السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة أبلغ من العمر 21 عاما، وأعاني من الخوف الشديد ليلا، وعدم القدرة على النوم بمفردي في الظلام بسبب التفكير بالموت الذي يزداد بشدة ليلا، وأنا أحلم كثيرا ببعض الأشخاص المتوفين الذين كانوا قريبين مني شخصيا، وهذا ما يجعل الفكرة تسيطر على عقلي بأن أجلي قد اقترب.
وأحيانا أستيقظ على حالة غريبة بحيث أستطيع رؤية وسماع كل ما يدور حولي، ولكني أكون غير قادرة على النطق، أو تحريك جسمي بالكامل كالمشلولة تماما، وتستمر هذه الحالة معي لمدة دقيقة، أو اثنين، وهي لا تحدث لي بانتظام، وإنما تحدث غالبا عند التفكير بالموت ومقاومة النوم لشعوري بأنه لو نمت قد لا أستيقظ مجددا وأموت، وأول ما يخطر ببالي، وأنا في هذه الحالة عند الاستيقاظ أن هذه لحظة فراق روحي لجسدي.
مؤخرا حدثت لي مرة دون التفكير في أي شيء قبل النوم، وكنت نائمة أثناء النهار، مع العلم أني محافظة على أذكار ما قبل النوم، وذكر الله، وقد حاولت أكثر من مرة إقناع نفسي أن الخوف ليلا فكرة سخيفة، ولكني لم أستطع التخلص منه، وازداد الأمر معي سوء باقتراب موعد زفاف أختي التي تشاركني في غرفتي، وأنا أرهب بشدة فكرة النوم وحيدة.
أرجو الإفادة وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا.
يكثر الخوف بأشكاله المختلفة عند الناس، وإن كانوا قليلا ما يتحدثون عنه بسبب الخجل أمام الناس، ونسمي عادة هذا الخوف بالخوف أو الرهاب (phobia)
وقد يكون الخوف من شيء محدد كما هو الحال معك من الخوف من مفارقة الروح، والخوف من النوم منفردة، أو الخوف من الأماكن العامة، أو المزدحمة، أو الخوف من المرض.
وهناك الخوف من أمور غير محددة كالشعور الغريب، وكأن أمرا ما قد يحدث، أو الخوف من المستقبل وما يمكن أن تأتي به الأيام.
هذا الخوف يمكن أن يصبح شديدا لحد الوسواس القهري، ونذكر أن تعريف الوسواس القهري أنه مجموعة أفكار، أو صور تخيلية، بحيث أنها تأتي لذهن المصاب رغما عنه، وكلما حاول دفعها عن ذهنه أتته وبشدة.
ويبدو أن هذه كلها سواء الرهاب أو الوسواس إنما هي عرض لحالة من القلق العام، ولعل هناك في حياتك ما يقلقك من مشكلات، أو صعوبات صحية، أو أسرية، أو اجتماعية.. صعوبات تجعلك قلقة عما يمكن أن يحدث لك.
والعادة أن يبدأ الشخص الذي يعاني من الخوف بتجنب الأماكن، أو الأشياء التي يخافها، وإذا به يشعر أن خوفه هذا قد ازداد؛ لأن هذا التجنب لا يحل المشكلة، وإنما يزيدها قوة وعنادا على العلاج.
ولا شك بوجود علاقة بين قرب موعد زواج أختك التي تشاطرك غرفة النوم، وبين الخوف من "الفقدان" فقدان الروح، والنوم منفردة في الغرفة.
ومن الطبيعي أن تفكري ببعض من توفي ممن كان قريبا منك.
حاولي أن تقتحمي المجالات التي تخافيها كالنوم منفردة، أو غيرها من المواقف، وستلاحظين وبعد قليل من الوقت أنك بدأت تتكيفين مع هذه المواقف والحالات، وأن خوفك إما اختفى بالكلية، أو على الأقل أصبح أخف مما كان عليه.
وأنا أنصح عادة أن يقرأ الشخص كتابا عن طبيعة الخوف أو الرهاب وبحيث تتعرفين على طبيعة هذا الرهاب، وكما يقال إذا عرف السبب بطل العجب.
حاولي أن تقومي بتمارين الاسترخاء أو التنفس الهادئ، أو صرف انتباهك لأمر آخر غير هذه الأعراض وهذه المشاعر كالرياضة أو غيرها من الهوايات والأنشطة المفيدة.
والجيد أنك تواظبين على أذكار الصباح، وبالإضافة للأوراد فهناك تلاوة القرآن، والله أعلم.
وإذا طال أمد المعاناة، ولم تشعري ببعض التحسن فيفيد أن نتذكر أن العلاج يقوم بشكل أساسي على مبادئ العلاج المعرفي السلوكي، وهو أفضله.
وبالرغم من فوائد العلاج الدوائي في كثير من الحالات، ولكن يبقى العلاج الأكثر فعالية للخوف أو الرهاب هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو محاولة تغيير السلوك وعدم الاستسلام للأفكار الرهابية، وقد تحتاجين لتطبيق هذه المعالجة مراجعة إما طبيب نفسي، أو أخصائي نفسي حيث تعيشين، وهو يمكن أن يشرف على العلاج المعرفي السلوكي بالإضافة للعلاج الدوائي.
عافاك الله، وكتب لك الشفاء، ويسر لك الخير.