السؤال
السلام عليكم
أنا طالب ثانوية عامة وعمري 16 عاما، أعاني من التأتأة والتلعثم، قمت شخصيا بتشخيص حالتي على أنها توتر وقلق تسبب في التلعثم والتأتأة، كلما كبرت وزادت علاقاتي كلما زاد خوفي من الكلام، كما أنني واجهت أشخاصا لم يعذروني في مرضي وعندما أتكلم بتأتأة أو تلعثم يضحكون على مما يسبب لي الإحباط الشديد، ويجعلني أتراجع عن الكلام.
الآن أصبحت أتجنب مكالمات الهاتف تجنبا لأي نوع من الإحباط من المتصل؛ لأنني أيضا كنت أتكلم مع خالتي في الهاتف في صغري وكانت تسخر مني عندما أتتأتأ أو أتلعثم بدون قصد، أتت علي بعض الأوقات من حياتي كنت أتكلم جيدا لوجود عامل رفع الروح المعنوية، لكن عندما أرجع إلى المنزل أجد والداي في شجار دائم، ودائما صوتهما عال ويتشاجران مع بعضهما، والدي أيضا سبب كبير فيما أنا فيه الآن؛ لأنه ربى في داخلي خوفا كبيرا منه، بل رعب، حينما أتكلم جيدا فى بعض الأحيان فيأتي هو ليتحدث معي فإذا بي أتوتر وأتلجلج ولا أجد ما أقوله.
أرجو أن تساعدوني بعلاج إذا كان دواء مع ذكر سعره، وإذا كانت تمارين فأرجو أن تكون غير تمارين الاسترخاء؛ لأنني جربتها ولم تنفع؛ لأنها تشترط مكانا هادئا، وأنا ليس لدي مكان هادئ، فدائما والدي يشاهد التلفاز بأعلى صوت ممكن مما يسبب لي التوتر والإحباط الشديدين.
أيضا لأفيدكم وتفيدوني: أنا جربت أن أحفظ القرآن لكن غلبني الكسل، قرأت وشاهدت فيديوهات لبرامج دينية على اليوتيوب بأن حفظ القرآن الكريم يعالج التأتأة والتلعثم تماما، أرجو أن تفيدوني بكل شيء ممكن أن تفيدوني به، كذلك وصلت التأتأة والتلعثم لاسمي، فقد أصبحت أخاف أن أنطق اسمي، أو بمعنى آخر لا أستطيع نطقه بسهولة.
أيضا لدي معتقدات بأنني لا أستطيع نطق بعض الأحرف مثل: (أ- ب - م - و - هـ - ع - ج) هذه المعتقدات أحيانا تكون صحيحة وأحيانا تكون خاطئة، لكن تكون صحيحة أحيانا كثيرة مع حرف الألف والميم.
إذا كان يوجد علاج سريع فأفيدوني به، وإذا كان يوجد علاج بدون إدمانه لمعالجة القلق وإزالته نهائيا فأكون شاكرا جدا لكم، أرجو أيضا بأن تفيدوني ببرنامج حفظ للقرآن الكريم في المنزل في سنة أو أقل من ذلك.
أعرف أنني أطلت عليكم لكن أعذروني، فقد أصبحت مشكلة كبيرة في حياتي، وهي تعتبر العيب الوحيد بي -والحمد لله-، والسلام عليكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mostafa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تلعثمك هو نوع من التلعثم الترددي الناتج مما نسميه بقلق الأداء، يعني: أنك تحاول أن تؤدي أداء جيدا، وهذا ينعكس عليك سلبا في المواقف الاجتماعية، كما أن حالتك النفسية لها علاقة وطيدة جدا بمقدرتك على الانطلاق في الكلام من عدمه.
مشكلتك -إن شاء الله تعالى– بسيطة، ويعرف أن حالات التلعثم هذه تكثر وسط الأولاد أكثر من البنات، كما أننا نشاهدها في فترة اليفاعة والطفولة المبكرة والطفولة المتأخرة، وبعد ذلك -إن شاء الله تعالى– تبدأ في التلاشي.
الإشكالية الوحيدة في علاج حالتك هي: أنك أقفلت الطريق تماما أمام نفسك، قلت: (لا تحدثوني عن تمارين الاسترخاء، أو إذا كان هناك علاجا أفضل من تمارين الاسترخاء؛ لأنك لا تستطيع أن تؤديها أو أنك جربتها ولم تنفع) وهذا من أفضل أنواع العلاج؛ لأن القلق والتوتر أصلا ينتج عنه انقباضات عضلية، والانقباضات العضلية تزيد من الانقباضات النفسية، وهكذا.
أيها الفاضل الكريم: يجب أن تتدرب على تمارين الاسترخاء وبجدية وباستمرار، ويجب أن ترجع إلى استشارة بموقعنا تحت رقم (2136015) وسوف تجد فيها كل ما يفيدك.
أنت ذكرت أن والدك يشاهد التلفاز بصوت عال: يمكن أن تدخل داخل الغرفة، يمكن أن تتحين الفرصة ليلا، يمكن مع صلاة الفجر، هذه أوقات لا يوجد فيها إزعاج، فيجب أن تكون لك الدافعية، ويجب أن يكون لك الإصرار على تطبيق تمارين الاسترخاء.
حقيقة أنا أخاف جدا حين يقول لي أحد الشباب: (لا أستطيع)، لا أستطيع هذه لا نريدها أبدا، نبينا -صلى الله عليه وسلم– نهانا عنها بقوله: (ولا تعجز) والتكاسل في الأمور دائما يدل على أن شخصية الإنسان ربما تكون ليست منضبطة ومتوازية الأبعاد، وهذا مهم جدا، النفس البشرية تتطور من خلال الإصرار، من خلال الأداء، من خلال أن يكون الإنسان ذا همة عالية، فأرجو أن تقدم على هذا التمرين البسيط، ولا بد أن تكون لك قدرة على الثقة في نفسك.
الموضوع الثاني: موضوع تلاوة القرآن الكريم، هذا مثبت أنه يفيد في التأتأة، لأن القرآن الكريم أصلا هو مبعث الطمأنينة، ومبعث حسن النطق وإخراج الحروف على طريقتها الصحيحة، فاذهب إلى أحد المشايخ وتعلم على يديه التجويد والترتيل، هذا موضوع لا يستغرق أكثر من شهر أو شهرين.
أما برنامج الحفظ فهذا أمر جيد منك جدا، وأشجعك عليه، والإخوة في إسلام ويب سوف يطلعونك على كيفية حفظ القرآن حسب ما أشار بعض المشايخ، لكن الإشكال ليس الآن في الحفظ، الذي أريده منك هو أن تتعلم التلاوة، وأن تتعلم مداخل الحروف ومخارجها، وأن تتعلم كيف تربط ما بين التنفس (الشهيق والزفير) والقراءة وتلاوة القرآن وإخراج الحروف، فهذا يساعدك تماما.
النقطة الثالثة هي: أن تضع الحروف التي تجد صعوبة في نطقها، عين كل هذه الحروف -وأنت ذكرت بعض الأحرف مثل الألف والباء والميم والواو– قم بوضع هذه الحروف في كلمات، اجعل الكلمات تبدأ بالحرف الذي تجد صعوبة في نطقه، حدد خمسين كلمة لكل حرف، قم بتكرارها بصوت مرتفع، ثم أدخلها في جمل، بعد ذلك اجعل الحرف يكون في منتصف الكلمة، ثم اجعله في نهاية كلمة أخرى، ثم كرر نفس التمرين، هذه تمارين بسيطة وسهلة جدا.
قم أيضا بالقراءة بصوت مرتفع، وقم بتسجيل ما تقرأه، يمكن أن تقرأ من الكتاب أو تقرأ ارتجالا، وهذا أفضل، وقم بتسجيل ما تقرأه والاستماع إلى ما قمت بقراءته، كرر هذا عدة مرات.
أنصحك أيضا: أن تتكلم ببطء، وأن تزود نفسك بالمعلومات العلمية الجيدة والرصينة، الإنسان الذي لديه رصيدا جيدا من المعرفة ومن العلم يستطيع أن يتكلم.
أنصحك أيضا: ألا تراقب نفسك في حالة الكلام، لا تفرض على نفسك رقابة صارمة، هذا ليس بالأمر الجيد، وكن منطلقا، وكن أريحيا، ودائما حاول أن تبدأ (بسم الله الرحمن الرحيم) قلها في سرك (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني) هذه أمور طيبة جدا، حاول أن تجربها لوحدك حتى وأنت في البيت، سوف تجد أن السكينة قد نزلت عليك، وأن هذا الخوف -إن شاء الله تعالى– قد انتهى.
من الضروري بالنسبة لك أيضا: أن توسع آفاقك الاجتماعية، نشاطاتك الاجتماعية، انخرط في الجمعيات الشبابية، الثقافية، المهنية، الدعوية، الاجتماعية، هذا كله ينمي شخصيتك ويقويها ويجعلك في مصاف الخطباء الذين لا يتعثرون ولا يتلعثمون في كلامهم.
بالنسبة للعلاج الدوائي: هنالك أدوية تساعد قطعا، الأدوية التي تقلل من الخوف تساعد كثيرا، هنالك دراسات حول عقار (هلوبريادول) بجرعة صغيرة، الآن أيضا عقار (أولانزبين) بجرعة صغيرة، يقال أنه مفيد، الأدوية المضادة للمخاوف مثل: (السيرترالين) و(الباروكستين) أيضا مفيدة، لكن في مثل عمرك لا تتناول أي دواء دون أن تذهب إلى طبيب، وعليه يمكن أن تقابل أحد الأطباء المختصين في الطب النفسي أو حتى طبيب الأسرة يمكن أن يصف لك الدواء المناسب.
للفائدة حول حفظ القرآن انظر استشاراتنا: طرق حفظ القرآن الكريم (1415 – 54429 - 1601).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والشفاء.