أعاني من حالات اكتئاب ورهاب متعددة الصور ما العلاج المناسب؟

0 653

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي د. محمد عبد العليم حفظه الله ورعاه.

في عمر 12 عاما أصبت بحالة اكتئاب خفيفة كانت تنتابني من بعد صلاة العصر وحتى أذان المغرب، لم أتعالج وقتها واختفت الأعراض بعد شهر، وأعاني من رهاب الأماكن المغلقة يلازمه رهاب من الزحام والأنفاق والظلام الحالك، وهذا يلازمني منذ صغري، لم أتعالج منه فقط أبتعد عن المسببات.

أبلغ من العمر 41، قبل 6 أشهر انتابتني حالة من الهلع الشديد أيقظني من النوم، وتلازم معه آلام شديدة في المعدة والظهر، مع شعور بالاختناق، وتكررت هذه الحالة فأصبحت تلازمني في كل وقت، وفقدت شهيتي لكل الشهوات مع اضطراب في النوم.

وبعد شهر تأكدت أني أعاني من حالة اكتئاب ما بين المتوسطة والشديدة، ولم أعد أشعر بأي طعم للحياة.

ذهبت لطبيب نفسي فوصف لي بروزاك 40mg، ورسبريدال 1mg في اليوم، فبدأت أتحسن بعد شهر، والآن بعد 6 أشهر أصبحت أفضل حتى مما كنت قبل الاكتئاب والحمد لله.

السؤال:

1- هل يتعارض بروزاك مع رسبريدال؟ حيث إنني أنوي إيقاف ريسبيردال والاستمرار مع بروزاك، فهل لهذين الدوائين أعراض انسحابية؟

2- حيث علمت أن المرض يعود لحالات كثيرة بعد توقف العلاج، فكم احتمالية عودة المرض؟ وما هي الجرعة الوقائية ومدتها؟ وهل يكفي للوقاية بروزاك، أم يجب أيضا أخذ ريسبيريدال؟

3- هل سيفيدني هذا العلاج في الخروج من رهاب الأماكن المغلقة، أم تنصحني بفعل شيء آخر؟

4- هل يسبب بروزاك نزيفا في المعدة ونقصا في الصوديوم؟ وهل يتعارض مع شرب القهوة؟ وما رأيكم في ريسبيريدال، هل هو حقيقة سيئ ومدمر؟

اعتذر عن الإطالة، بارك الله فيكم، ونفع بكم الأمة، ووفقكم لكل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك واضحة جدا، وأتفق معك أن حوالي أربعين بالمائة من الذين يعانون من الخوف بجميع أنواعه، بدأ الخوف لديهم منذ فترة الصغر، وربما يكون قد حدثت لهم بعض التجارب الحياتية السلبية في ذلك الوقت، وحتى إن كانت هذه الأسباب واهية وبسيطة، لكنها قد تكون لعبت دورا في الإصابة بالمخاوف المستقبلية، والمخاوف حين تأتي بعد عمر الثلاثين لا شك أنها تكون مصحوبة بشيء من الكدر وعسر المزاج.

أخي الكريم: أنت تسير على الطريق العلاجي الصحيح، لكن أود أن أؤكد لك أن الدواء لوحده لا يكفي، الأدوية الحديثة فعالة، والأدوية الحديثة ممتازة، لكن لا بد أن تعتمد كثيرا على الآليات السلوكية، والتي تقوم على تقدير الذات بصورة صحيحة (مواجهة المواقف التي يحس فيها الإنسان بالمخاوف – عدم التجنب – الإكثار من التواصل الاجتماعي – تنظيم الوقت بصورة صحيحة – ممارسة الرياضة – الحرص على العبادة – وأن تكون الصحة النومية والصحة الغذائية مرتبة بصورة تفيد الإنسان).

هذا هو الذي أنصحك به، والآن أود أن أجيب على أسئلتك:

السؤال الأول: لا يوجد أي تعارض ما بين البروزاك والرزبريادال، على العكس تماما الدوائين لهما فعالية تضافرية مع بعضهما البعض، ولا توجد أي آثار أو خلل سلبي على مستوى استقلاب الدوائين في الكبد.

الرزبريادال حين يعطى بجرعة واحد إلى اثنين مليجرام يعطى من أجل تدعيم الدواء الآخر، ووجد أن الذين يعانون من المخاوف أو الوساوس –على وجه الخصوص– حين يتناولون جرعة صغيرة من الرزبريادال مع الأدوية الأخرى مثل البروزاك مثلا، تكون الفعالية عالية جدا.

بفضل من الله تعالى البروزاك تقريبا هو الدواء الوحيد من المجموعة التي لا تسبب أي آثار انسحابية حين التوقف منه، وذلك لسبب بسيط؛ لأن هذا الدواء يتميز بأن له إفرازات ثانوية، تظل في الدم لمدة أسبوع أو أكثر بعد التوقف منه، فأرجو أن تطمئن تماما، والرزبريادال أيضا ليس له أي آثار انسحابية، خاصة أن الجرعة التي تتناولها هي جرعة بسيطة.

سؤالك الثاني: علمت أن المرض يعود لحالات كثيرة بعد التوقف عن العلاج؟ نعم أربعين إلى خمسين بالمائة من الناس قد تأتيهم انتكاسات، لكن هنالك أسبابا لذلك، مثلا: الذين لا يتبعون التعليمات والإرشادات العلاجية بصورة صحيحة، الذين لا يطبقون الآليات العلاجية السلوكية والاجتماعية، الذين تكون لديهم ضغوطات حياتية أكبر.

فيا أخي الكريم: من يتناول علاجه الدوائي بصورة صحيحة، وبالجرعة المطلوبة، وللمدة المحددة، ويدعم العلاج الدوائي بالعلاج السلوكي؛ قطعا احتمالية الانتكاسة ضعيفة جدا، وحتى إن أتت انتكاسة تكون في شكل هفوات مرضية بسيطة يتخطاها الإنسان؛ لأنه أدرك تماما الآليات التي يستطيع من خلالها أن يتكيف على حالته.

بالنسبة للجرعة الوقائية: أنا أرى دائما أن تناول الدواء لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر بعد التحسن المطلق قد تكون كافية جدا، والبروزاك بالفعل هو دواء كافي للوقاية، بل يوجد نوعا من البروزاك يسمى (بروزاك 90) هذا النوع من البروزاك يتم تناوله مرة واحدة في الأسبوع، هو متوفر في بعض الدول وغير متوفر في غيرها، وأنا أراه علاجا ممتازا جدا للوقاية.

ليس هنالك حاجة للرزبريادال، فالرزبريادال أصلا أعطي لك بهذه الجرعة الصغيرة كعلاج تدعيمي وليس علاجا أساسيا.

سؤالك: هل سيفيدك هذا العلاج في الخروج من الرهاب من الأماكن المغلقة؟ نعم –أخي الكريم– بإذن الله تعالى يفيدك، لكن يجب أن تركز على العلاجات السلوكية، والعلاجات السلوكية تقوم على مبدأ التعريض أو التعرض، تصور نفسك دائما في مكان مغلق -مثل المصعد، الغرفة المظلمة- وحاول أن تقتحم وتدخل هذه الأماكن وتكثر من ذلك، فالتعريض، وعدم التجنب، هي الأسس الرئيسية لعلاج رهاب الأماكن المغلقة.

سؤالك: هل يسبب البروزاك نزيفا في المعدة؟ نعم قد يسبب نزيفا في المعدة، لكن هذا نادرا ونادرا جدا، ولوحظ أنه يحدث لكبار السن، والنقص في الصوديوم أيضا قد يحدث، لكنه نادرا ونادرا جدا أيضا، ويحدث أيضا لكبار السن، أو الذين يعانون من أمراض عضوية أخرى.

وهل يتعارض مع شرب القهوة؟ لا ليس هنالك تعارض ما بين تناول البروزاك أو الرزبريادال مع شرب القهوة.

رأيي في الرزبريادال؟ أنه دواء ممتاز، دواء فعال، إذا أعطي بالجرعة الصحيحة وللحالة الصحيحة وبواسطة الطبيب الصحيح.

أشكرك أخي الكريم، وبارك الله فيك، وسعدنا جدا بمراسلتك لنا.

مواد ذات صلة

الاستشارات