من أكثر أنواع الرهاب، وإن كان العادة أن يحدث الارتباك أمام الغرباء، كما يحدث معك، إلا أنه قد يحدث أيضا في البيت وبين أفراد الأسرة حيث يتعثر الكلام، كما يحصل معك أيضا.

ما يعينك على التكيف مع هذا الحال عدة أمور، ومنها: محاولة التفكير بأن للناس همومهم الخاصة، فليس عندهم وقت ليضيعوه في تتبع أمورك أو أمور غيرك، وكما يقال: عندهم ما يكفيهم؛ فيمكن لهذه الفكرة أن تبعد عنك شبح مراقبة الناس لك، فهم منشغلون عنك، وأنت لست مركز اهتمامهم، مما يخفف من ارتباكك أمامهم!

الأمر الثاني الذي يمكن أن يعينك هو: أن تذكر أنك -وكما يبدو من سؤالك- في سن الشباب من العمر، وأن أمامك الوقت لتتجاوز هذا الحال، وخاصة إن بادرت باتخاذ بعض الخطوات التي تعينك على تجاوز هذا.

تذكر أن التجنب: كتجنب الحديث أمام الناس، هذا التجنب لن يحل المشكلة وإنما سيزيدها شدة، فحاول الاقتراب من الآخرين، وتحدث معهم حديثا بسيطا، ولاشك أن المحاولة الأولى ستكون صعبة بعض الشيء، إلا أنك ستلاحظ أن الأمر أبسط مما كنت تتوقع، وهكذا خطوة خطوة ستتعلم مثل هذه الجرأة، وبذلك تخرج مما أنت فيه.

ثالثا مما يعينك أيضا، وخاصة عندما تشعر بأن الارتباك قادم، هو: القيام ببعض تدريبات الاسترخاء، مثل: الجلوس في حالة استرخاء، والقيام بالتنفس العميق والبطيء، فهذا سيساعدك على ذهاب أعراض الارتباك والارتعاش.

وفقك الله ويسر لك تجاوز ما أنت فيه، وما هي إلا مرحلة عابرة، وستتجاوزها، عاجلا أو آجلا، وإن شاء الله يكون الأمر عاجلا.