السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة بعمر 23 عاما، غير متزوجة ولا على وشك زواج، سأتخرج من الجامعة -بإذن الله تعالى- خلال الأشهر القادمة، كنت مهملة لصلاتي -والعياذ بالله-، ولكني -ولله الحمد والمنة- التزمت بصلواتي في أوقاتها حسبما أستطيع، وأقوم الليل متى ما استطعت كذلك، أداوم على الأذكار بعد الفجر والمغرب كل يوم، أرقي نفسي حسب قدرتي من فترة لفترة.
قبل تقريبا أربعة أشهر كنت على وشك النوم لكن استيقظت فزعة، وأصابتني حالة لم أعلم ماهي، لكن كنت أعتقد بأني مفارقة للحياة، فبدأت بالتشهد وقراءة آية الكرسي، وكنت أرتعش وصوتي تغير، وتنفسي صعب وقلبي يخفق بشدة، فأيقظت أسرتي لأقول لهم إني سأموت، واستمرت معي هذه الحالة لساعة ونصف تقريبا، لكن الحالة كانت تهدأ ثم تعود من جديد، وأخيرا خلدت إلى النوم ولم أشعر بشيء بعدها.
ولم يعاودني هذا الشعور إلى قبل شهر ونصف، كنت مستلقية على السرير فإذا بقلبي تتسارع نبضاته، وجسمي يعرق ويرتجف، وأحس بالاختناق، وأطرافي تنملت ووجهي تنمل، ذهبت لأمي لتقرأ علي لكن ما زال شعوري نفسه، كلما استلقيت عاودني، فذهبت إلى المستشفى وعملوا لي تحاليل شاملة، بالإضافة إلى تحليل نشاط الغدة، وكانت جميعها سليمة- ولله الحمد-، وأعطوني موعدا مع أخصائي الباطنية، ذهبت لموعدي وذكر أن هذا ليس إلا نتاج التوتر والقلق، وأعطاني (إندرال) الذي سوف يساعدني على تجاوز نوبات الخوف، وينظم نبضات القلب، رفضت والدتي أن أتناوله لخوفها من آثاره الجانبية فلم ألتزم بأخذه.
قرأت في مواقع كثيرة عن أناس يصيبهم ما يصيبني، وأسموها نوبات هلع، لا أعلم ما أفعل، فقد حاولت الاسترخاء كثيرا، ومارست تمارين التنفس لكن دون جدوى، إلى يومنا هذا ونوبات الهلع تأتيني كل ليلة تقريبا، ولا أستطيع النوم بسببها فقد تستمر لساعات طويلة، ومهما حاولت تجاهلها والانشغال بأي شيء، فإنها تعود عندما أستلقي لأنام وتفزعني من النوم أحيانا، كانت تأتيني فقط وقت النوم، أما الآن فأصبحت تصيبني في كل وقت، لا أريد أن أيأس فأنا أثق برحمة ربي سبحانه وتعالى، لكن هذه المخاوف تؤلمني كثيرا، والمشكلة أنها في كل مرة تأتيني أشعر وكأنها للمرة الأولى.
أفيدوني جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Saja حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بالفعل النوبات التي حدثت لك تسمى (نوبات الهلع أو الهرع أو الفزع)، وتسمى باللغة الإنجليزية (Panic Attack)، وهي نوع من أنواع القلق الحاد الذي يأتي في شكل موجات مفاجئة، في معظم الأحيان لا تعرف أسبابه، لكن ربما يكون الأشخاص القلقون بفطرتهم، أو أو الحساسون بعض الشيء أكثر عرضة له.
أنا أطمئنك تماما أن هذه الحالة ليست خطيرة، نعم تؤدي إلى شيء من الخوف والتوتر، ويدخل الإنسان في هواجس ووساوس، لكن أقول لك إن هذه الحالات موجودة لدى الكثير من الناس، وغالبا ما تنتهي تلقائيا، وهنا نعتبرها حالات عابرة، نوبات الهرع هذه في بعض الأحيان تكون مصحوبة بمخاوف، تجدين الإنسان لا يستطيع أن يخرج لوحده ولا يحس بالأمان حين يخرج من البيت، -والحمد لله تعالى- أنت ليس لديك هذا المكون، والذي نسميه برهاب الساحة.
العلاج -أيتها الفاضلة الكريمة-: أولا: يجب أن توضحي لوالدتك أنك بالفعل محتاجة لمقابلة الطبيب النفسي، الإندرال دواء لا بأس به، لكن لا أعتقد أنه علاج أساسي للحالة، هنالك أدوية ممتازة مضادة لنوبات الهرع، منها عقار يعرف باسم (سبرالكس)، ويسمى علميا باسم (إستالوبرام)، وهو دواء سليم، لا يسبب الإدمان أو التعود، ويمكن أن يتم تناول الإندرال معه، لكن يعتبر هو الدواء الأساسي، أرجو أن توضحي لوالدتك أنك بالفعل في حاجة لعلاج، وأنا متأكد أن والدتك سوف تتفهم ذلك تماما.
العلاجات الأخرى تتمثل في تمارين الاسترخاء، وأنت جربتها وحاولتها ولم تحصلي على النتائج المرجوة، لكن أرجو أن تداومي على هذه التمارين، لأن المفعول قد لا يكون آنيا أو في وقته، إنما يتطلب الاستمرارية عليها، فكوني -إن شاء الله تعالى– حريصة على ذلك، وتناولي الدواء بانتظام، ومن ناحيتي أنا مطمئن تماما أن تمارين الاسترخاء سوف تفيدك.
الأمر الآخر هو ضرورة التغيير النفسي الفكري، يعني أن تعرفي أن هذه النوبات هي نوبات قلق وليس هنالك شيء خطير، وحاولي أن تتجاوزيها من خلال تجاهلها، هذا أيضا سوف يفيدك كثيرا.
لا تنزعجي، أقول لك هذا مرة أخرى، ووالدتك يجب أن تتفهم حالتك، ومقابلة الطبيب النفسي مهمة، وحالتك لا تتطلب متابعة كثيرة، لكن زيارة أو زيارتين للطبيب النفسي مهمة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.