السؤال
أشكركم على موقعكم الرائع الذي يخدم الجميع.
أنا شاب متزوج, ولدي طفلان, الأول: ابن عمره أربع سنوات, والثانية طفلة عمرها سنتان ونصف, ومشكلتي هي في طفلتي - رغم أني أراها أذكى من ابني الأول في كل شيء: في تصرفاتها ولعبها مع الأطفال - وهي كثيرة الحركة والنشاط, ولديها ذكاء - ما شاء الله – وقد تكلمت بطلاقة في وقت مبكر, وبجمل طويلة مرتبة, ولكنها فجأة عانت من التأتأة, ومنذ قرابة الشهر لاحظنا أنها تكرر أول حرفين, فنقول لها مثلا: قولي اثنين تقول: ( اث اثنين), أو تقول: ( بك بكره) ( عش عشاء) فظننا في البداية أن المسألة عارضة, وأنها تظن أنه لا بد من تكرار الحرفين في بعض الجمل, وفجأة بعد حوالي أسبوعين من هذه المسألة لاحظنا أنها تكرر أول حرف فتقول: ( مممممممحمد) ( ااااااثنين) ( تتتتتتتعال) وبدأنا نشعر بالقلق, حيث لاحظنا اليوم أنها بدأت تنزعج وتضع يدها على فمها في بداية كلامها لكي تنطق أول حرف - إن قلبي ينفطر عليها -.
بالنسبة للسمع فسمعها جيد, ولا تعاني من شيء, ولكن لديها نقص في الوزن, فهي نحيفة, وأخي الكبير الذي هو عمها يعاني من التأتأة في الكلام بشكل كبير منذ صغره إلى أن أصبح كبيرا, فهل ما أصاب ابنتي مسألة وراثية؟ وما هو الحل؟ أم هي مسألة عارضة وستزول؟ وما سبب الذي حصل لها؟ وما هو الحل لعلاج هذه الظاهرة بشكل مبكر؟ وهل هناك دواء معين أو تمارين معينة تقوم بها لتعالج هذه المسألة لأني لا أريد أن تزيد حالتها للأسوأ.
أرجو مساعدتي, ولكم مني جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لذريتك الصحة والعافية والصلاح.
أيها الفاضل الكريم: هذه البنية – حفظها الله – ذكية، ممتازة، متفاعلة مع الأطفال، ولديها زيادة أو إفراط في النشاط الحركي، بعد ذلك ظهرت حالة التأتأة في الكلام، وهذا نعتبره نوعا من النكوص النفسي – أي التراجع النفسي – فهذه الطفلة غالبا ما يكون حصل لها نوع من الانتقاد أو التنبيه الشديد فيما يخص زيادة الحركة لديها، وهذا أدى إلى بعض الرواسب التخويفية، بمعنى أنها تخوفت بعض الشيء، والطفل يحتج من خلال تصرفاته أكثر مما يحتج من خلال الكلام والتواصل الشفوي.
هذا نسميه بالنكوص – أي الرجوع – لمرحلة طفولية مبكرة، فالطفل حين يبدأ التأتأة أو التلعثم أو التبول اللاإرادي أو شيء من هذا القبيل قد تظهر لديه هذه النوعية من الظواهر, هذا هو التفسير الذي أراه مناسبا.
بالنسبة للعوامل الوراثية: نعم ذات تأثير في التأتأة, ولا شك في ذلك، لكن البنات بصفة عامة تقل التأتأة بينهن بدرجة كبيرة جدا، وكما تلاحظ فإن البنت دائما تتكلم في سن مبكرة، وهي أكثر فصاحة.
الذي أراه هو أن هذا الأمر الذي يمر بهذه البنية هو أمر عارض، وعليكم تجاهله تجاهلا تاما، وأن لا نساعدها حتى في إتمام الكلمات، وحين تبدأ التأتأة لديها قم بملاعبتها، وألفت نظرها لأمر آخر، ودعها تتواصل وتختلط مع الأطفال في عمرها، وأشعرها بأهميتها، وأننا نستمع إليها (وهكذا) فهذا - إن شاء الله تعالى - يعطيها المزيد من الثقة في نفسها، مع تجنب الانتقاد أو السخرية منها، ويجب أن نكون حذرين بأن لا يضحك عليها أحد، فهذا قطعا قد يحدث من الأطفال الآخرين، لكن بقدر المستطاع يجب أن نبعدها عن هذا المحيط الذي تكون فيه عرضة للسخرية أو الضحك.
أرجو أيضا أن تلاعبوا هذه الطفلة، فاللعب مهم جدا، والعلاج باللعب من الأساسيات الضرورية جدا لتنمية الطفل وشعوره بالطمأنينة، ودع والدتها – وحتى أنت – أن تنزلوا إلى عمرها الميلادي، وتلاعبوها على هذا الأساس، كأنك طفل في عمرها، فلاعبها، وشاركها لعبة معينة، فهذا ذو تأثير إيجابي جدا على هذه الطفلة.
وإذا بدأنا معها في قراءة بعض الآيات القرآنية البسيطة، فهذا يزيد من طلاقتها، وحين تنطق أي كلمة أو جملة بصورة صحيحة فيجب أن نحتفل بهذا، ونشعرها بهذه الصورة الاحتفالية، ونصفق لها، وتقبلها، وشيء من هذا القبيل، فهذا كله - إن شاء الله تعالى - يحفز الطفلة, ويعطيها إشارات إيجابية ترسخ في دماغها، وهذا ينعكس - إن شاء الله تعالى - إيجابا عليها.
لا أعتقد أنها في حاجة إلى علاج دوائي، بل إننا لا نشجع أبدا على استعمال أي أدوية في هذا العمر.
بالنسبة لافتقادها للوزن: أعتقد أنه سيكون من الحكمة أن تعرضها أيضا على طبيب الأطفال لإجراء بعض الفحوصات العامة، والتأكد من نسبة الدم – أعتقد أن هذا أمر ضروري – وربما يكون أيضا من الأفضل أن يفحص لها البراز والبول للتأكد من عدم وجود ديدان في البراز مثلا، وأنا متأكد أن الأخ أو الأخت الطبيبة الذين سوف يفحصونها سوف يزودونكم بالنصائح المطلوبة حتى تكون هذه الطفلة – حفظها الله – متعافية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لها العافية، وعليك أن تدعو الله تعالى أن يطلق ويحل العقدة من لسانها.