حزن واكتئاب وتفكير دائم بالانتحار.. مدوا لي يد العون

0 805

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة في العشرينات من عمري، أحاول إيجاد حل لمشكلتي، لكني لم أستطع، حاولت أكثر من مرة، لكن لا جدوى من المحاولة، تعبت من كثرة ما ينصحونني أن لا أفكربهذا وأن أنسى، وأشغل نفسي، لكني لم أستطع، أفكر دائما بالانتحار بشكل يومي، عندما أذهب للنوم، وعندما أستيقظ هكذا بشكل يومي، وقد سبق وأن حاولت الانتحار بجرح يدي، ولكني فشلت.

الآن أفكر أن أرمي بنفسي من مكان مرتفع؛ حتى لا أعيش، أكره نفسي كثيرا، فأنا لا أطيق العيش في الحياة، ولا أشعر بشيء، ودائما حزينة، وأشعر أني وحيدة، بالرغم من وجودي بين أهلي، وأميل للعزلة والانطوائية، وأكره نفسي وبشدة، ولا أريد العيش، وأتمنى أن أموت، وأتمنى أن يرزقني الله الموت وأنا ساجدة حتى تكون نهايتي بيدي، أعلم أن هذا خطأ، وأعرف أنه يغضب ربي، لكني -وأقسم بالله- أني أستطيع التخلص من هذه الفكرة، أشعر بألم في نفسي، فقط أريد الموت، وأدعو في صلاتي أن أموت وأنا ساجدة قبل أن أفعل شيئا لا يحمد عقباه.

لا أستطيع نسيان ما حدث لي في الصغر، وذكرياتي المؤلمة؛ فقد كانت طفولتي تعيسة، وأثرت علي بشكل كبير، وكان السبب الأكبر هو والدي، أكرهه وأحبه بنفس الوقت، ولا أعلم ما يحدث لي؟ ذهني مشتت، وحياتي تغيرت للأسوأ، لم أكن هكذا، كنت كثيرة الابتسامة، اجتماعية، إلا أنني مع الضغوطات التي أعيشها أصبحت أسيرة للأحزان، لم أستطع إيجاد حل للمشاكل، فقد مررت أثناء مرحلة المراهقة بفترة صعبة؛ بسبب فقد الحنان، وأصبحت كثيرة الصمت وانطوائية، لا أكلم أحدا، حتى إذا مرضت لا أخبر أحدا، أعالج نفسي، ولا أحب مساعدة أحد، إلا أنني تحسنت عندما ذهبت لمرحلة الثانوية، أصبحت اجتماعية، كثيرة الابتسامة والمزاح، وبعد تخرجي منها ودراستي بالجامعة زادت حالتي، والتفكير بالانتحار، وكرهي الحياة لنفسي وللرجال.

دائما حزينة، وفقدت ابتسامتي، وأصبحت أفكاري مشوشة، ولا أستطيع التحكم بنفسي، لدرجة أني أنام كثيرا؛ حتى لا أفكر بهذا التفكير، وفقدت وزني.

الآن لشدة الأفكار لم أستطع النوم، وعندما أريد النوم أشعر أن رأسي ينفجر، أريد الصراخ لشدة الأفكار، وأشعر أن الحياة لا معنى لها، وأن كلها ظلم وتعب، وقهر وحزن، حاولت أن أغير أفكاري، ولا أجلس لوحدي، لكن لا جدوى من المحاولة، أنا في هم وتعب كبير لا أستطيع تحمله، والله مللت من حالتي التي لا تتغير حتى وأنا أصلي أحاول أن أنسى، وأن يلهمني الله الصبر، لكن لا شيء يتغير، نفس الحالة، بل تتغير للأسوأ حياتي لا معنى لها أبدا، أريد حلا، وآسفة على الإطالة، وكلماتي غير المرتبة، لكن هذا ما أشعر به.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جودي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأفكار الانتحارية المتكررة في مثل عمرك غالبا تكون مرتبطة بصعوبات في الشخصية مع وجود عسر مزاجي، وهذه الأفكار قطعا مزعجة، فهي تجعل صاحبها يفتقد السعادة، وفي ذات الوقت ربما يكون سببها أيضا شعور الإنسان بأنه أصلا غير سعيد.

فإذا هي ذات علاقة مركبة من حيث المفاهيم النفسية السلوكية، بمعنى أنها هي السبب، وفي ذات الوقت الناتج الذي يؤدي إلى المزيد من الأفكار السلبية.

أيتها الفاضلة الكريمة: في مثل حالتك المطلوب هو الآتي:

أولا: لا تكتمي هذه الأفكار - أفكار الانتحار – تحدثي مع أحد من أسرتك، من تثقين فيه تحدثي معه، والحديث عن هذه الأفكار وجد أنه يريح صاحبه، وفي ذات الوقت سوف تجدين المساندة المطلوبة في الشخص الذي تتحدثين معه.

ثانيا: اتصلي بأحد الداعيات في أحد مراكز تحفيظ القرآن (مثلا) وتحدثي معها حول هذا الموضوع.

ثالثا: تحدثي مع إحدى المدرسات السابقات في الثانوية أو ممن تعرفين في الجامعة.

إذا الآن لديك ثلاثة مصادر لما نسميه بالتفريغ النفسي، والتفريغ النفسي في حد ذاته يخفف من وطأة الأفكار الانتحارية بنسبة خمسين بالمائة، وهذا نعتبره أمرا جيدا.

النقطة الثانية – وهي المهمة -: أن تخطري وتخبري ذويك وتذهبي إلى الطبيب النفسي، يجب أن تذهبي مباشرة للطبيب النفسي، أنا أعرف أن هذه الأفكار مزعجة محزنة، وحتى إن كنت لا تريدين الموت حقا ربما تقومين بفعل لا تحمد عقباه، وذلك من خلال الحسابات الخاطئة، فقد شاهدنا ذلك كثيرا.

إذا التوجه لمقابلة الطبيب النفسي يجب أن تأخذ أسبقية قصوى، و-الحمد لله- تعالى المملكة العربية السعودية بها الكثير من الكفاءات العلمية النفسية العالية جدا.

النقطة الثالثة هي: أن تلتفتي لنفسك، وأن تسألي نفسك: لماذا هذه الأفكار القبيحة؟ هل لأن حياتي وطفولتي كانت تعيسة؟ هل لأنني كنت أحب وأكره والدي في نفس اللحظة؟ وسوف تجدين الإجابة، الإجابة الراشدة تقول لك أن الماضي قد انتهى، والمهم هو الحاضر والمستقبل، وأن طفولتك لم تكن تعيسة بالقدر الذي تتصورينه.

وأن علاقتك بوالدك وأن الكراهية التي تأتيك هي كراهية لحظية، أما الحب فهو حب جبلي وأبدي.

وفي هذا السياق أيضا ضعي صورة جميلة وإيجابية للمستقبل، تصوري نفسك أنت في بيت الزوجية السعيد، تصوري نفسك أنك قد تحصلت على درجة علمية فوق المستوى الجامعي، تصوري أنك أصبحت إنسانا نافعا لنفسه ولغيره... هذه تأملات واقعية وليست خيالية.

النقطة الأخرى – وهي ذات أسبقية هامة -: أن تسألي الله تعالى أن يحفظك، وأن تتأملي في خلق الله تعالى، كيف قد خلقك في أحسن تقويم، وتستعيذي بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وما يسلطه الشيطان عليك من أفكار لعينة، وقولي لنفسك (أنا لن أنتحر أبدا؛ لأن الانتحار حرام، وأنا أريد الجنة، و-إن شاء الله- أنك سعيدة في الدنيا والآخرة) وسلي الله تعالى أن يثبتك بالعمل الصالح في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

هذا نوع من التعزيز النفسي المهم والضروري جدا، والذي يجب أن تلجئي إليه في مثل هذه المواقف.

أريد أن أسألك: أين صديقاتك من الشابات الجيدات الصالحات؟ ما أجمل التواصل معهن والجلوس معهن، انظري إلى الحياة من هذه الزوايا.

زيدي من معدل علاقاتك الاجتماعية مع الصالحات من الفتيات كما ذكرت لك، وأنت الآن قد يكون لديك شيء من الفراغ المزعج، هذا الفراغ املئيه بأي شيء صالح، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، مارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، اقرئي، أكثري من الاطلاعات الغير أكاديمية.

الحياة جميلة وطيبة جدا - أيتها الابنة الكريمة – فاستثمريها في عمل الخير وخير العمل، وهي كما قال عنها -صلى الله عليه وسلم-: (الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون).

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات