السؤال
أصيبت والدتي بجلطة في المخ، فقد تعرضت لأزمة مالية كبيرة في شهر يونيو الفائت، عمرها 58 سنة، قد عانت من قبل جلطة خفيفة جدا، بدأت يوم الأربعاء الماضي بقولها: "لا أعرف أتكلم" وظننا أنها تمازحنا ولم نأخذ خطوة جدية، ثم لاحظنا أنها تنام كثيرا, وعندما نحادثها لاحظنا عدم قدرتها على الرد، وإذا ردت يكون ردها مبهما في مكان آخر، فأصبحت غير قادرة على تكوين الجمل، وغير متزنة، ولا تتكلم، وإذا تكلمت لا نفهم منها أي شيء، فقد أصبحت عضوا غير فاعل في المنزل.
هنا قررنا أن نتصل بالمستشفى، وفي قسم الطوارئ قالوا لنا: إنها مريضة نفسيا، ويجب إعطاؤها تحويلة لمستشفى الأمراض النفسية وهذا كان يوم الأحد، عدنا إلى البيت ونحن غير مقتنعين نهائيا بهذا الحل, ولاحظنا ازدياد سوء حالة أمي، وأصبحت حتى لا تميز بيننا في الأسماء، ونسيت الماضي بنسبة كبيرة جدا.
ذهبنا بها للمستشفى مرة أخرى، وطلبنا إجراء فحصا مقطعيا للمخ (CTS) وتم إجراء الفحص، وتم إخبارنا بوجود 4 جلطات صغيرة, 2 منهما قديمة, و2 جديدة، وتم حجزها بالمستشفى، وبدأوا بإعطائها الجرعات على التوالي، وقرر الاستشاري فحصا مقطعيا (MRI) حتى يتم تحديد نسبة التلف في الخلايا على حد قوله، وليحدد كذلك طريقة العلاج المناسبة، ولكنه ذكر في البداية بأننا سنحاول المحافظة على الحالة كما هي ولا يوجد أمل في التحسن، ويضيف أيضا بأنها لا تتذكر أحدا منا نحن الأبناء الآن، ومن بقي في ذاكرتها بعد التلف هو الوحيد الذي سوف تذكره، أما من نسيته فلن يعود لذاكرتها.
نحن الآن في حالة صدمة كبيرة، أرجوك يا دكتور إفادتي هل من أمل لعودة والدتي لوضعها الطبيعي، أو على أقل تقدير العودة للسابق بنسبة كبيرة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله تعالى لوالدتك العافية والشفاء، وأشكرك أخي الكريم على اهتمامك بأمرها.
حين ذكرت والدتك أنها لا تعرف أن تتكلم وأنها غير قادرة على التذكر: هذه ليست حالة نفسية؛ لأن عدم المقدرة على تكوين الجمل ينتج أصلا من خلل في الجهاز المعرفي الاستيعابي للإنسان، وهذا الخلل سببه ليس نفسيا، إنما سببه عضوي؛ لأن المراكز الحساسة الموجودة في المخ، والتي هي مسؤولة عن تكوين الكلام وتركيبه وطريقة إخراجه وربطه بالذاكرة، تكون قد تأثرت من الجلطة.
إذن هذه حالة عضوية مباشرة، والجانب النفسي يكاد يكون معدوما فيها، نعم لا ننكر أن الإنسان حين يواجه علة مثل هذه سوف يحس بشيء من الإحساس السلبي وشيء من الكدر البسيط، لكن لا يمكن أن تصل حالته للدرجة التي لا يستطيع فيها أن يكون الجمل، هذا نتاج للجلطات المتكررة التي حدثت للوالدة.
الأمر المهم هو أولا: من الضروري الآن أن يكون هنالك جهد حقيقي في ألا تحدث للوالدة جلطات أخرى بإذن الله تعالى، وهذا يتم الوصول إليه من خلال: اتخاذ كل الأسباب الاحتياطية، خاصة تناول الأدوية التي يصفها لها الأطباء، تناولها في وقتها، وهذه الأدوية غالبا تحتوي على مكونات تساعد في سيولة الدم حسب حالة الوالدة، هذه أهم نصيحة أنصحكم بها، وهي ضرورة أخذ الوالدة إلى الطبيب حسب المواعيد المحددة، وأن تتناول الأدوية حسب ما هو مقرر.
ثانيا: التحسن سوف يأتي إن شاء الله تعالى، هذه ليست رسالة تطمينية، إنما كلام يقوم على أسس علمية، خلايا الدماغ يمكن أن تتدرب نسبيا، أي يعاد تدريبها للاستيعاب مرة أخرى، قد لا ترجع لحالتها الطبيعية، لكن قطعا مع مرور الزمن يحدث هنالك تحسن، ومؤسسة حمد الطبية –خاصة مستشفى الرميلة– لديهم قسم كامل لتأهيل مرضى الجلطات الدماغية، فأرجو أن تكون والدتكم تحت الرعاية الطبية المتوفرة في مستشفى الرميلة في قسم الجلطات الدماغية.
هنالك تدريب على الكلام، هنالك تدريب على التذكر، هنالك تدريب على التعامل مع الأمور الحياتية البسيطة، فهذا متوفر، ويجب أن نعطي والدتكم الكريمة فرصة لأن تستفيد من الإمكانيات المتاحة في الدولة بفضل الله تعالى.
نقطة أخرى وهي: أنه توجد أدوية تساعد في تحسين الذاكرة، هنالك دواء يعرف باسم (REMINEUL) وهنالك دواء آخر يعرف باسم (EBIXA) وهنالك دواء ثالث يعرف باسم (NOOTROPIL).
إذا الخيارات التي تساعد والدتك موجودة، وإن شاء الله تعالى تستفيد من أحد هذه الأدوية، أو أي علاج يقرره الطبيب الذي يشرف على علاجها، أما من حيث الحالة النفسية فمستشفى الرميلة أيضا به خدمات ممتازة للطب النفسي، يمكن إذا رأى الطبيب التأهيلي أن يحولها إلى الطبيب النفسي فسوف يقوم بذلك.
لا تنزعج أبدا، ونسأل الله تعالى لوالدتك العافية والشفاء، وقطعا هذه فرصة عظيمة لكم لأن تقدموا لها المزيد من البر والإحسان.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.