أحببت شابا وتعلقت به، فكيف أتخلص من ذلك؟

0 418

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

عمري 16 سنة، أحببت شخصا عن طريق الانترنت، وتعلقت به جدا لدرجة أنه إذا لم يحادثني في يوم أبكي، ومنذ شهرين وأنا أحلم في هذا الشخص، حلمت بأنه جالس على البحر وحيدا، وأنا بعيدة عنه، أتمنى تفسير الحلم.

دائما أفكر فيه، ولا أدري كيف أتخلص من ذلك؟، فقد أثر على حياتي كثيرا، لدرجة أني أفكر به حتى وأنا نائمة أو حال دراستي.

فما نصيحتكم لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونسأل الله أن يعينك على أن تعمري قلبك بحب الله تبارك وتعالى، فإن الإنسان إذا أحب الله تبارك وتعالى، وانطلق في محابه من حبه لله، فأحب الرسول الذي أرسله، ولا يكتمل إيمان مؤمن (ولا مؤمنة) حتى يحب الرسول - صلى الله عليه وسلم – أكثر من نفسه وماله وأهله والناس أجمعين، ثم بعد ذلك ينطلق في المحاب ليحب الأشياء التي يحبها الله، والتي جاءت بها شريعة الله تبارك وتعالى، وتتقيدي في علاقاتك الخاصة والعامة بضوابط وأحكام هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

ولا شك أن الإنسان إذا فتح على نفسه أبواب الشهوات، وأطلق لقلبه العنان ليتيه في أودية الضلال والغفلة، وتعلق بأمور لا ترضي الله تبارك وتعالى، واستبدل ذلك بحب الله، عذبه الله تبارك وتعالى بما أحب، ونعتقد أن الأمر بيدك، والرجوع في هذا الأمر سهل، فاجعلي محبة الله هي الأعلى وهي الأغلى، وهكذا، لأن الله هو الوهاب، واهب النعم، الخالق خلقنا في أحسن تقويم، {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير.

ونؤكد لك أن التوقف عن هذا التواصل مع هذا الشاب رغم صعوبته إلا أنه الحل الوحيد، ورغم مرارته إلا أن الاستمرار هو الأشد مرارة، وهو الذي يمكن أن يدمر عليك مستقبل الحياة، ونؤكد لك أن عالم النت والتواصل من خلاله هو نوع من الوهم، ونوع من الجري وراء السراب، وهذا الشاب الذي يتكلم – هذا إذا صدقنا أنه شاب أصلا، وربما يكون كبيرا في السن، وربما يكون عابثا يعبث بمشاعر أخريات مثلك، فينبغي أن يتجنب الإنسان التواصل بهذه الطريقة التي لا ترضي الله تبارك وتعالى.

ونؤكد لك – ابنتنا الفاضلة – أن بلوغ العافية – بإذن الله – بيدك، وأنك وضعت - ولله الحمد - رجلك على أول خطوات النجاح بالاغتمام بهذا الأمر، ثم بالتواصل مع هذا الموقع الشرعي، الذي نحب أن نؤكد لك من خلاله أن الإسلام لا يعترف بأي علاقة بين فتى وفتاة إلا في العلن، إلا أن تكون علاقة معلنة واضحة بحضور الأهل وسمعهم وموافقتهم ومشاركتهم، وهو ما يسمى (الخطبة)، أما بغير ذلك فإن الإسلام لا يبيح أي نوع من التواصل، وحتى إذا أرادت الفتاة أن تتواصل فعليها أن تتواصل مع الصالحات، والشاب يتواصل مع الصالحين من الذكور من أمثاله، أما العلاقة بين الجنسين بهذه الطريقة فإن الشريعة لا ترضاها، وما من شيء نهت عنه هذه الشريعة إذا خالفناها إلا جلبنا لأنفسنا المتاعب، وجلبنا لأنفسنا الآلام.

ولذلك أرجو أن تنتبهي؛ لأن البداية الصحيحة هو التوقف والتأدب بآداب هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

وإذا كان في هذا الشاب خير فعليه أن يطرق الباب، ويأتي داركم من الباب، ويكون علاقة شرعية رسمية معلنة كما يريد الله تبارك وتعالى، بعد أن تتوبوا من العلاقة الخاطئة التي كانت في الخفاء، وهذا التواصل الذي تم بينكم، ونحن نحذر ونخوف بالتي هي أصعب، لأن التعمق في مثل هذه العلاقات؛ يجلب للإنسان تعاسة الأبد، فإن الإنسان قد لا تتاح له إكمال هذه العلاقة، وفي هذه الحال يتعب جدا، وقد يتاح له إكمالها وسيتعب جدا، لأن هذه العواطف التي لم تتقيد بأحكام الشرع تتحول بعد ذلك إلى شكوك وظنون ومعاناة للطرفين، ففي كل الأحوال المقدمات والبدايات الخاطئة لا توصل إلى نهايات صالحة، والذي يبدأ علاقة آثمة بهذه الطريقة لابد أن يدفع الثمن، ونحن لا نريد لك دفع هذا الثمن، بل نريد لك أن تتحملي آلام الفراق والتوقف الآن، ثم تشغلي نفسك بالمفيد، بطاعة ربنا المجيد سبحانه وتعالى.

وننصحك بتغيير الإيميل، وقطع التواصل، ومحو كل ما يوجد في الذاكرة مما يمكن أن يذكر بتلك العلاقة التي جلبت لك المتاعب، ونؤكد لك أنك مسلمة وصاحبة إرادة، وأن المسلمة التي تركت طعامها وشرابها قبل مدة وجيزة لله في رمضان، تستطيع أن تترك مثل هذه العلاقات، لأنها بعد تركها للطعام والشراب والشهوة المحرمة لله دلت على أن لها إرادة، وهذا هو الذي نريد أن تنتبهي له، فأنت تستطيعين أن تفعلي الكثير، فلا تستسلمي ولا تضعفي أمام هذه العلاقة، وتذكري أن هذا الشاب كغيره من الشباب فيه عيوب، وأنه لا يظهر لك إلا الجانب المشرق (وهو الحسنات)، ونحن نؤكد أيضا أنه معاق اجتماعيا، لأنه فشل في أن يقيم علاقة طبيعية في المحيط الذي هو فيه، فبدأ يدخل إلى هذا العالم الغامض – وهو عالم الإنترنت – الذي أصبح بكل أسف يشبه الإدمان عند كثير من شبابنا وفتياتنا، وهو عبارة عن إعاقة اجتماعية كاملة تعيق الإنسان عن التواصل في عالمه الحي، ويهرب من ذلك، يهرب من واقعه، ويهرب من حياته إلى هذا العالم الافتراضي (عالم النت)، والعالم الآن يعالج هذه الظواهر على أنها إدمان، وهذه المقدمات لا تبشر بخير.

ونؤكد لك أن العظيم تبارك وتعالى يمهل ولا يهمل، فأدركي نفسك، واعلمي أن الله يستر على العاصي ويستر عليه، فإذا لبس للمعصية لبوسها هتكه وفضحه وخذله، وحال بينه وبين الرجوع إلى الله تبارك وتعالى.

مرة أخرى نؤكد لك أن هذا القلب غالي فلا تمنحيه إلا لله، وهذه النفس غالية فلا تشغليها إلا بما يرضي الله، ونكرر ترحيبنا بك في الموقع، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية والسداد، ونكرر شكرنا، وهذه مشاعر آباء، فأنت عندنا بمنزلة البنت العزيزة والأخت الكريمة.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات